ليبيا: الحكومة تفتح وحفتر يغلق!

ليبيا: الحكومة تفتح وحفتر يغلق!

أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، أمس الأحد إنه أعاد فتح الطريق الساحلي الرئيسي على خط المواجهة بين العاصمة طرابلس في غرب البلاد والمناطق التي يسيطر عليها الجنرال خليفة حفتر في شرقها، حيث أزالت قوات الحكومة الحواجز الترابية قبل أن ينطلق موكب من سيارات المسؤولين صوب سرت (الخاضعة لسلطة حفتر) غير أن قوات الشرق قالت إن «الطريق لا يزال مغلقا».
تجيء خطوة الدبيبة قبل أيام من اجتماع قوى عالمية في برلين لبحث الأزمة الليبية لدعم الإجراءات التي تحققت، وبحث ما حصل من تقدم صوب توحيد مؤسسات البلاد المنقسمة وصولا إلى إجراء انتخابات مقررة في كانون الأول/ديسمبر المقبل، والمقصود منها طبعا كشف ما يفعله حفتر لإعاقة حركة التوحيد والانتخابات.
كان حفتر قد استبق نقلة الحكومة بحركة التفافية كبيرة حيث أعلنت قواته عن الانتشار في جنوب البلاد والسيطرة على معبر «إيسين/تين الكوم» الفاصل بين مدينتي غات الليبية وجانب الجزائرية، وإغلاق الحدود مع الجزائر، في رد، على ما يظهر، على تصريح للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل قرابة 10 أيام بأن بلاده كانت ستتدخل لمنع سقوط العاصمة الليبية طرابلس، وكانت قد سبقت ذلك زيارة للدبيبة إلى الجزائر أعلن فيها فتح الحدود بين البلدين.
رد المجلس الرئاسي في طرابلس على إعلان حفتر عن إغلاق الحدود كان «حظر أي تحركات عسكرية في البلاد إلا بعد موافقته» فيما الاستعدادات قائمة لفتح معبر آخر هو معبر غدامس (من الطرف الليبي) والدبداب (من الطرف الجزائري) وذلك لإفشال حركة حفتر المقصود منها منع الدعم الجزائري للحكومة الليبية وإظهار أنه الطرف الأقوى والمسيطر الذي يجب التفاوض معه واستقباله.
تحدّي حفتر للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة وللجزائر يقدّم رسالة واضحة أيضا للأمم المتحدة وللقوى الكبرى ضمن مؤتمر برلين 2 المقبل وهي أنه لا يمكن التعاطي مع المسألة الليبية من دون حسبان حساب حفتر في المعادلة النهائية للتسوية، وإذا لم يعد اللاعبون الإقليميون الكبار، بما فيهم مصر، يتقبلون حصول هجوم كارثيّ آخر من قوات الجنرال على طرابلس، فإن الجنرال يعتقد أن لديه قوة عسكرية كبيرة لن تستطيع المنظومة الدوليّة إلغاءها بقرارات صادرة من المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة.
يعلم الجنرال طبعا أن تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة أدى لخسارة سياسية كبرى له، وأن لقاءاته المتزايدة مؤخرا مع أعضاء من مجلس النواب الليبي، لن تعطيه مصداقية خسرها بهجومه الدموي الفاشل على طرابلس، في الوقت الذي أدى تحرّك المنظومة الدولية إلى إعطاء محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس الحكومة الدبيبة شرعيّة دولية لتوحيد المؤسسات والعمل على إجراء الانتخابات.
لن يتجاهل مؤتمر برلين المقبل قوة حفتر بالتأكيد، ولن يستهين بقدرته على إفشال خطط المنظومة الدولية لتوحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات، غير أن رعونة حركات حفتر، عبر التوجه إلى الجنوب وإغلاق الحدود مع الجزائر، ورفض فتح الطريق بين الغرب والشرق، ستضع القوى الكبرى أمام تحد جديد، وإذا كانت هذه المنظومة غير قادرة على التنديد بإجراءات حفتر فمن الصعب التنبؤ بإمكانية نجاح خطتها لانتخابات مقبلة، ناهيك عن إمكانية «توحيد» ليبيا.