تندرج زيارة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى لبنان في سياق جهود يبذلها حزب الله من أجل تكريس حماس ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكدت مصادر سياسية لبنانية أن حزب الله “فرض” على رئيس الجمهورية ميشال عون استقبال هنية والوفد المرافق له وذلك في إطار الجهود الهادفة إلى تكريس الحركة محاورا باسم الشعب الفلسطيني.
وتكفل الفريق الأمني لحزب الله بتنظيم جولات وحماية هنية خلال زيارته إلى بيروت التي تستمر أربعة أيام، يحظى خلالها بلقاء رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
ولم تستبعد المصادر أن يكون ضمن زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس لقاء بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
وعبّر مصدر برلماني لبناني عن خشيته أن تكون لزيارة هنية للبنان انعكاسات سلبية على البلد، خصوصا أن الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية تعتبر حماس حركة إرهابية.
وأشار إلى أن ألمانيا كانت بين الدول الأوروبية التي منعت الأسبوع الماضي رفع أيّ شعارات لحماس في تجمع شعبي.
ويُجري هنية منذ أيام بمعية وفد من قيادات حماس جولة خارجية زار خلالها مصر والمغرب وموريتانيا، ويتوقع أن يزور إيران بعد لبنان.
وتتصرف حركة حماس منذ الهجوم الإسرائيلي على غزة في العاشر من مايو الماضي، الذي استمر أحد عشر يوما، باعتبارها الوريث الشرعي الوحيد لمنظمة التحرير، مستغلة ضعف الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية.
وعزت مصادر فلسطينية جولة هنية العربية إلى تكريس هذا التوجه.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني ورئيس مركز تقدم للدراسات محمد مشارقة إن الحكومات والأحزاب العربية التي تتعامل مع حماس باعتبارها ممثلا لجميع الفلسطينيين لم تقرأ بتأنّ الخارطة السياسية العربية والدولية ولا طبيعة وضع الفلسطينيين الذين يمتلكون مجتمعا مدنيا ولديهم قوى وحركات سياسية فاعلة تعيش الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي حتى في غياب أيّ سلطة فلسطينية.
وعبّر مشارقة في تصريح لـ”العرب” عن أسفه أن يكون هذا التوجه حاضرا في الحوار الذي أجري في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، حيث تتحدث حماس بوصفها ممثلا عن أكثر من خمسين في المئة من المجلس الوطني الفلسطيني.
وأضاف “حماس تريد قيادة منظمة التحرير وقيادة كل الحالة الفلسطينية متناسية أنها لم تقدم هذا النموذج في العلاقات الوطنية وفي المشاركة مع الآخرين عندما مثّلت حالة إقصائية بامتياز”.
ولم تقدم حماس للشعب الفلسطيني طوال عشر سنوات من حكم غزة نموذجا للمشاركة السياسية بما في ذلك القوى والحركات المقرّبة منها في غزة، واستخدمت أسلوب الإقصاء والتخوين والتكفير للمعارضين والمخالفين لسياستها.
وتستغل حماس مقتل الناشط السياسي والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات، بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية فلسطينية والتظاهرات الشعبية ضد عباس، لتمنح نفسها الحق في قيادة الشعب الفلسطيني.
وقال السفير السابق في تصريح لـ”العرب” إن “القوى الوطنية الفلسطينية، بمن فيها حركة فتح والسلطة الفلسطينية، سبق وأن رفضت التضحية بحركة حماس عندما كان العالم يسير باتجاه وضعها على قوائم الإرهاب”.
وأضاف “حركة فتح على الدوام هي جزء من المشهد الفلسطيني العام ولا يمكن لها التنازل عن دورها لحساب حماس، ففتح لم تنس أن منظمة التحرير كانت في وقت ما متهمة بالإرهاب أيضا، لذلك لم تضح بحماس بعد إدراجها ضمن قوائم الإرهاب الأميركية”.
وطالب السياسي الفلسطيني حماس بالتراجع عن هذا المسعى لأن الحالة الفلسطينية أشمل وتستوعب الآخر بما في ذلك حماس نفسها التي لم تستوعب القوى المختلفة معها في غزة.
وقال إن شعارات حماس المتداولة اليوم بالقول نحن أحق بالقيادة الفلسطينية هي كلام خارج صناديق الاقتراع وخارج الإجماع الشعبي.
وأثار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجدل بإعلانه في الثلاثين من أبريل الماضي إلغاء انتخابات تشريعية طال انتظارها منذ 15 عاما وكانت مقررة في الثاني والعشرين من مايو الماضي.
وبرر عباس، الذي انتخب لمنصبه عام 2005 ولم يتم التجديد له منذ ذلك الوقت، إلغاء الانتخابات بعدم سماح إسرائيل بإجرائها في شرق القدس، لكنّ معارضيه اعتبروا أن القرار جاء للتهرب من العودة إلى صندوق الاقتراع خشية خسارة حركة فتح التي يتزعمها وتراجع هيمنتها على الحكم. وتجمع استطلاعات الرأي على أن حماس لا يمكن لها أن تتجاوز أكثر من 25 في المئة من الإجماع الشعبي الفلسطيني.
صحيفة العرب