قبل الإطاحة بحكم طالبان عام 2001 على يد تحالف دولي قادته الولايات المتحدة، كانت الحركة تفرض فهمها المتشدد للشريعة الإسلامية، حيث حُظِرت الألعاب والموسيقى والصور والتلفزيون، وقطعت أيدي لصوص، وأعدِم القتلة في الأماكن العامة وقتِل المثليون.
كما منعت النساء من العمل والخروج دون مرافق، فيما حظِر على الفتيات الذهاب إلى المدرسة. وتعرضت نساء اتّهمن بارتكاب الزنا للجلد والرجم حتى الموت. ومع بدء عهد جديد من نفوذ طالبان، يخشى الأفغان ألا تكون الحركة تغيرت كثيرا منذ أيام حكمها السابق الحالكة التي شهدت قتل نساء متهمات بالزنا ومهاجمة الأقليات ومنع البنات من ارتياد المدارس.
وبعد أيام قليلة من سيطرة طالبان على إقليم ناء في ولاية تخار شمالي أفغانستان، أبلغت الحركة الإمام المحلي قواعدها القاضية بوجوب إطالة اللحى وفرض الوصاية على المرأة.
وقال المقيم في إقليم كلافغان صفة الله (25 عاما) إنّ الرسالة “أوردت منع توجه النساء إلى السوق ما لم يرافقهن رجل، وكذلك حظر حلق اللحى على الرجال”. وتابع أنّ التدخين صار محرّما، فيما أكدت طالبان “التصدي بشدّة” لكلّ من ينتهك قواعدها.
وفي مايو الماضي، ذكر تقرير استخبارات أميركي أن المكاسب التي تم تحقيقها في مجال حقوق المرأة ستتراجع إذا عاد المتمردون إلى السلطة.
ويشير التقرير الاستخباري الذي أعده المجلس الوطني للاستخبارات والواقع في صفحتين، إلى أن وجهات نظر المتمردين لم تتغيّر منذ أن تولوا السلطة في العام 1996 وإطاحتهم إثر الغزو الأميركي في العام 2001.
الأفغان يخشون ألا تكون طالبان تغيرت كثيرا منذ أيام حكمها التي شهدت مهاجمة الأقليات ومنع البنات عن ارتياد المدارس
وجاء في التقرير أن حركة “طالبان لا تزال إلى حدّ كبير ثابتة في نهجها التقييدي لحقوق المرأة وهي ستطيح بالكثير من التقدّم الذي أحرز في العقدين الماضيين في حال استعادت السلطة في البلاد”.
ويلفت التقرير إلى أن التغيير في قيادة الحركة بقي محدودا جدا، وأنها لا تزال “متصلبة” و”تفرض قيودا اجتماعية صارمة في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.
وأطلق عدد من قادة الحركة علنا تعهّدات باحترام حقوق المرأة، لكن فقط من خلال مفهوم طالبان الأصولي للشريعة، وفق التقرير.
ومنذ شروع القوات الأجنبية في انسحابها من البلاد، بسطت الحركة سلطتها على مساحات واسعة في الداخل الأفغاني وعلى معابر حدودية مع إيران وتركمانستان وطاجيكستان.
وعلى غرار ولاية تخار، تغلغلت طالبان في مناطق شمالي البلاد كانت خارج سيطرتها إبّان حكمها لأفغانستان بين 1996 و2001، ولم تعرف بالتالي حكم الحركة المتشدّد.
وكان معبر شير خان بندر الحدودي مع طاجيكستان والذي استولى المتمردون عليه في يونيو، الأول الذي يسقط في قبضتهم رغم أنّه يشكّل محورا مركزيا للعلاقات التجارية والاقتصادية مع آسيا الوسطى.
وقالت ساجدة التي كانت تعمل في أحد مصانع المدينة، “بعد سقوط شير خان أمرت طالبان النساء بالتزام منازلهن”.
وأضافت “نسوة وفتيات كثيرات كنّ يعملن في التطريز والخياطة وصناعة الأحذية (…) لكن قرار طالبان أرعبنا”.
قبل الإطاحة بحكم طالبان عام 2001 على يد تحالف دولي قادته الولايات المتحدة، كانت الحركة تفرض فهمها المتشدد للشريعة الإسلامية.
Thumbnail
وفي بيان نسب إلى طالبان تمّ تداوله الأسبوع الحالي في مواقع التواصل الاجتماعي، يأمر المتمردون القرويين بتزويج بناتهم أو أراملهم لمقاتلي الحركة.
وأعاد هذا النص ذكرى مراسيم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أثارت الرعب خلال حكم الحركة.
ونفت طالبان الحريصة على إظهار صورة أكثر اعتدالا في وقت توسع نطاق سيطرتها وتقترب أكثر من الاستيلاء مجددا على السلطة، إصدار البيان ووصفته بالدعاية.
وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد “هذا اتهام لا أساس له”، مضيفا “إنّها شائعات”. لكنّ سكانا في المناطق التي أخضعتها طالبان في الآونة الأخيرة أكدوا عودتها إلى الأساليب القديمة.
وفي منطقة ياوان الواقعة ضمن ولاية بدخشان، وهي ولاية أخرى لم تطأها الحركة من قبل، جمع المتمردون السكان المحليين في مسجد عند وصولهم وفرضوا على الفور بعض القواعد الصارمة.
وقال نذير محمّد (32 عاما) “يجب على الجميع ارتداء العمائم وإطالة اللحى”، مضيفا أنّ “فتيات الصفوف الأعلى من الصف السادس (من سن 11 إلى 12 سنة)، تمّ منعهن من العودة إلى فصول الدراسة”.
وكررت طالبان في الماضي تعهداتها باحترام حقوق الإنسان، وحقوق المرأة على وجه الخصوص، طبقا لمقتضيات “القيم الإسلامية”، وذلك في حال عودتها إلى السلطة. لكنّ ثمة طرقا عديدة لتفسير وتأويل هذه المسائل في العالم المسلم.
وارتأت ساجدة عدم الانتظار وترقب النوايا الحقيقية لطالبان. رحلت إلى قندوز، كبرى مدن الشمال الشرقي لأفغانستان، بعد أيام قليلة من وصول الحركة.
وقالت “لن يكون بمقدورنا العمل في مناطق سيطرة طالبان، لهذا السبب رحلنا”.
صحيفة العرب