نشرت صحيفة “التايمز” تحليلا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر قال فيه إن دروس التاريخ من عام 2000 تعطي رؤية عن النزاع الحالي.
وقال إن التصعيد في العنف بالقدس الشرقية وغزة كان مفاجئا ولكن متوقعا. وأضاف أن الأحداث اندلعت بعد “سلسلة من المواجهات، وبخاصة قتال حول حقوق الملكية”، وهو موضوع دائما حساس. ثم تبعه احتجاجات الشباب في الأسبوع الماضي والتي بلغت في المشاهد التفجيرية في أكثر المواقع الدينية إثارة في القدس وهو مجمع المسجد الأقصى، مشيرا إلى أن استخدام الشرطة الإسرائيلية القنابل الصوتية والرصاص المطاطي في داخل المجمع زاد من الاشتعال. وكان التوقيت جيدا لإحداث عاصفة، فهذا هو الأسبوع الأخير من رمضان ويوم القدس في يوم الإثنين الذي يحتفل فيه بالسيطرة الإسرائيلية على القدس في عام 1967.
ذكرت أحداث يوم الإثنين الكثيرين ببداية الانتفاضة الثانية قبل 20 عاما، وهي فترة دموية من العمليات الانتحارية وإطلاق الجيش للنار والتي خلفت آلافا من اليهود والعرب قتلى
وذكرت أحداث يوم الإثنين الكثيرين ببداية الانتفاضة الثانية قبل 20 عاما، وهي فترة دموية من العمليات الانتحارية وإطلاق الجيش للنار والتي خلفت آلافا من اليهود والعرب قتلى، مدنيين ومقاتلين.
وكانت بدايتها في الزيارة المستفزة في أيلول/سبتمبر 2000 والتي قام بها أرييل شارون، حيث كان زعيما للمعارضة، إلى ساحة الأقصى. ولم يدخل شارون المسجد ولكن رافقه عدد من أعضاء الليكود وحراسة من الشرطة. وأدت الاحتجاجات إلى الشغب والذي ردت عليه السلطات بطريقة قاسية. وبغضون أشهر انقسم البلد إلى أجزاء بالانتفاضة الثانية. وظل الحديث عن انتفاضة ثالثة يتكرر في السنوات الماضية في ظل حالة الركود الاقتصادي والسياسي الفلسطينية وسيطرة المستوطنين على ممتلكات وأراضي الفلسطينيين. وعادة ما قلل الساسة والمعلقون من أهمية الأحداث وأنها ليست في مصلحة الطرفين، لكن عقدين مرا على زيارة شارون بدون أي مؤشر عن نجاح “العملية السلمية” التي تقود إلى دولة فلسطينية مستقلة.
ولم تحظ عملية ضم إسرائيل للقدس الشرقية بدعم من الفلسطينيين، فلا تزال المعارضة لها شديدة جدا وكذا المجتمع الدولي إلا أنها “باتت لا رجعة عنها أكثر وأكثر”.
وتساءل سبنسر: “ماذا لو شعر الشباب الذين يرشقون الحجارة ويواجهون قنابل الغاز المسيل للدموع في منازلهم وتحاصرهم قوات الأمن من جميع الجهات ولا يستطيعون التحرك بسبب فيروس كورونا الذي لا أمل للكثير من فلسطينيي الضفة الغربية في تلقي اللقاح المضاد له في الوقت الحالي، أنه لم يعد لديهم أي رهان؟” أو ما يخسرونه.
ويرى الكاتب أن هناك العديد من مظاهر الشبه بين ما حدث قبل عشرين عاما وما يحدث اليوم. ففي ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة التي فشلت بالتوسط في تسوية سلمية بمحادثات كامب ديفيد على أهبة تغيير الإدارات من الرئيس بيل كلينتون إلى جورج دبليو بوش.
وفي إسرائيل شعر شارون بضعف حزب العمل الحاكم وكان يحاول إظهار أنه الرجل القوي، وأصبح بعد حادثة الأقصى رئيسا للوزراء في شباط/فبراير العام التالي.
واليوم ينتظر الفلسطينيون مع إسرائيل والمنطقة بشكل عام الكيفية التي ستدير فيها إدارة جوزيف بايدن سياستها الخارجية. وبلا شك حاولت كل الأطراف الحصول على دعمه والحصول على السبق.
وفي الوقت نفسه تعيش إسرائيل أزمة سياسية، حيث يحاول بنيامين نتنياهو خليفة شارون وحامل الراية من بعده التمسك بالسلطة، رغم خسارته انتخابات كانت نتائجها متقاربة. وأضاف الكاتب أن الفارق بين الماضي والحاضر والذي تعتمد عليه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية المتوترة بشكل واضح، هو أن تيار التاريخ وإن ظل يراوح في مكانه إلا أنه يمضي في الوقت الحالي في الاتجاه المعاكس أو هكذا يبدو. ويقول إن الرئيس دونالد ترامب ولد حسا انتصاريا لدي اليمين الإسرائيلي المتطرف من خلال الدعم غير المشروط الذي قدمه لنتنياهو، إلا أن بايدن، الذي لديه تاريخ من الدعم لإسرائيل، أبدى معاداة تجاه نتنياهو وتجاوزاته.
وأشار الكاتب إلى أن أحزاب المعارضة التي تحاول تشكيل تحالف يحل محله تريد تهدئة الوضع وليس إشعاله. وفي مؤشر على تغير الزمن، التقى نفتالي بينيت، زعيم حزب “يمينا” القومي اليهودي، أمس، بالإسلامي العربي منصور عباس لمناقشة انضمامهما إلى حكومة مناهضة لنتنياهو يهيمن عليها الوسطيون. وقال سبنسر إن هناك أسبابا للتفاؤل وأن تتم الاستجابة لدعوات التهدئة من لندن وواشنطن وأماكن أخرى، على الرغم من أن قلة ستكون واثقة من ذلك، بعد أعمال العنف في مجمع المسجد الأقصى صباح الإثنين.
القدس العربي