أنشطة الموساد تؤذي إيران، لكنها لا تعرقل مشروعها الإقليمي

أنشطة الموساد تؤذي إيران، لكنها لا تعرقل مشروعها الإقليمي

القدس – أعادت تصريحات الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين المتعلقة باستهداف المشروع النووي الإيراني الجدل حول نتائج تلك الأنشطة وما إذا كانت قد نجحت بالفعل في تعطيل البرنامج النووي الإيراني، أو تعطيل تمدد طهران الإقليمي الذي بدأ يتسع ليهدد ليس فقط دول المنطقة وإنما أيضا مصالح الدول الكبرى بتهديد أمن الملاحة والطاقة.

وقدّم كوهين، في تصريحات إعلامية، تفاصيل عن عمليات قام بها جهاز المخابرات الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة ضد البرنامج النووي الإيراني، من بينها اغتيال علماء أسهموا في تطوير البرنامج، وتفجير منشآت تحت الأرض، وسرقة وثائق سرية حساسة.

واعتبر مراقبون أن الأنشطة الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، وكذلك العقوبات الأميركية، قد تدفع طهران إلى المسارعة بقبول الاتفاق النووي ووضع برنامجها تحت المراقبة الدولية، لكنها تغفل التمدد الإيراني في المنطقة بالتدخل في دول كثيرة وتكوين ميليشيات موالية لها تهدد أمن الجيران الخليجيين كما أمن الملاحة الدولية وحركة نقل البترول شرقا وغربا.

وتعارض إسرائيل المفاوضات التي تشهدها العاصمة النمساوية فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، بعد أن انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

يوسي كوهين يقدم تفاصيل عمليات قام بها الموساد ضد البرنامج النووي الإيراني

وأشار مراقبون إلى أنه رغم الضربات الإسرائيلية في سوريا تعيد إيران ما يتم تدميره، وقد نجحت في خلق مناخ أمني معقد للإسرائيليين من خلال قوة حزب الله على الحدود الشمالية وقوة حماس على الحدود الجنوبية، وهي قوة لم يعد يستهان بها إسرائيليا بعد التصعيد الأخير في غزة وإطلاق مئات الصواريخ من القطاع المحاصر.

وفي الوقت الذي يناقش فيه الأميركيون مسألة تسريع العودة إلى الاتفاق النووي وبناء الثقة مع إيران برفع بعض العقوبات باتت الميليشيات الموالية لطهران تهدد الوجود الأميركي في العراق ومصالح واشنطن في الخليج والبحر الأحمر، وتسيطر على سوريا ولبنان واليمن، وتهدد أمن الحلفاء على مدى إستراتيجي.

وتستفيد إيران بشكل واضح من ارتباك الموقف الأميركي ورغبة إدارة بايدن في أن يكون الاتفاق النووي على رأس أولوياتها في الشرق الأوسط، وتسرّع عملية تسليح الميليشيات الحليفة بهدف خلق واقع عسكري وأمني يصعب تغييره لاحقا تحت أي ضغوط، خاصة بعد قرار واشنطن وقف بيع الأسلحة للسعودية على خلفية أزمة اليمن.

ويجمع مراقبون على أنه من دون مشروع سياسي إقليمي يقود إلى تماسك المنطقة في وجه طهران يَصْعب الخروج من هذه الحلقة المفرغة التي تقود إلى تمدد إيراني مستمر ومستحكم ومن ورائه صمت دولي على المخاطر الإستراتيجية، مشددين على أن من مصلحة الولايات المتحدة والغرب عموما دعم السعودية بصفة فعّالة لتحقيق التوازن الإقليمي على المديين القريب والبعيد.

وألمح كوهين إلى أن الموساد الإسرائيلي هو الذي فجّر منشأة للطرد المركزي الإيرانية تحت الأرض، في مدينة نطنز الإيرانية. وقال “كانت أجهزة الطرد المركزي هناك تدور”. وإثر سؤاله “لم تعد كذلك؟” أجاب كوهين “بالفعل”.

ولم يؤكد كوهين صراحة مسؤوليته عن التفجير في نطنز، لكنه تحدث بشكل عام حيث أردف “نقول بوضوح شديد لإيران: لن نسمح لكم بالحصول على أسلحة نووية. ما الذي لم تفهموه؟”.

وقدّم كوهين وصفًا لعملية 2018 التي سرق فيها الموساد الأرشيف النووي الإيراني من خزائن في مستودع بالعاصمة الإيرانية طهران.

وأكد أن العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة كان تحت رقابة الموساد، دون تحمّل المسؤولية المباشرة عن اغتياله.

وقال إن “الموساد كان يراقب فخري زادة منذ سنوات، وكان قريبا منه جسديا قبل نوفمبر 2020″، وهو الشهر الذي تم فيه اغتياله، في عملية نُسبت إلى الموساد.

وهدّد كوهين باغتيال علماء إيرانيين يقول إنهم يشكّلون خطرا على إسرائيل.

وأضاف “إذا كان الرجل يُشكّل قدرة تُعرّض مواطني إسرائيل للخطر، فعليه التوقف عن الوجود”.

وأوضح “في بعض الحالات تنقل إسرائيل الرسالة إلى مثل هذا الهدف المحتمل بأنه إذا كان مستعدا لتغيير المهنة وعدم إلحاق الضرر بنا بعد الآن، فعندئذ نعم”، بمعنى عدم اغتياله.

ورفض كوهين القول إن إيران صارت الآن أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك السلاح النووي، وقال “هذا ليس صحيحا”.

العرب