على خطى جنرالات فرنسا: 124 جنرالا وأدميرالا أميركيا يحثون على إنقاذ بلادهم

على خطى جنرالات فرنسا: 124 جنرالا وأدميرالا أميركيا يحثون على إنقاذ بلادهم

واشنطن – أطلق 124 من الجنرالات المتقاعدين صرخة لـ”إنقاذ أميركا” بسبب تهاون إدارة الرئيس جو بايدن في التعاطي مع الانفلات الداخلي، وخاصة الانفتاح على إيران والقرار غير المحسوب بالانسحاب من أفغانستان.

وتأتي المطالبة الأميركية بعد أيام من توقيع المئات من العسكريين الفرنسيين، من بينهم عشرون جنرالا، رسالة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون تحذّر من تفكك الدولة بسبب صعود الإسلاموية وخطاب الكراهية ما قد يقود إلى حرب أهلية.

وتدخّل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي أمر نادر في الغرب، ما يجعل تزامن الرسالتين بمثابة إنذار جدي بأن تعاطي الدول الغربية بسلبية مع ظهور مجموعات متنافرة ثقافيا ودينيا قد يهدد بنسف الدولة من الداخل، وأن تحرّك مُوقّعي هذه الرسالة هو مِن أجل لفت الأنظار والضغط لإعادة الأمور إلى نصابها.

ويحذر العسكريون من أن تؤدي الدعوات المبالغة في الليبرالية إلى قبول التنوع مثل حركات السود، والاعتراف بالإسلاموية، وفتح الباب أمام تدفق اللاجئين إلى حالة من الفوضى تهدد المبادئ التي تأسست عليها الدولة الأميركية أو الفرنسية، وأن على الذين وصلوا بعد انطلاق قطارها أن يتأقلموا مع هذه المبادئ وليس تغيير المبادئ لكي تحتضن هذه التنويعات.

واستعادت رسالة العسكريين الأميركيين، الذين أسموا أنفسهم “ضباط العلم من أجل أميركا”، نفس ما قالته رسالة نظرائهم الفرنسيين.

وقال كبار العسكريين الأميركيين إن “أمتنا في خطر عميق. نحن في صراع من أجل بقائنا كجمهورية دستورية”، وإن “بقاء أمتنا وقيمنا التاريخية بات على المحك”، محذرين من تسلل اليسار والإسلاميين والفوضويين إلى المجتمع في مقابل صمت إدارة بايدن.

وقال الميجر جنرال جو أربوكل الذي يقف وراء هذه الرسالة لموقع بوليتيكو “إن الجنرالات والأدميرالات المتقاعدين لا يتدخلون عادة في الأمور السياسية إلا أن الوضع الذي نواجهه اليوم خطير وفي حال بقينا صامتين سنكون كمن يهمل واجبه تجاه البلاد”.

الجنرال جو أربوكل: بقاؤنا صامتين يظهرنا كمن يهمل واجبه تجاه البلاد

ويعتبر مراقبون أن الرسالة تحمل بعدا أوسع من غضب الجنرالات على “دكتاتورية الديمقراطيين” وأنها تخفي حالة من القلق الواسع لدى الأميركيين من عجز الحكومات المتتالية، بما في ذلك حكومة الرئيس السابق دونالد ترامب، عن تفعيل الإجراءات التي تحد من الخطر الخارجي داخل الولايات المتحدة.

ورغم عداء إدارة ترامب للإسلاموية فإن تهديداته بمواجهتها على الأراضي الأميركية ظلت حبرا على ورق. ويعطي صعود بايدن فرصة لمجموعات مختلفة من الإسلامويين للتحرك بحرية كبيرة وتفعيل علاقاتهم الخارجية دون مخاوف، خاصة بعد مساهمتهم في حملته الانتخابية.

وينظر الأميركيون بقلق لاتساع أنشطة اللوبيات الأجنبية التي نجحت في اختراق المؤسسات الأميركية، وخاصة الكونغرس، وباتت تتحكم في السياسة الخارجية لبلادهم؛ من ذلك نجاح اللوبي الموالي لإيران الذي يدفع إدارة بايدن إلى تكرار خطأ الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.

وأيا كانت حسابات بايدن من إعادة العمل بالاتفاق النووي مع إيران، فإنه يقدم خدمة مجانية للإيرانيين الذين يتقنون المناورة وربح الوقت، ليقطعوا خطوات لا يمكن التراجع عنها أو منعهم من الانضمام إلى نادي الدول النووية. وينظر الأميركيون بحساسية كبيرة لموضوع إيران التي ظلت تتحداهم منذ ثورة 1979 وما تبعها من احتجاز أميركيين وصولا إلى تهديد الوجود الأميركي في العراق ومصالح الولايات المتحدة في الخليج.

ويعتقد متابعون أن سماح بايدن لإيران بتثبيت نفوذها في المنطقة ربما يقوي نزعة الجنرالات لدخول العمل السياسي خاصة أن إستراتيجية البيت الأبيض هذه تبدد المكاسب التي حققتها المؤسسة العسكرية في العراق وأفغانستان.

ولأجل مغامرة الانسحاب غير المحسوب في أفغانستان شككت رسالة العسكريين في قوى بايدن العقلية وأهليّته، وقالت إن “الوضع العقلي والجسدي للقائد العام للقوات المسلحة الأميركية لا يمكن تجاهله.. عليه أن يكون قادرًا وبسرعة على اتخاذ القرارات الصحيحة في ما يتعلق بالأمن القومي على مدار اليوم”.

ويُعتقد أن رسالة كبار القادة العسكريين في الولايات المتحدة ستجد تفاعلا من جهات أميركية مختلفة، وخاصة من المجموعات الشبابية، في ظل نجاح فوضى التنوع في التغطية على الهوية الأميركية الأصلية، وهو ما عبرت عنه احتجاجات الداعمين لترامب خلال الهجوم على مبنى الكابيتول والشعارات التي رفعت آنذاك.

ورغم رفض السياسيين لتدخل المؤسسة العسكرية في السياسة فإن رسالة كبار العسكريين الفرنسيين قد وجدت تفاعلا كبيرا داخل المجتمع الفرنسي المتضرر من التشدد والكراهية التي باتت تسيطر على أجيال جديدة من أبناء المهاجرين تحت تأثير مجموعات الإسلام السياسي التي تستفيد من تساهل القيم الفرنسية لتنفيذ أجندتها في التحريض.

وأظهر استطلاع لاحق أن 58 في المئة من الفرنسيين يؤيدون رسالة العسكريين، و73 في المئة يعتقدون أن فرنسا تتفكك، و84 في المئة يعتقدون أن العنف يتزايد، و49 في المئة يعتقدون أن على الجيش “إعادة النظام”، ما يظهر تفاعلا كبيرا مع التحذيرات التي أطلقها عشرون جنرالا ومئة ضابط رفيع المستوى وأكثر من ألف عسكري بأن “فرنسا في خطر”.

العرب