موفدان إيراني وأميركي إلى بغداد في وقت واحد: ماذا يجري بالمنطقة الخضراء؟

موفدان إيراني وأميركي إلى بغداد في وقت واحد: ماذا يجري بالمنطقة الخضراء؟

بالتزامن مع زيارة وزير الاستخبارات الإيراني محمود علوي غير المعلنة إلى العاصمة العراقية، أمس الأربعاء، وصل المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى بغداد الخميس، وعقد عدة لقاءات مع زعامات عراقية مختلفة.

زيارة ماكغورك، التي لم يعلن عنها مسبقاً، تُعتبر الأولى له للعراق منذ توليه مهمة المنسق لشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس جو بايدن، وجاءت بالتزامن مع إعادة قوات الجيش العراقي عملية انتشار واسعة بمحيط قاعدتي “عين الأسد” غربي البلاد، ومعسكر “فيكتوريا” المجاور لمطار بغداد غربي العاصمة العراقية، إضافة إلى إجراء السفارة الأميركية تشغيلا تجريبيا لمنظومة الدفاع الجوي C-RAM، وهو إجراء بات متكرراً بالفترة الأخيرة مع كل تصعيد للفصائل المسلحة ضد المصالح الأميركية في العراق.

وأبلغ مسؤول عراقي “العربي الجديد”، بأن وزير الاستخبارات الإيراني والوفد المرافق له أجرى، ليلة أمس، لقاءات مع قيادات عراقية سياسية وأخرى بفصائل مسلحة، كما عقد لقاء مع مسؤولين في مبنى السفارة الإيرانية بالعاصمة بغداد، ولقاءات أخرى في مقر إقامته ببغداد.

ووفقاً للمسؤول ذاته، طلب وزير الاستخبارات الإيراني صراحة من رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، إنهاء ملف الوجود الأجنبي في العراق، على اعتبار أنها “مسألة تمسّ الأمن القومي الإيراني”، وفقاً لتعبير المسؤول، الذي أشار إلى أن زيارة علوي تأتي أيضاً تأكيداً للملفات التي حملها المسؤول في الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، في السادس من الشهر الحالي، وتحدث حينها بشأن ملف القوات الأميركية على أنها “مطلب” المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وحول زيارة ماكغورك للعراق ولقائه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أكد المسؤول ذاته أنها ركزت على الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق، وأن “المحاور التي سيتم بحثها في جولة الحوار الرابعة بين بغداد وواشنطن تصدرت المباحثات”، مبيناً أن ماكغورك سيتوجه إلى أربيل في وقت لاحق للقاء القيادات الكردية في الإقليم.

وأضاف: “إلى غاية الآن، لم يلمس القادة العراقيون الذين التقى بهم ماكغورك أي تمسك أميركي ببقاء قواتهم في العراق، وستتم مناقشة الملف العسكري للقوات الأميركية في العراق عموماً في الجولة الرابعة المرتقبة بعد عطلة عيد الأضحى نهاية الشهر الحالي”.

ورجّح المسؤول ذاته أن يكون هناك إعلان قريب عن بدء الانسحاب الفعلي للقوات القتالية الأميركية من العراق، دون التطرق في الوقت الحالي إلى العسكريين العاملين بصفة مستشار ومدرب، ويبلغ عددهم المئات، وينتشرون في قاعدتي عين الأسد وحرير بمحافظتي الأنبار وأربيل.وقال نائب رئيس لجنة العلاقات في البرلمان العراقي، ظافر العاني، إن تزامن زيارة قادة الحرس الثوري الإيراني مع زيارة بريت ماكغورك لبغداد “دليل على أن العراق ما يزال ساحة لتصفية الخلافات”.

وأضاف العاني، في تغريدة له على موقع “تويتر”، أن “القادة السياسيين يطالبون في العلن بإبعاد العراق عن نزاعاتهم، وفي السر يقدمون العراق على مذبح الدول الخارجية”. وختم بالقول إن “عدم المصداقية عاهة مستديمة”.

في السياق، علم “العربي الجديد”، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي طلب اجتماعاً مع قادة الكتل الشيعية الرئيسة في بغداد لبحث مجمل التطورات السياسية في البلاد، ووفقاً لمصادر مقربة من رئيس الحكومة فإنه من غير المعروف ما إذا سيتم الاجتماع أو الموعد المقرر له.

وتعليقاً على ذلك قال الخبير بالشأن العراقي، أحمد النعيمي، لـ”العربي الجديد” إن العراق تحول لساحة صراع أميركي إيراني، ويظهر ذلك من تكرار توافد قيادات الحرس الثوري إلى بغداد منذ أسبوعين والتي يبدو أن قادة الصف الأول في هذه المؤسسة هم من باتوا يتولون الملف العراقي ولم يعد محصورا على قائد فيلق القدس فقط.

وأضاف أن أي تسوية أميركية إيرانية مرتقبة في هذا الإطار سيكون العراق خاسراً فيها بسبب ضعف القيادات العراقية، كما أن أي انسحاب أميركي يعني تهديدا بعودة عزلة العراق، وتراجع الدعم الأميركي وحتى الغربي عموما له في مختلف المجالات”.

وبحسب النعيمي، فإن “الإعلان عن انسحاب القوات القتالية يظهر أنه وشيك لكن مسألة الانسحاب الكامل هي ما لا يرجح حدوثه، على الأقل خلال الفترة الحالية، وقد تكون لاعتبارات سياسية لها صلة بالانتقادات التي يواجهها بايدن في واشنطن بسبب الانسحاب السريع من أفغانستان والتي اعتُبرت مذلة كما أن أي انسحاب حالي سيكون معناه نصراً إيرانياً في هذا الإطار وتمكينا أكثر لإيران في العراق”.

عثمان المختار

العربي الجديد