أسوأ هدية عيد في سوريا: ارتفاع سعر المازوت والرغيف

أسوأ هدية عيد في سوريا: ارتفاع سعر المازوت والرغيف

حين انتهت الحرب ظن السوريون أنها فرجت وستعود الحياة إلى طبيعتها وأنهم سيرتاحون قليلا من العناء، لكن تواتر ارتفاع الأسعار وخاصة في ما يتعلق بالمواد الأساسية كالمازوت والرغيف، زاد من معاناتهم وأربك أصحاب العائلات الذين أصبحوا يتمنّون أن يفوا بالتزاماتهم مع أطفالهم في غذائهم ودوائهم ودراستهم.

دمشق – أثار رفع الحكومة السورية سعر المازوت والخبز مؤخرا قلق غالبية السوريين من ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي ساهم في زيادة معاناتهم خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي الذي تعيشه سوريا بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، والأزمات التي خلفتها سنوات الحرب.

وكانت الحكومة السورية قد رفعت السبت الماضي سعر مادة المازوت المدعوم من 185 ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي 2512 ليرة سورية حسب سعر الصرف الرسمي) للتر الواحد من المازوت إلى 500 ليرة سورية وسعر ربطة الخبز المدعوم من 100 ليرة سورية إلى 200 ليرة سورية بنسبة 100 في المئة.

وعبر المئات من السوريين عن استيائهم من رفع أسعار المازوت والخبز، لكونهما مادتين أساسيتين في حياة الأسر السورية، وانعكاساتهما السلبية على حياتهم اليومية.

وعبّر أبوحسن (55 عاما) وهو موظف متقاعد، عن قلقه من هذه القرارات، التي وصفها بأنها مجحفة بحق المواطنين ولا تراعي الواقع.

وقال أبوحسن لوكالة أنباء شينخوا، “بمجرد ارتفاع سعر المازوت إلى 500 ليرة سورية، فإن أسعار السلع كلها سترتفع”، مبينا أن دخله المادي لا يتناسب مع ارتفاع الأسعار التي حدثت.

وتابع يقول “أولادي ما زالوا يدرسون في الجامعة، وهذا يتطلب منهم الذهاب عبر وسائل النقل العامة التي تعمل على الديزل، بالتالي تكاليف النقل ارتفعت 100 في المئة، وهذا زاد من أعبائي المادية وبات مكلفا وليس بمقدورهم الذهاب يوميا إلى الجامعة”، مشيرا إلى أن هذه الأسعار فاقمت من أزمة المواطن.

وحال أبوحسن يشبه حال الكثير من السوريين الذين انقلبت حالتهم بين ليلة وضحاها، ولم يعد بإمكانهم مواكبة الحياة بسبب الغلاء الذي جعلهم يستغنون عن أشياء كثيرة كانت أساسية بالنسبة إليهم.

أبومحمد (47 عاما) نجار يعمل بشكل يومي، وقف أمام محلات الخضار يقرأ الأسعار التي قفزت قفزات نوعية، معبرا عن اندهاشه من هذه الأرقام.

وقال وعلامات الدهشة ما زالت مرتسمة على وجهه “ما هذه الأرقام يا إلهي، كل شيء ارتفع”، داعيا الحكومة إلى ضرورة مراقبة الأسواق لوضع حدّ لجشع التجار الذين يضعون أسعارا لا تتناسب ودخل السوريين.

وأضاف متسائلا “في سنوات الحرب كان الوضع أفضل وكنت أعيش بشكل جيد، فكيف بعد الحرب؟ يفترض أن تتحسن الأوضاع لا أن تسير نحو الخلف”. وما أن اجتمع اثنان حتى كان الغلاء حديثهما، خاصة وأن هذا الارتفاع جاء قبيل عيد الأضحى المبارك.

السوريون عبّروا عن استيائهم من رفع أسعار المازوت والخبز، لكونهما مادتين أساسيتين في حياة الأسر الفقيرة

وقالت أم ساره (37 عاما)، موظفة في القطاع الخاص، “يبدو أن الغلاء سيسرق بهجة العيد من الكثير من الأسر، ولن يجعلنا نعيش فرحته”، مؤكدة أن ارتفاع الأسعار التي جاءت على خلفية رفع أسعار المازوت،

زادت من أعباء الحياة. وأشارت إلى أن أسعار الخبز دفعت الناس إلى فرض سياسة تقشف جديدة على الأسرة السورية، وربما التقليل من عدد الوجبات. ولاحظ مراسل وكالة أنباء (شينخوا) وجود ارتفاع ملحوظ على الكثير من أسعار السلع، بسبب رفع سعر المازوت المرتبط بنقل المواد وتصنيع الكثير منها عبر آلآت تعمل على الديزل.

كما ارتفعت أجور النقل في داخل المحافظات وبين المحافظات، الأمر الذي شكل صدمة كبيرة لدى الطلبة الذين يأتون من محافظات بعيدة لتقديم امتحاناتهم التي بدأت منذ أيام.

من جانبه قال سعد بساطة وهو محلل اقتصادي سوري لوكالة أنباء (شينخوا) إن “العالم كله يعاني من ارتفاع بالأسعار من المشتقات النفطية وندرة للكثير من المواد اليومية ومن ارتفاع أسعار تلك المواد الغذائية”، مؤكدا أن سوريا “ليست استثناء”، مبررا ذلك بأن سوريا تعاني من عقوبات اقتصادية ومن انعكاسات الحرب التي دامت عشر سنوات، إضافة إلى سيطرة بعض التجار على السوق المحلية.

وبيّن المحلل الاقتصادي السوري أن هناك هوة كبيرة باتت واضحة بين دخل المواطن الحالي وبين أسعار السلع التي ارتفعت بشكل مضاعف، لافتا إلى أن المواطن هو الذي يدفع ضريبة الغلاء دائما.

وأشار إلى أن الكثير من الأسر السورية استغنت عن الكثير من السلع الأساسية، لكي تستطيع مواكبة الحياة بالحدود الدنيا.

وقال رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس الثلاثاء إن “الحكومة تتقاضى أقل من 10 في المئة من سعر مادتي الخبز والمازوت”. وأضاف عرنوس في حديث للتلفزيون الرسمي السوري إن “تحريك سعر الخبز والمازوت جاء لضمان استمرار تأمينهما”.

وأشار عرنوس إلى أن “سياسة الدعم مكون أساسي في الاقتصاد السوري”، لافتا إلى أن “تمويل الموازنة بالعجز سيؤدي إلى التضخّم وهذا له آثار كبيرة”. وتابع عرنوس أنه “لن يكون هناك تراجع عن الدعم لكن قد تختلف أشكال هذا الدعم”، مبينا أن “قيمة دعم الخبز يوميا من 5 إلى 6 مليارات ليرة”. وأوضح عرنوس أنه “تم التركيز على الإنتاج والاعتماد على الذات لمواجهة الإجراءات الاقتصادية القسرية”.

العرب