الانتخابات الرئاسية الإيرانية أشبه بـ”جثة هامدة” تستوجب تدخل خامنئي

الانتخابات الرئاسية الإيرانية أشبه بـ”جثة هامدة” تستوجب تدخل خامنئي

طهران – أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء توجيهه رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بشأن ترشيحات الانتخابات الرئاسية المقبلة، طالبا مساعدته في توفير “منافسة” أكبر فيها، بعد استبعاد شخصيات بارزة من الترشح.

وقال روحاني في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الأربعاء “جوهر الانتخابات هو المنافسة، إذا حذفتم ذلك، تصبح جثة هامدة”.

وأضاف “بعثت برسالة إلى القائد الأعلى أمس (الثلاثاء) بشأن ما أفكر به، وإذا كان قادرا على المساعدة” في هذا الشأن.

وتجرى الدورة الأولى للانتخابات في 18 يونيو، لاختيار خلف للمعتدل روحاني الذي لا يحق له دستوريا الترشح هذه المرة بعد ولايتين متتاليتين في منصبه.

ونشرت وزارة الداخلية الثلاثاء لائحة من سبعة مرشحين بينهم خمسة من المحافظين المتشددين، صادق مجلس صيانة الدستور على خوضهم المنافسة. وأثارت اللائحة انتقادات على خلفية هيمنة توجه سياسي واحد عليها، واستبعاد شخصيات معروفة لها باع طويل في الحياة السياسية المحلية أو شغلت مناصب مهمة.

واستبعد المجلس، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون وتتألف من 12 عضوا، أسماء بارزة مثل المحافظ المعتدل علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الذي ترأس مجلس الشورى مدة 12 عاما، والمحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي إسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني.

وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد تكرارا لما واجهه في انتخابات 2017، شكل إقصاء لاريجاني الذي سبق له خوض الانتخابات الرئاسية عام 2005، إضافة إلى جهانغيري، خطوة مفاجئة.

وبقي الأبرز بين المرشحين النهائيين، رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي الذي يبدو الطريق ممهدا أمامه للفوز.

ونال رئيسي 38 في المئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017، التي انتهت باحتفاظ روحاني بمنصبه لولاية ثانية.

وأبدى مسؤولون وصحافيون خشيتهم من أن يؤدي اقتصار المرشحين بشكل كبير على توجه سياسي واحد، إلى امتناع كبير عن الاقتراع.

وتعد نسبة المشاركة نقطة ترقب في الانتخابات المقبلة، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 في المئة في انتخابات البرلمان مطلع 2020 التي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور الآلاف من المرشحين، العديد منهم كانوا من المعتدلين والإصلاحيين.

وسأل روحاني “ما حصل لنسبة 98 في المئة” في إشارة إلى نسبة المشاركة الرسمية في استفتاء اعتماد مبدأ الجمهورية الإسلامية في العام 1979 بعد الثورة التي أطاحت بنظام الشاه.

وتابع “لماذا تستمر هذه النسبة بالتناقص؟ 98 في المئة من الناس قالوا إنهم يريدون الجمهورية الإسلامية. لماذا على هذا الرقم أن ينخفض مع مرور الوقت؟”.

وسبق لخامنئي أن دعا مرارا خلال الفترة الماضية، إلى مشاركة واسعة في الانتخابات.

وتخول القوانين للمرشد، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الكبرى، إجازة تقدم مرشحين استبعدهم مجلس صيانة الدستور. وسجّل ذلك في حالتي اثنين من الإصلاحيين في انتخابات 2005.

وشدد روحاني على أن خامنئي “يمكنه أن يتصرف كما يرى مناسبا، لأن الأمر يتعلق بمصالح البلاد، والعمل الذي يقوم به مجلس صيانة الدستور”، مضيفا أن “ما كان يمكن لنا القيام به هو الطلب منه، وإذا رأى الأمر مناسبا، اتخاذ خطوة بهذا الشأن”.

وأثارت اللائحة النهائية انتقادات من أطراف مختلفة في توجهاتها السياسية.

وسبق لمجلس صيانة الدستور أن كان محط انتقادات لما يعتبره البعض ميلا لصالح المحافظين على حساب المعتدلين والإصلاحيين.

واعتبر المرشح الإصلاحي مصطفى تاج زاده أن ما قام به مجلس صيانة الدستور، هيئة الحكم المتشددة المعنية بالمصادقة على المرشحين، يشكل خطوة تكشف عن هندسة نتائج الانتخابات الرئاسية.

وصعّد تاج زاده من انتقاده لكبار المسؤولين الإيرانيين ومن بينهم المرشد خامنئي، مهددا “إذا لزم الأمر سنكشف أخطاء المرشد والمسؤولين المعينين من قبله حتى لو كلفنا ذلك دفع الثمن”.

وانتقد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام وعضو مجلس صيانة الدستور صادق آملي لاريجاني، استبعاد المرشحين، محملا الأجهزة الأمنية مسؤولية ذلك وتأثيرها على قرارات المجلس في استبعاد الإصلاحيين.

وحذر روحاني من أن ما قام به مجلس صيانة الدستور سيؤدي إلى انخفاض المشاركة الشعبية في الانتخابات، لافتا إلى أن “المشاركة المنخفضة ستؤثر على المصالح الوطنية والأمن القومي واعتبار النظام في العالم”.

واعتمد روحاني منذ توليه منصبه عام 2013 سياسة انفتاح على الغرب، كان أبرز نتائجها إبرام اتفاق مع القوى الكبرى عام 2015 بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.

وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها، لكن مفاعيله انعدمت تقريبا منذ قرار واشنطن الانسحاب أحاديا منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، انعكست سلبا على وضعها الاقتصادي وسعر صرف العملة المحلية.

وتخوض طهران والقوى الكبرى مباحثات حاليا في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق، تشارك فيها واشنطن بشكل غير مباشر ودون الجلوس إلى طاولة واحدة مع الوفد الإيراني، مع تولي الأطراف الأخرى المنضوية في الاتفاق، التنسيق بين الجانبين.

العرب