إيران تدفع صراع ميليشياتها ضد الولايات المتحدة في العراق نحو حافة الهاوية

إيران تدفع صراع ميليشياتها ضد الولايات المتحدة في العراق نحو حافة الهاوية

استهدفت الميليشيات الشيعية الأربعاء مجدّدا قاعدة عين الأسد العسكرية الواقعة غربي العراق ويتمركز فيها جنود أميركيون من قوات التحالف الدولي ضدّ داعش وذلك في موجة تصعيد لافتة ضد تلك القوات يرى مراقبون أنّ إيران باعتبارها المستخدم الأصلي لتلك الميليشيات تقف وراءها بهدف إحراج غريمتها الولايات المتّحدة واختبار خياراتها في المواجهة التي تخوضها طهران بالوكالة على الأراضي العراقية ومن دون خسائر مباشرة لها منذ مقتل القيادي في حرسها الثوري قاسم سليماني على يد القوات الأميركية مطلع سنة 2020.

وقال الكولونيل الأميركي وين ماروتو المتحدث باسم التحالف إن 14 صاروخا على الأقل سقطت داخل وفي محيط قاعدة عين الأسد الجوية في ناحية البغدادي غربي مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، ما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص بجروح طفيفة.

وجاء الهجوم بعد سقوط ثلاثة صواريخ على القاعدة ذاتها يوم الاثنين، وغداة استهداف مطار أربيل في إقليم كردستان العراق حيث توجد أيضا قاعدة أميركية على أرض المطار الثلاثاء بطائرة مسيّرة مفخّخة، ما جعل ضابطا في الجيش العراقي يعلّق على وتيرة تلك الهجمات بأنّها “لم يسبق لها مثيل”.

وقال مصدر عراقي إنّ “إيران تدفع بميليشياتها في العراق لمشاغلة الولايات المتّحدة على حافّة الهاوية واضعة تلك الفصائل أمام سيناريو المواجهة المفتوحة مع القوات الأميركية”.

واستدرك ذات المصدر الذي فضّل عدم التصريح بهويته قائلا إنّ “طهران تضع في حساباتها الحذر الأميركي من التورط في صراع أوسع ضدّ إيران نفسها، متوقّعة أن لا يخرج أي تصعيد من قبل الولايات المتّحدة عن حدود الأراضي العراقية والسورية وأن لا يتجاوز عمليات قصف بالطيران لبعض مواقع تمركز الميليشيات هناك على غرار الاستهداف الأخير لقوات تابعة لميليشيات الحشد الشعبي في منطقة الحدود بين سوريا والعراق”.

غراف

ورغم صدور التهديد بالتصعيد ضدّ القوات الأميركية في العراق بشكل صريح ومعلن عن قائد ميليشيا كتائب سيد الشهداء أبوآلاء الولائي، فقد أعلن فصيل غير معروف مسؤوليته عن الهجوم الصاروخي على عين الأسد، وذلك في تكتيك أصبح معروفا ويقوم على نسبة تلك الهجمات إلى فصائل “جديدة” تحمل أسماء مستحدثة وهمية في الغالب لإخلاء مسؤولية الميليشيات الشهيرة مثل حزب الله العراقي وعصائب أهل الحقّ وتجنيبها التبعات لاسيما وأن بعض تلك الفصائل ينتمي إلى الحشد الشعبي المحسوب صوريا على القوات النظامية العراقية الخاضعة لإمرة القائد العام للقوات المسلّحة الذي هو رئيس الوزراء.

وقال الفصيل الذي يسمي نفسه “ثأر الشهيد المهندس” في بيان “تمكن مجاهدونا من استهداف قاعدة عين الأسد التي يشغلها الاحتلال الأميركي في محافظة الأنبار بثلاثين صاروخا من نوع غراد”.

وأضاف “تمت إصابة الأهداف بدقة عالية”، مردفا “نجدد دعوانا للاحتلال الغاشم بأننا سنجبركم على الرحيل من أرضنا مهزومين منكسرين”.

واسم الفصيل الذي يبدو مرتجلا على عجل مستوحى من اسم القيادي في الحشد الشعبي أبومهدي المهندس الذي قتل في الغارة الأميركية بصحبة سليماني قائد فيلق القدس الإيراني.

ومع تواتر الهجمات على قاعدة عين الأسد تركّز الميليشيات أيضا على قاعدة الحرير في مطار أربيل، حيث تخشى تلك الميليشيات ومن ورائها إيران أن تكون أراضي إقليم كردستان العراق ملاذا بديلا للقوات الأميركية التي تضغط الأحزاب والفصائل العراقية الموالية لإيران لإخراجها من العراق.

وتعّهد التحالف الدولي ضد داعش، الأربعاء، باستمرار دعمه لقوات البيشمركة الكردية لردع الهجمات. وقال ماروتو في تغريدة عبر تويتر “التحالف الدولي يواصل دعم شركائه في إقليم كردستان وقوات البيشمركة”، مضيفا “سنواصل العمل معا لردع الهجمات ضد إقليم كردستان وشعبه”.

ومن جهتها وصفت رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت الأربعاء الهجمات المستمرة ومن ضمنها استهداف مطار أربيل بأنّها إهانة لسيادة القانون.

وذكرت في تدوينة على فيسبوك “مثل هذه الأعمال تدفع بالعراق نحو المجهول وقد يدفع الشعب العراقي ثمنا باهظا لها”، مؤكدة أنه “يجب ألا تكون شرعية الدولة مهددة من قبل الجهات المسلحة القاسية”.

التحالف الدولي ضد داعش تعهد باستمرار دعمه لقوات البيشمركة الكردية لردع الهجمات
التحالف الدولي ضد داعش تعهد باستمرار دعمه لقوات البيشمركة الكردية لردع الهجمات
وتأخذ حكومة إقليم كردستان العراق تهديدات الميليشيات على محمل الجدّد، وقد نفت في وقت سابق أن تكون الطائرات الأميركية التي قصفت قوات الحشد الشعبي على الحدود العراقية السورية قد انطلقت من أراضي الإقليم. وجاء ذلك ردّا على قول أحمد المكصوصي القيادي في ميليشيا كتائب سيد الشهداء إنّ تلك الطائرات انطلقت من القاعدة الأميركية الموجودة في مطار أربيل.

واعتبرت حكومة الإقليم على لسان المتحدّث باسمها جوتيار عادل أنّ “ما زعمه المكصوصي له دلالات سيئة جدا.. وأن أي هجمات محتملة يمكن أن تطال أربيل هي من أفعال الجهات التي ينتمي إليها”.

وتسبّب هجمات الميليشيات على المصالح الأجنبية في العراق حرجا بالغا لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التي بدت في أكثر من مناسبة عاجزة عن لجم تلك الفصائل بما في ذلك المحسوبة كقوات نظامية. وتجد الحكومات العراقية سواء الحالية أو السابقة نفسها مجبرة على التعامل مع طرفين متصارعين تربطها بكل منهما علاقات وثيقة هما الولايات المتّحدة وإيران التي يعلم الجميع أنّها تستخدم الأراضي العراقية في صراع بالوكالة ضدّ واشنطن.

وأدان المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، الأربعاء، عمليات القصف التي تعرض لها مطار أربيل وقاعدة عين الأسد الجوية لما تمثله من “انتهاك صارخ لكل القوانين من اعتداء على هيبة الدولة وإخلال بالتزاماتها الدولية”.

وقال المتحدث في بيان صحافي “مرة أخرى يوغل أعداء العراق في غيهم ويستهدفون أمن البلاد وسيادتها وسلامة المواطنين من خلال اعتداء إرهابي جديد على مطار أربيل ومعسكر عين الأسد التابع لوزارة الدفاع العراقية، وقبل ذلك العودة لاستهداف مقارّ البعثات الدبلوماسية التي تقع تحت حماية الدولة”.

رغم صدور التهديد بالتصعيد ضدّ القوات الأميركية في العراق بشكل صريح ومعلن عن قائد ميليشيا كتائب سيد الشهداء أبوآلاء الولائي، فقد أعلن فصيل غير معروف مسؤوليته عن الهجوم

وأضاف “الحكومة العراقية في الوقت الذي تشجب فيه هذا الهجوم الآثم وتستنكره فإنها تؤكد ملاحقة المتجاوزين على القانون وفرض الأمن استعدادا لتنظيم الانتخابات”، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية المبكّرة المقرّرة للعاشر من شهر أكتوبر القادم.

وكثيرا ما يربط متابعون للشأن العراقي عمليات التصعيد بمختلف أشكالها بمحاولات لخلط الأوراق قبل تلك الانتخابات التي يؤكّد هؤلاء أن إجراءها بشكل سليم من التزوير وبمنأى عن توجيه إدارة الناخبين بإغراء المال السياسي وتهديد السلاح لا يخدم مصلحة الأحزاب الدينية التي حكمت البلاد منذ 18 عاما ولها ارتباطات بالميليشيات التي من ضمن مهامها حماية النظام القائم ومنع تغييره.

صحيفة العرب