عمان تكسر “الخصوصية” وتستعين بالخبرة الفنية لصندوق النقد

عمان تكسر “الخصوصية” وتستعين بالخبرة الفنية لصندوق النقد

مسقط – اتخذت سلطنة عمان قرارا سياسيا جريئا بالاستعانة الفنية بصندوق النقد الدولي كاسرة بذلك “الخصوصية” التي طبعت سياساتها المحافظة على مدى نصف قرن من حكم السلطان الراحل قابوس.

وقال مراقبون إن السلطنة تواجه أزمات مالية مركبة تحتاج فيها إلى الخبرة الفنية للصندوق، وهو ما انعكس بشكل إيجابي فورا على أداء الأسهم والسندات العمانية.

وارتفعت السندات الحكومية العمانية الأربعاء بعد طلبها المساعدة الفنية من صندوق النقد الدولي لمساعدتها على تطوير استراتيجية دين متوسطة الأجل وتعزيز هيكلها المالي.

وأظهرت بيانات تريدويب التابعة لرفينيتيف أن سندات عمان المستحقة في 2051 ارتفعت 1.38 سنت إلى 102.23 سنت في الدولار بحلول الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش الأربعاء، بينما صعدت السندات المستحقة في 2048 بنفس المقدار تقريبا ليجري تداولها عند 100.12 سنت في الدولار.

وقال دوج بتكون مدير استراتيجيات الائتمان لدى بنك الاستثمار رسملة إن الخطوة التي اتخذتها عمان “مؤشر واضح على أنهم جادون في خلق إطار عمل يمكن أن يعالج تحدياتهم المالية”.

وأضاف “ثمة تكلفة سياسية منخفضة حين تطبق الإصلاحات المطلوبة في ظل إطار قوي للمالية العامة تم تطويره بمساعدة مؤسسة دولية مثل صندوق النقد الدولي”.

وقالت سلطنة عمان الثلاثاء إنها تواصلت مع الصندوق “للمساعدة في تقوية إطار ماليتها العامة للأجل المتوسط”. وقال الصندوق إنه يسعى “لتوجيه برنامج الحكومة للاقتراض وإتاحة قدر أكبر من القدرة على توقع أداء النظام المالي”.

وأعلن صندوق النقد في بيان أن عُمان “طلبت من صندوق النقد الدولي مساندة فنية للمساعدة في وضع استراتيجية للديون للأجل المتوسط للاسترشاد بها في برنامج الحكومة للاقتراض وإتاحة قدر أكبر من القدرة على توقع أداء النظام المالي”.

وأضاف البيان أن مسقط طلبت معونة فنية أيضا “للمساعدة في تقوية إطار عمل المالية العامة في الأجل المتوسط”.

ويشير المراقبون إلى أن سلطنة عمان، وعلى عكس بلدان أخرى، توجهت مباشرة إلى الصندوق للمساعدة على إجراء الإصلاحات الضرورية التي تمكنها من الخروج من الأزمة المالية.

وتضررت السلطنة بشدة جراء الصدمة المزدوجة لهبوط أسعار النفط وأزمة فايروس كورونا العام الماضي.

ويترقب صندوق النقد أن تتحسن مالية الدولة مع تزايد إيرادات النفط والغاز وإصلاحات المالية العامة في السلطنة، إذ من المرجح أن ينكمش عجز الميزانية إلى 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ثم يتحول إلى فائض في الأجل المتوسط.

وتوقع أن يتعافى اقتصاد عمان وينمو بنسبة 2.5 في المئة هذا العام بفضل زيادة مستهدفة في إنتاج النفط والغاز وأيضا التأثير الإيجابي لتوزيع اللقاح.

وأوضح الباحث العماني في الشؤون الدولية سالم بن حمد الجهوري أن بلاده وضعت خطة للخروج من الضائقة المالية التي تضررت منها بسبب تراجع عائدات النفط وجائحة كورونا، وأن الحكومة العمانية بدأت في ترشيد الإنفاق بهدف سد فجوة العجز المالي بين الإيرادات والإنفاق في الميزانية.

وقال الجهوري في تصريح لـ”العرب” إن الحكومة يمكن أن تصل من خلال بعض الخطوات كرفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والماء وفرض ضريبة القيمة المضافة خلال الشهور الماضية إلى نقطة التوازن المالي بتساوي المدفوعات والإيرادات بين 2024 و2025.

وأشار إلى أن الحكومة تراهن من خلال سداد عدد من الدفعات المالية المستحقة للجهات الدائنة، وآخرها خلال الأسابيع الماضية، على تحسين تصنيف السلطنة في المؤشرات العالمية.

وعملت عُمان على الحد من الإنفاق العام لتقليل العجز المالي. وقالت الوزارة إن الإنفاق العام يواصل الانخفاض حيث انخفض بنسبة 2.9 في المئة حتى مايو الماضي.

العرب