دمشق – تواجه صناعة الجلود السورية عقبات كثيرة تتعلق بتسويقها وتصديرها في ظل نقص التمويل وتضرر دباغة الجلود من قلة الدعم وتداعيات العقوبات الاقتصادية التي تحد من فرص استيراد المواد الأولية من الخارج، ما دفع إلى وضع خطة بديلة لإنقاذ هذه الصناعة من الاندثار.
وشهدت صناعة الجلود السورية خلال العقود الماضية تطورا نوعيا، غير أن هذه المنتجات باتت خلال السنوات القليلة الماضية تواجه تحديات عديدة تتعلق بتسويقها وتصديرها.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن رئيس لجنة الجلود في غرفة تجارة دمشق محمد خير درويش قوله إن “العمل يجري في الوقت الحالي على تفكيك العقبات التي تواجه عملية تسويق الجلود ودعم صناعتها وتصديرها لزيادة فرص العمل وتشغيل قطاعات مرتبطة بهذه الصناعة”.
وأشار إلى “خطة لتقديم قروض للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر من أجل الوصول إلى مرحلة الإنتاج الحقيقي المنتظم، وتقديم دراسات لتكاليف الأحذية والسترات من المنتج إلى التاجر من القطاعين العام والخاص وإصدار الفاتورة من الورشات الصغيرة وذلك من خلال منحها سجلاً تجارياً مؤقتاً لعرض منتجاتها في السوق”.
وأشارت عضو لجنة الجلود المديرة العامة للشركة العامة للدباغة جورجيت سليمان إلى أهمية التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص للنهوض بعملية تسويق المنتجات الجلدية محلياً وخارجياً وتخفيف التحديات التي تواجهها.
وبينت سليمان أن “الشركة استطاعت تجاوز العديد من الأضرار التي لحقت ببعض خطوط إنتاجها جراء الإرهاب وتداعيات العقوبات الاقتصادية وهي تكتفي حالياً بتسويق منتجاتها محلياً للقطاعين العام والخاص من كفوف وسترات وأحزمة جلدية والتي تتميز بالجودة العالية والأسعار المنخفضة بأكثر من النصف مقارنة مع مثيلاتها في الأسواق”.
وأكدت سليمان أن تصدير منتجات الشركة مدرج ضمن الخطة المستقبلية عند توافر الإمكانات كاليد العاملة الخبيرة وزيادة عدد الكوادر وتزويدها بخطوط إنتاج حديثة، لاسيما أن الجلود الملونة التي أنتجتها الشركة مؤخراً لاقت وتلاقي قبولاً واسعاً من المستهلكين، ما يبشر بتوسع أسواق منتجات الشركة بشكل عام وخاصة من الجلود الملونة.
جورجيت سليمان: استطعنا تجاوز الأضرار التي لحقت بخطوط الإنتاج بسبب الإرهاب
وتعدّ صناعة ودباغة الجلود ثالث مهنة ومورد للخزينة بعد النفط والقطن ومن المهن المصدِّرة والمهمة على الخارطة الاقتصادية في سوريا.
ويجمع فاعلون في القطاع على أن هذه الصناعة تواجه تداعيات العقوبات الاقتصادية التي تعرقل عملية استيراد المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج بشكل مباشر ما ترتب عنه تكاليف إضافية كبيرة لاسيما وأن هذه المواد لا بديل عنها محلياً.
ويؤكد صناعيون وجود شح كبير في الجلد محلياً بسبب انتشار مرض جلدي في البقر مما يجعل الجلد تالفاً، إضافة إلى تناقص أعداد البقر البلدي نتيجة التهريب وقلة الذبح والاستهلاك لغلاء لحومها، ما دفع إلى استيراد الجلد المصنع لتدارك النقص الكبير.
وحسب بيانات رسمية اضطر أكثر من 40 معملاً في مهنة الدباغة وتصنيع الجلد إلى الإغلاق والتوقف عن العمل نتيجة استحالة العمل في ظل الظروف الصعبة المعرقلة للتصدير واستيراد المواد الأولية من الخارج.
وتتزايد مطالب الصناعيين في مجال الدباغة بضرورة تدخل الدولة لتوفير الدعم والتسهيلات من خلال الموافقة على منح إجازات التصدير والاستيراد للجلد نصف المصنَّع واستيراد المواد وتسهيل العمل لإنقاذ هذه الصناعة قبل اندثارها.
ويدعو فاعلون إلى فتح باب التصدير والاستيراد ما من شأنه السماح بالتحكم في أسعار المصنوعات الجلدية لاسيما بعد ارتفاع أسعارها بسبب تكلفة الجلد التي ارتفعت نتيجة غلاء المواد الأولية واستيرادها بالنقد الأجنبي.
ويدعو صناعيون إلى دعم القيمة التصديرية للجلود وضبط أسعارها في السوق المحلية مما سيسمح بدعم الاقتصاد المحلي والخزينة بالعملة الأجنبية، وبالتالي تنشيط حركة البيع والشراء ودفع عجلة التشغيل والإنتاج بعد الجمود الذي أصاب هذه الصناعة.
وتمر صناعة الجلود بسلسة كاملة من النشاط الاقتصادي حيث تنتقل من المجال الزراعي إلى الصناعي بداية من مربي الأبقار والأغنام إلى ورش ومعامل صناعة الأحذية والحقائب والألبسة والأثاث المنزلي، وهي مرتبطة بشكل وثيق بالحياة الاستهلاكية اليومية.
وتستقطب أكثر من 30 دولة الجلود المحلية السورية بأنواعها كالجلد المصنع النهائي الذي يصدّر إلى دول عربية كالعراق والأردن ولبنان، والجلد نصف المصنع الذي يصدّر إلى إيطاليا، فضلاً عن جلود الغنم العواس المميز الذي يصدّر إلى الصين وباكستان وإيطاليا ما يستوجب حسب الفاعلين ضرورة تقديم الدعم والاهتمام الحكومي لتنميتها.
العرب