رئيسي يرسل إشارات مراوغة بشأن السعودية وحرب اليمن

رئيسي يرسل إشارات مراوغة بشأن السعودية وحرب اليمن

طهران – نزع الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي جبة الوجه المتشدد التي ظهر بها خلال حملته الانتخابية، ووزع رسائل تهدئة في اتجاهات مختلفة كان أهمها الإشارات التي وجهها إلى السعودية بشأن إعادة فتح سفارتها في طهران، وكذلك إنهاء الحرب في اليمن.

وأجمعت مصادر دبلوماسية غربية على أن إيران ستناور مستغلة عامل الوقت وستتهرب من أي مقترحات لوقف أعمالها العدائية في العالم العربي، وخاصة ما تعلق بدورها في اليمن، وهو الملف الذي سيشكل اختبارا لإمكانية حوارها مع السعودية الذي انطلق في ظل الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني وبضوء أخضر من المرشد الأعلى علي خامنئي.

وتعتقد هذه المصادر أن رئيسي سيحرص على إظهار مرونة شديدة لتبديد الصورة المرسومة عنه، مرجحة أن يحرص على اتباع إستراتيجية تقوم على التشدد في الأفعال والمرونة على مستوى التصريحات، خاصة بالنسبة إلى دول الجوار الخليجي.

وأكد رئيسي الاثنين أنه “لا مانع أمام إعادة فتح السفارة السعودية لدى طهران”، مضيفا أن “تعزيز العلاقات مع دول العالم كافة ودول الجوار على رأس أولوياتنا”.

وقال “لا نمانع في عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وإعادة فتح السفارتين لدى البلدين”.

وقطعت الرياض علاقاتها مع طهران في يناير 2016، إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد (شمال شرق)، نفّذه محتجّون على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر.

ويقف البلدان على طرفي نقيض في العديد من الملفات الإقليمية، لاسيما في سوريا واليمن والعراق ولبنان.

وفي إطار الأزمة اليمنية شدد رئيسي على أنه “يتعين إيقاف العمليات العسكرية والحرب في اليمن بشكل عاجل”، مؤكدا أن “الشعب اليمني يقرر شكل حكومته، وهو من يقرر مصيره بنفسه”.

وأكمل الرئيس الإيراني المنتخب “ينبغي أن تُوقف السعودية عملياتها العسكرية في اليمن، وتترك اليمنيين يشكلون حكومتهم بأنفسهم”.

أنيسة التبريزي: رئيسي لن يبدي أي تقارب دبلوماسي مع الغرب مثلما كان يأمل روحاني

وانتخب رئيسي، الذي من المقرر أن يتولى مهامه رسميا في أغسطس، بنحو 62 في المئة من أصوات المقترعين في الانتخابات التي أجريت الجمعة وشارك فيها 48.8 في المئة من إجمالي عدد الناخبين، وفق الأرقام الرسمية.

وكانت نسبة المشاركة هذه الأدنى في انتخابات رئاسية تشهدها الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979.

وبالتوازي مع إشارات الانفتاح على السعودية ودول الجوار سعى رئيسي لمسك العصا من المنتصف في العلاقة بالغرب؛ فهو من جهة أولى لم يظهر تشددا في التفاوض حول الملف النووي، وذلك بإلقاء شروط مسبقة، ومن جهة ثانية لم يبد تحمسا للاستمرار فيه. وهي وضعية تجعله في وضع مريح في العلاقة بالداخل الإيراني كما في العلاقة مع الدول الغربية المعنية بالملف.

وأكد رئيسي أنه لن يسمح بإجراء “مفاوضات من أجل المفاوضات”، لكنه شدد على دعمه “أي محادثات تضمن مصالحنا الوطنية”، وأن أي اجتماع يجب أن يؤدي إلى تحقيق “نتائج” للشعب الإيراني، وهي معادلة فضفاضة قد لا تحقق أي شيء ما لم تكن متبوعة بتنازلات.

ويلتقي هذا الموقف مع ما سبق أن شدّد عليه خامنئي في أبريل الماضي، بعد أيام من انطلاق المباحثات في فيينا، بتحذيره من أن “تطول” المفاوضات لإنقاذ الاتفاق، فتصبح “مضرة” لإيران.

وقالت أنيسة التبريزي الباحثة في معهد رويال يونايتد في لندن “ستستمر إيران في التفاوض مع الغرب بشأن الاتفاق النووي، لكن رئيسي لن يبدي أي تقارب دبلوماسي بنفس الدرجة التي كان يأمل بها روحاني في علاقته مع الغرب”.

ويتمتع الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويشكّل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العليا، بما فيها الملف النووي، تعود إلى المرشد الأعلى.

وأبدى الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عزمه على إعادة بلاده الى الاتفاق النووي بشرط امتثال طهران مجددا لكل بنوده.

وأكّد دبلوماسيون الأحد في فيينا بعد الجولة السادسة من المباحثات أنّ المفاوضين باتوا “أقرب” إلى إنقاذ الاتفاق، مع بقاء بعض النقاط الشائكة.

وردا على سؤال طرحته وسيلة إعلام أميركية عما إذا كان مستعدا لعقد لقاء ثنائي مع بايدن اكتفى رئيسي بالقول “لا”، قبل الانتقال إلى السؤال التالي.

لكن المصادر الغربية لا تستبعد أن تعمل حكومة رئيسي المرتقبة بعد أغسطس على فصل الأوروبيين والروس والصينيين عن المفاوضين الأميركيين المستعدين الآن للانضمام إلى المحادثات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، وأن الهدف من وراء ذلك هو اللعب على التناقضات وتحصيل مكاسب.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قد أكد أن بلاده مستمرة في مراقبة سلوك طهران.

وقال “أولويتنا القصوى الآن هي منع إيران من الحصول على سلاح نووي، ونعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لتحقيق ذلك، وليس الصراع العسكري”.

العرب