أعلنت واشنطن، أمس (الخميس)، عن مكافأة تصل إلى 3 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن الهجمات التي تستهدف مصالحها في العراق، غداة هجوم بـ3 طائرات مسيرة على قاعدة يتمركز فيها عسكريوها في البلاد. وفيما عد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق الهجمات أنها تقوض الجهود الخاصة بمكافحة الإرهاب، فضلاً عن سيادة القانون، صعّد قائد القيادة الأميركية المركزية في الشرق الأوسط كينث ماكينزي من لهجته لأول مرة بعد تكرار الهجمات بتأكيده أن «القوات الأميركية في العراق لن تتهاون في عمل ما يناسب للدفاع عن نفسها».
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية عمل ما يلزم للمساعدة على تأمين الحماية للأميركيين الموجودين «لمساعدة الحكومة العراقية». وقال أوستن في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ: «نحن نطالب إيران بوقف دعمها للميليشيات في المنطقة بما فيها الميليشيات العراقية، ونطالبها بالتوقف عن توفير المعدات المتطورة لها التي تستعملها في هجمات من هذا النوع».
وتابع أوستن: «نحن نقوم بما في وسعنا ضمن مقدراتنا للحرص على أن تكون قواتنا محمية، ونتحدث مع القيادات العراقية للحرص على أن تقوم بما يلزم للمساعدة على حماية مواطنينا الموجودين هناك لمساعدة الحكومة العراقية».
وتندد السلطات العراقية مراراً بمنفذي تلك الهجمات «الإرهابية» وتعتبرهم خارجين عن القانون، لكنها لم تتمكن من معرفة الجهات المسؤولة عنها، أما واشنطن فتنسبها من جهتها لفصائل مسلحة موالية لإيران ذات نفوذ في العراق.
وفي نص باللغة العربية أرفق بفيديو، ندد حساب برنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع للخارجية الأميركية بـ«الإرهابيين الجبناء» الذين يهاجمون «البعثات الدبلوماسية الأميركية في العراق ثم يهرعون للاختباء بين السكان المدنيين». وتابعت التغريدة: «تقدم أميركا مكافأة تصل إلى 3 ملايين دولار لمعلومات عن هجمات مخطط لها أو سابقة ضد المنشآت الدبلوماسية الأميركية. وتعرض الولايات المتحدة منذ زمن طويل في العراق مكافآت لقاء معلومات عن متطرفين جهاديين خصوصاً، فقد عرضت على سبيل المثال 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن الزعيم الجديد لـ«تنظيم داعش» في العراق أمير المولى.
تأتي هذه الخطوة غداة تصعيد جديد من الفصائل الموالية لإيران في العراق. فللمرة الأولى، تعرّضت قاعدة بمطار بغداد يتمركز فيها عسكريون أميركيون لهجوم بـ3 طائرات مسيرة، على ما أعلن الجيش العراقي.
وينسب خبراء تقنية المسيّرات المفخخة إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق، ويشبهونها بهجمات يشنّها من اليمن المتمردون الحوثيون الموالون لإيران ضد السعودية.
وقبل ذلك، ليل الأربعاء أيضاً، استهدفت قاعدة بلد التي تضمّ متعاقدين أميركيين بصواريخ كاتيوشا، وفق ما أفاد مصدر أمني. جاء الهجومان ليل الأربعاء بعيد إطلاق سراح قاسم مصلح القيادي في «الحشد الشعبي»، وهو تحالف من فصائل مسلحة منضوية في الدولة، بعد توقيفه بشبهة المسؤولية عن اغتيال ناشطين. وأطلق سراحه على خلفية نقص الأدلة ضدّه، وفق القضاء.
لكن الخطوة التي رحب بها الموالون لإيران على أنها «انتصار»، تثير جدلاً بشأن قدرة الحكومة على السيطرة على الفصائل الموالية لإيران. وتداولت وسائل إعلام عراقية، أن عملية إطلاق سراح القيادي في «الحشد الشعبي» قاسم مصلح تمت بناء على تسوية، ربما أسهم الجنرال الإيراني إسماعيل قاآني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري»، في وضع اللمسات الأخيرة لها.
وكان مصلح أوقف في 26 مايو (أيار) بشبهة اغتيال الناشط إيهاب الوزني رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء، والذي كان لسنوات عدّة يحذّر من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران وأردي برصاص مسلّحين أمام منزله، وناشط آخر هو فاهم الطائي من كربلاء أيضاً.
كذلك في يونيو (حزيران) 2020. أطلق سراح 13 عنصراً في فصيل موالٍ لإيران بعد 3 أيام من توقيفهم على خلفية هجمات صاروخية ضد الأميركيين.
بالمجمل، استهدف 42 هجوماً المصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام، ولا سيما السفارة الأميركية في بغداد وقواعد عسكرية عراقية تضمّ أميركيين، ومطاري بغداد وأربيل، فضلاً عن مواكب لوجستية للتحالف. وقتل فيها متعاقدان أجنبيان مع التحالف وآخر عراقي.
ووفق بيان للجيش العراقي فإن هجوم مطار بغداد الدولي، ليل الأربعاء حيث يتمركز عسكريون أميركيون، استهدف بـ3 طائرات مسيرة أسقطت واحدة منها. وقالت خلية الإعلام الأمني إنها ستكشف لاحقاً عن مصير الطائرتين المتبقيتين. والهجوم على مطار بغداد هو الرابع بطائرة مسيرة مفخخة في العراق، لكن هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه التقنية الهجومية الجديدة في العاصمة العراقية. وليلاً، سقط اثنان من 5 صواريخ من نوع كاتيوشا أطلقت على قاعدة بلد الجوية «بالقرب من مقر الشركة الأميركية المختصة بصيانة طائرات» من نوع «إف 16» عراقية تضمها القاعدة.
وقال مصدر أمني إنه لم تسجل إصابات أو أضرار، بينما سقطت 3 صواريخ خارج القاعدة التي غالباً ما تتعرض لهجمات أرغمت شركة لوكهيد مارتن الأميركية للصناعات الدفاعية على مغادرتها قبل شهر. وبعد هذين الهجومين، يرتفع إلى 42 عدد الهجمات التي طالت المصالح الأميركية في العراق منذ بداية العام. وتتبنّى أحياناً تلك الفصائل الهجمات فيما تنسب واشنطن هجمات أخرى لميليشيات مقربة من إيران توعدت بتصعيد الهجمات لإرغام القوات الأميركية على الانسحاب من العراق.
واستهدفت الهجمات السفارة الأميركية في بغداد وقواعد عسكرية عراقية تضمّ أميركيين، ومطاري بغداد وأربيل، فضلاً عن مواكب لوجستية للتحالف. وقتل فيها متعاقدان أجنبيان مع التحالف وآخر عراقي.
ويحتفل «الحشد» نهاية هذا الأسبوع بالذكرى السابعة لتأسيسه، وتؤكد مصادر فيه أن مصلح قد يشارك بشكل بارز في هذا الاحتفال الرسمي، كون «الحشد» جزءاً من المؤسسات الرسمية العراقية.
الجديد بشأن التصعيد الأخير بالصواريخ والطائرات المسيرة الذي أدى إلى قلق أميركي متزايد حيث أكدت واشنطن أنها تدرس إمكانية الرد، جاء عشية ما قيل عن تسوية بين الفصائل المسلحة والحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي تقضي إطلاق سراح القيادي في «الحشد» قاسم مصلح مقابل عدم التعرض للحكومة.
في السياق نفسه، فإنه طبقاً لما تداولته وسائل إعلام عالمية أن الحكومة العراقية نأت بنفسها عن عملية إطلاق سراح قاسم مصلح وأن القضاء هو من أطلق سراحه بعد الإعلان عن عدم توفر الأدلة الكافية لتحويله إلى المحكمة.
الشرق الأوسط