إيران تغازل طالبان لكنها تستعد للأسوأ

إيران تغازل طالبان لكنها تستعد للأسوأ

تسعى إيران للتعامل مع المتغيرات الميدانية المتسارعة في أفغانستان بالكثير من الحذر واليقظة، إذ تحاول الوقوف على مسافة واحدة من جميع أطراف الأزمة لكنها في المقابل تستعد للسيناريو الأسوأ على حدودها.

وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي الأربعاء أن طهران أعادت عددا من القوات الأفغانية التي لجأت إليها مؤخرا بعد هجوم شنته عناصر من حركة طالبان على مناطق واقعة غربي البلاد، فيما تفقد قائد الجيش الإيراني الوحدات العسكرية على الحدود مع أفغانستان.

ونقلت وكالة فارس الإيرانية عن ربيعي القول إن إعادة القوات تمت عبر التنسيق مع الحكومة المركزية في أفغانستان. وتعليقا على الهجمات المتزايدة التي تشنها طالبان وسيطرتها على المزيد من المناطق في أفغانستان قال ربيعي إن “هناك استعدادا في إيران من قبل جميع الأجهزة المعنية، وتم التخطيط لسيناريوهات مختلفة تجاه التحركات الأخيرة في أفغانستان، وتم اتخاذ التدابير اللازمة بشأن حراسة الحدود”.

ويأتي ذلك بعد سيطرة طالبان على إسلام قلعة، وهو أهم معبر حدودي لأفغانستان مع إيران، في خضم هجوم واسع يشنه مقاتلوها تزامنا مع انسحاب القوات الأميركية من بلادهم. وزار القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبدالرحيم موسوي الأربعاء مدينة تايباد في محافظة خراسان رضوي شمال شرقي إيران ونقطة الصفر الحدودية بين إيران وأفغانستان.

علي ربيعي: جاهزون لسيناريوهات مختلفة تجاه التحركات الأخيرة في أفغانستان

وذكرت وكالة فارس الإيرانية أنه تفقد الوحدات العسكرية التابعة للجيش والموجودة على الحدود.

ويرى مراقبون في عدم قبول طهران لجنود أفغان فارين على أراضيها (مثلما فعلت طاجيكستان) رسالة مغازلة إلى حركة طالبان التي باتت تسيطر على ربع البلاد تقريبا وتستعد لمهاجمة المدن الكبرى، ومفاد هذه الرسالة أنها على مسافة واحدة من أطراف الصراع. لكن الرسالة كانت مصحوبة باستنفار عسكري على الحدود، ما يعكس تخوّف طهران من تمدد الأزمة إلى داخلها. وتجلّت المغازلة الإيرانية لطالبان أيضا عندما حذر مدير عام مكتب الشؤون الخارجية لوكالة أنباء تسنيم، إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني الإعلامية، حسام رضوي الشيعة الهزارة في أفغانستان من التطوع للمشاركة في الحرب ضد طالبان.

وأضاف رضوي “في مثل هذه الحرب سيسقط قتلى من الجانبين، ولكن هذا لا يعني أن طالبان ترتكب المجازر بحق الشيعة في أفغانستان”.

وتنظر إيران إلى أفغانستان بالكثير من الاهتمام، ويدعم ذلك وجود مشتركات ثقافية وعرقية ولغوية وتاريخية ودينية تراهن عليها طهران في بناء علاقات تعزز نفوذها الإقليمي ومصالحها السياسية.

ولا تدلّ مسارعة إيران إلى جمع الطرفين الأفغانيين للحوار إثر إخلاء قاعدة باغرام الجوية من قبل الأميركيين على مساع لإيجاد حلول للأزمة، وإنما تسعى لاستكشاف النوايا واستخلاص نتائج يمكن أن تساعد على ترتيب الأولويات من جديد في الداخل الأفغاني.

وتفتح الحدود الإيرانية – الأفغانية، التي يصل امتدادها إلى 945 كلم، المجال واسعًا لتهديدات كثيرة مثل تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية وغياب الأمن عن المناطق الحدودية ومهاجمة النقاط الأمنية الحدودية. وتقول إيران إن الحدود تشكل “عبئًا ماليًّا وأمنيّا”.

ومع قرب اكتمال انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان وتحقيق طالبان مكاسب ميدانية، أحكمت على إثرها سيطرتها تقريبا على المناطق الحدودية مع إيران، بات النظام الإيراني، الذي تجمعه علاقات وطيدة بطالبان ووفر لها الدعم اللوجستي في مواجهة الأميركيين، يخشى انقلاب الحركة على تحالفاتها الخارجية، وهو ما يضرّ بمصالح إيران الأمنية والاقتصادية والثقافية في الداخل الأفغاني.

صحيفة العرب