تحت عنوان: “أوروبا تواجه عودة الثنائي الروسي الأمريكي”، قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إنه بعد سنوات ترامب، يرغب خلفه جو بايدن في إعادة إنشاء توازن قوى أكثر كلاسيكية وأوضح مع فلاديمير بوتين.
واعتبرت “لوفيغارو” أن الهدايا التي قدمها كل من الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين لبعضهما البعض في جنيف تقول الكثير عن العلاقة بين الرجلين: أعطى الرئيس الأمريكي نظيره الروسي زوجًا من النظارات الشمسية من صنع شركة كبيرة تزود سلاح الجو. كأنه يأمل أن ينظر فلاديمير بوتين إلى العالم بعيون أمريكا؟ أما بالنسبة لفلاديمير بوتين، فقد قدم للرئيس الأمريكي مجموعة أدوات للكتابة مغطاة بالورود مرسومة بأسلوب روسي مزدحم وفريد من نوعه، وهو نوع من الأشياء المعروضة على السائحين في مطار موسكو. الفولكلور مقابل إكسسوار الأزياء فائقة الأناقة وعالية الأداء.
ووصفت “لوفيغارو” جو بايدن بأنه مبتسم ومنفتح ومرتاح. أما فلاديمير بوتين، فنعتته الصحيفة بالمنغلق والبارد والغامض. لكن المقارنة في جنيف لم تتوقف عند هذا الحد، بل في البيان الختامي الموجز الذي أعلن عن بدء حوار ثنائي حول الاستقرار الاستراتيجي، حيث أعاد رئيسا الدولتين التأكيد على “مبدأ عدم إمكانية الانتصار في حرب نووية وعدم خوضها أبدًا“، حيث أعادا تقريبا نصًا كان قد نشره غورباتشوف وريغان في العهد السوفيتي.
بعد سنوات من الأزمة الدائمة والتوترات الشديدة، هل يريد الرئيسان العودة إلى “الاستقرار” الذي ميز العلاقات خلال الحرب الباردة، إلى جانب الأزمات النووية؟ تتساءل “لوفيغارو”، قائلة إنه على أي حال، فقد أعلنا عزمهما على العمل معًا بشأن الحد من التسلح الذي أضعفه تفكيك البنية الأمنية، ولكن أيضًا بشأن الأمن السيبراني، وفي الموضوعات التي يكون التعاون ممكنًا فيها.
ومضت “لوفيغارو” إلى القول إنه بعد سنوات ترامب الفوضوية، أعاد جو بايدن تأسيس توازن قوى أكثر كلاسيكية وأوضح مع فلاديمير بوتين، الذي شاركه بخطوطه الحمراء، خاصة عندما يتعلق الأمر بالهجمات الإلكترونية والتضليل. لكن الأمر يتعلق بشكل أساسي بالمصالح الأمريكية، ولم يمتد إلى الأزمات التي تشمل دولًا أخرى، مثل ضم شبه جزيرة القرم والتدخل الروسي في سوريا وإفريقيا.
في حين أن العلاقات الثنائية بين واشنطن وموسكو لم تكن بهذا السوء منذ نهاية الحرب الباردة في عام 1989، كان هدف جو بايدن قبل كل شيء منعها من المزيد من التدهور، والحد من القوة المزعجة لفلاديمير بوتين، حتى لو كان ذلك يعني الترويج لسياسة الاحتواء التي تهدف، بعد الحرب العالمية الثانية، إلى وقف امتداد منطقة النفوذ السوفياتي.
وتابعت “لوفيغارو” القول إن ما يريده جو بايدن هو أن يكون قادرًا على التركيز كليًا على أولويته الأولى، الصين، دون الاضطرار إلى الانحراف بشكل دائم عن طريق العداء الروسي. ففي قمة مجموعة السبع ثم في قمة الناتو، رحب الأوروبيون بعودة الحليف الأمريكي. وقد نصب الرئيس الأمريكي نفسه على أنه القائد الطبيعي للمعسكر الغربي ضد روسيا والصين. ورحب جميع الأوروبيين بعودة أمريكا إلى حلفائها وبنبرة واشنطن الجديدة المنفتحة والمصالحة.
ولكن إذا كان جو بايدن عازمًا حقًا على تعزيز العودة إلى “المعارضة المستقرة” لحقبة الحرب الباردة، مع روسيا التي أصبحت قوة مرة أخرى، فلن يصب ذلك بالضرورة في مصلحة الدول الأوروبية، تقول “لوفيغارو”، موضحة أنه عندما التقى جو بايدن وفلاديمير بوتين في جنيف، قدم وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل تقريره حول نهج الاتحاد الأوروبي الجديد تجاه روسيا. وستتم مناقشته في المجلس الأوروبي يومي 24 و25 يونيو الجاري. لكن أعضاء الاتحاد الأوروبي ما زالوا منقسمين بشدة حول العلاقة مع روسيا. فهم لا يتحدثون بصوت واحد في الأمور السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
وتساءلت “لوفيغارو” إن كان فلاديمير بوتين، الذي يعرف كيف “يتلاعب بالانقسامات الأوروبية”، سيتوقف عن زعزعة استقرار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي؟
القدس العربي