من المرجح أن تكون مشكلة فيروس كورونا قد هيمنت على محور الاجتماع الافتراضي لمجموعة “أوبك بلس” لمنتجي النفط الذي انعقد في الأول من تموز/يوليو. وتوقّع الأمين العام لمنظمة “أوبك” ارتفاع الطلب على النفط هذا العام بواقع كبير يصل إلى 6 ملايين برميل يومياً، رغم تأكيده على احتمال أن تكون الكلمة الفصل لازدياد أعداد الإصابات بمتحور “دلتا”.
كان من المعتاد أن تكون أي أزمة تندلع في الشرق الأوسط أكبر حالة من عدم اليقين بالنسبة لأسعار النفط المستقبلية. لكن الولايات المتحدة تمكّنت من الصمود في وجه بعض الحوادث المثيرة للقلق التي شهدتها [منطقة] الخليج مؤخراً من دون إحداث أثر كبير. وعوضاً عن ذلك، طرحت جائحة فيروس كورونا، ولا سيما سلالة “دلتا” المتحورة التي اكتُشفت للمرة الأولى في الهند، علامة استفهام كبيرة.
ويوم الإثنين، رفعت الولايات المتحدة تحذيرات السفر إلى دولة الإمارات في الخليج إلى أقصى الدرجات – “لا تسافر” – بسبب مخاوف بشأن تفشي فيروس كورونا محلياً. ومن المحتمل أن تكون الدول المنتجة للنفط المجاورة للإمارات قد تأثرت بنفس الدرجة، رغم عدم إقرارها بذلك. وسيكون لمثل هذه التطوّرات أثر طفيف أو معدوم على إنتاج النفط، لكنها تذكير غير مرحب به بواقع أن مشكلة فيروس كورونا لم تنته بعد.
ومن المرجح أن تكون هذه القضية قد هيمنت على محور الاجتماع الافتراضي لمجموعة “أوبك بلس” لمنتجي النفط الذي انعقد في الأول من تموز/يوليو، وهو تحالف هش يضم أعضاء منظمة “أوبك” مثل السعودية وإيران والإمارات، والدول المصدّرة للنفط من خارج “أوبك” والتي تشمل روسيا وكازاخستان.
وأشارت التوقعات المبكرة لما قد يقرره الاجتماع إلى التقليل من أهمية تأثير فيروس “كوفيد-19”. فقد نقلت وكالة “رويترز” يوم الثلاثاء أن الأمين العام النيجيري لمنظمة “أوبك” محمد باركيندو توقّع ارتفاع الطلب هذا العام بواقع كبير يصل إلى 6 ملايين برميل يومياً، خاصة في الأشهر الستة الأخيرة، رغم تأكيده على احتمال أن تكون الكلمة الفصل لازدياد أعداد الإصابات بمتحور “دلتا”.
ووفقاً لمنطق الدول المصدّرة للنفط، يستلزم مثل هذا النمو المحتمل للطلب زيادة الإنتاج لكي يصبح رفع الأسعار ممكناً، ولكن ليس بنسبة كبيرة بحيث يقلل العملاء من مستوى مشترياتهم. ولكن مما يثير الاهتمام هذه المرة هو أنه لا يُتوقع أن يسجّل النفط الصخري الأمريكي، الذي كان المنقذ الوطني للولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية، ارتفاعاً كبيراً. فقد تضررت شركات النفط الصخري بسبب النتائج المالية السيئة وأصبحت حذرة بشأن التسرّع في إنتاج كميات إضافية. إن الأسعار الحالية التي تزيد عن 70 دولاراً للبرميل – ضعف ما كانت عليه في الخريف الماضي تقريباً – تناسب هذه الشركات ومساهميها جيداً.
وفي حين أنه تم رفع جزء كبير من القيود المرتبطة بالجائحة، يبدو أن الأفراد من الشعب الأمريكي الذين يقودون السيارات سيكونون مسرورين جداً إزاء تمكّنهم من التنقل مجدداً على الطرق بحيث أن أسعار الوقود المرتفعة حالياً ستكون مصدر إزعاج فقط، وليس عائقاً. ولربما اعتادوا أيضاً على تراجع الأسعار مرة أخرى، ولذلك يأملون أن يحصل ذلك في وقت قريب.
ويرى [مجلس] “الاحتياطي الفدرالي” الأمريكي أن مثل هذه الأسعار تزيد من الضغوط التضخمية، لكن يبدو أن إدارة بايدن غير قلقة كثيراً [إزاء هذا الواقع] في الوقت الحالي. ويتوقّع البعض في “وول ستريت” أن يصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار. ورغم أنه ليس بالأمر المستحيل، إلا أن تجار النفط لديهم اهتمام خاص بالسماح بأن تتحول هذه التكهنات إلى موضوع حوار.
وسيكون التأثير على الأرجح ذو طبيعية جيوسياسية. ويفيد ارتفاع أسعار النفط خصوماً للولايات المتحدة مثل روسيا، الذين يمارسون حالياً ألعاباً عسكرية شرق البحر المتوسط، وبالطبع إيران. ولا تزال العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران غير مؤكدة، لكن السماح لآيات الله بتصدير النفط بحرية وبأسعار مرتفعة من غير المرجح أن يترافق بما يعتبره الغرب سلوكاً دولياً مناسباً. وحتى النتيجة من عدم التوصل إلى اتفاق ليست جيدة من وجهة نظر أمريكية، لأن إيران ستستمر في كسب المزيد من الأرباح من صادراتها إلى الصين وفنزويلا وسوريا ودولاً أخرى.
وربما تفضل إدارة بايدن تراجع الأسعار، ولو قليلاً بعض الشئ، وعدم تعزيز خصوم الولايات المتحدة. لكن الطريقة الأكثر احتمالية لحدوث ذلك قد تكون تفشي فيروس كورونا بشكل أكبر.
سايمون هندرسون
معهد واشنطن