تزايدت الهجمات على المواقع والمصالح الأميركية في العراق وسوريا هذه الأيام في تصعيد منسق بين الفصائل الموالية لإيران في كلا البلدين، في وقت لا تزال فيه الآمال الدولية معلقة على جولة سابعة من المحادثات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بهدف إعادة الدولتين للامتثال للاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وأعلن الجيش العراقي في بيان الخميس سقوط ثلاثة صواريخ ليل الأربعاء-الخميس قرب السفارة الأميركية في بغداد، وذلك بعيد ساعات من تعرّض مصالح أميركية في غرب العراق وأخرى في سوريا المجاورة لقصف مماثل، في هجمات غالبا ما تُنسب إلى فصائل مسلّحة موالية لإيران.
وأضاف البيان “أن هذه الاعمال التي لا تريد الخير لهذا البلد ستواجه بقوة من قبل الأجهزة الأمنية والتي ستتابع استخبارياً وميدانياً من قام بهذه الأعمال التي تعرض حياة المواطنين للخطر وكذلك استهداف البعثات الدبلوماسية الأجنبية”.
وأطلقت منظومة “سي-رام” الأميركية للدفاع الجوي فجر الخميس صواريخ اعتراضية للتصدّي لهذا القصف الصاروخي، في حين قال الجيش العراقي إنّ الصواريخ الثلاثة لم تصب السفارة بل سقطت في أماكن قريبة منها في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين.
وتعليقا على تلك الهجمات قال حمدي مالك، الزميل المشارك في معهد واشنطن والمتخصص في شؤون الفصائل الشيعية المسلحة في العراق، إن هذه الهجمات جزء من تصعيد منسق من قبل الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق.
ويبدو أن محاولة شن هجمات في شرق سوريا أول مثال على العمليات التي يتم تنفيذها في وقت واحد في كلا البلدين.
وأضاف “يبدو لي أن لديهم ضوءا أخضر من طهران للتصعيد، لاسيما أن المفاوضات النووية لا تسير على ما يرام. لكن في الوقت نفسه لا يريدون التصعيد إلى ما بعد نقطة معينة، فهم أكثر عرضة للهجمات الجوية الأميركية مما كانوا عليه من قبل، ولا يريدون زيادة تعقيد المفاوضات النووية الجارية مع الغرب”.
وكانت الولايات المتحدة أبلغت مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي أنها استهدفت فصائل مدعومة من إيران في سوريا والعراق بضربات جوية لردعها ومنع طهران من شن أو دعم المزيد من الهجمات على أفراد أو منشآت أميركية.
في حين نفت طهران دعمها لتلك الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا ودانت الضربات الجوية الأميركية.وكان هجوم بـ14 صاروخاً استهدف نهاراً قاعدة عين الأسد التي تضم عسكريين أميركيين في محافظة الأنبار في غرب العراق وأسفر عن سقوط جريحين إصاباتهما طفيفة.
وتزامن القصف الصاروخي على قاعدة عين الأسد مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية أنّها تصدّت لهجمات بطائرات مسيّرة في منطقة حقل العمر الذي يشكل أكبر قاعدة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في سوريا، في هجوم هو الثاني من نوعه خلال أيام.
وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات التي تعد جزءا من موجة تستهدف القوات الأميركية أو المناطق التي تتمركز فيها في العراق وسوريا، يعتقد محللون أنها جزء من حملة للفصائل المسلحة المدعومة من إيران.
وتوعدت الفصائل العراقية المتحالفة مع إيران بالرد بعد أن قتلت هجمات أميركية على الحدود العراقية السورية أربعة من أعضائها الشهر الماضي.
وقال الكولونيل الأميركي وين ماروتو المتحدث باسم التحالف إن شخصين أصيبا بجروح طفيفة في الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد الجوية بغرب العراق، بعد أن صرح في وقت سابق بإصابة ثلاثة.
وأكد مسؤولون أميركيون، اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم، أن المصابين الاثنين من العسكريين الأميركيين، أحدهما أصيب بارتجاج في المخ والآخر بجروح طفيفة.
وفي سوريا قالت قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة إنه لم تقع أي أضرار جراء هجوم بطائرة مسيرة على حقل العُمَر النفطي الواقع بمنطقة بشرق سوريا مجاورة للعراق تعرضت فيها قوات أمريكية لهجوم صاروخي لم يسفر عن أي إصابات في 28 يونيو.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنه تم إسقاط طائرة مسيرة في شرق سوريا، وإنه لا توجد أي إصابات في صفوف العسكريين الأمريكيين، ولم تحدث أي أضرار مادية.
وأكد مسؤولون بالجيش العراقي أن وتيرة الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة الملغومة على قواعد تستضيف قوات أميركية في الفترة الأخيرة لم يسبق لها مثيل.
وقالت مصادر عسكرية عراقية إن قاذفة صواريخ مثبتة على ظهر شاحنة استخدمت في هجوم الأربعاء وعُثر عليها تحترق في مزرعة قريبة، فيما أكدت مصادر أمنية كردية الثلاثاء أن طائرة مسيرة هاجمت مطار أربيل في شمال العراق مستهدفة قاعدة أمريكية على أرض المطار.
وسقطت ثلاثة صواريخ أيضا على قاعدة عين الأسد الاثنين دون أن تسفر عن أي إصابات.
وتجري الولايات المتحدة محادثات غير مباشرة مع إيران بهدف إعادة الدولتين للامتثال للاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 والذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب. ولم يتم تحديد موعد للجولة المقبلة من المحادثات التي تم تأجيلها في 20 يونيو حزيران.
ومنذ مطلع العام، استهدف نحو خمسين هجوما المصالح الأميركية في العراق، لا سيّما السفارة الأميركية في بغداد وقواعد عسكرية عراقية تضمّ أميركيين، ومطاري بغداد وأربيل، في هجمات غالباً ما تنسب إلى فصائل عراقية موالية لإيران.
فيما بات استخدام طائرات بلا طيار خلال الآونة الأخيرة يشكل مصدر قلق للتحالف لأن هذه الأجهزة الطائرة يمكنها الإفلات من الدفاعات التي عمد الجيش الأميركي إلى تركيبها للدفاع عن قواته ضد الهجمات الصاروخية.
صحيفة العرب