واشنطن وحلفاؤها تتهم بكين بـ”التجسس الخبيث”

واشنطن وحلفاؤها تتهم بكين بـ”التجسس الخبيث”

دانت الولايات المتحدة وحلفاء لها الصين، اليوم الاثنين، بقيامها بأنشطة إلكترونية “خبيثة”، واتهمتها بالضلوع في جريمة الابتزاز وطلب فديات من شركات خاصة وتهديد الأمن القومي، وألقت باللوم بشكل محدد على متسللين يعملون لصالح بكين في هجوم واسع النطاق على “مايكروسوفت” كُشف عنه هذا العام.

وفي تصريحات يرجح أن تصعد توتر العلاقات المتردية بالأساس بين واشنطن وبكين، قال مسؤول أميركي رفيع إن “سلوكيات (الصين) غير المسؤولة في الفضاء الإلكتروني لا تتوافق مع هدفها المعلن بأن يُنظر إليها على أنها قائد مسؤول في العالم”.

اتهامات دولية بالتجسس

وفي بداية لمرحلة جديدة من التوتر مع الصين، انضمت الولايات المتحدة إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا وكندا لتوجيه الاتهامات إلى بكين، وفق ورقة حقائق نشرها البيت الأبيض صباح اليوم الاثنين.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في بيان اليوم “تحمّل الولايات المتحدة ودول حول العالم الصين المسؤولية عن نمطها من السلوك غير المسؤول والتخريبي والمزعزع للاستقرار في الفضاء الإلكتروني، الذي يشكل تهديداً كبيراً لأمننا الاقتصادي والوطني”.

ولاحظت واشنطن أن الحكومة الصينية “تستعين بقراصنة معلوماتية مجرمين” لشن هجمات في مختلف أنحاء العالم. ووجه القضاء الأميركي، اليوم الاثنين، اتهامات إلى أربعة قراصنة صينيين، بينهم ثلاثة “موظفين في وزارة أمن الدولة” متهمين بالتسلل إلى أنظمة شركات وجامعات وحكومات بين 2011 و2018 بهدف سرقة بيانات أو تكنولوجيا.

وترتبط المعلومات المسروقة بدول عدة بينها ألمانيا وإندونيسيا بآليات مستقلة ومعادلات كيماوية وتكنولوجيات تسلسل جيني، وفق وزارة العدل الأميركية.

وأوضح مسؤول أميركي أن وزارة أمن الدولة الصينية “تستخدم قراصنة مجرمين تتعاقد معهم لشن عمليات عبر الإنترنت غير مصرح بها عالمياً، بما في ذلك لمصالحهم الخاصة”. وأضاف، أن هذه العمليات تشمل “أنشطة مجرمة على غرار الابتزاز عبر الإنترنت والاستيلاء بواسطة التشفير وسرقة ضحايا من حول العالم من أجل مكاسب مالية”.

هجمات الفدية

وباتت “هجمات الفديات” التي تقضي بتشفير معطيات تابعة لهدف معين والمطالبة بالمال لفك هذا التشفير شائعة، واستهدفت أخيراً العديد من كبرى الشركات الأميركية. لكن المتخصصين الأميركيين ينسبونها في شكل أكبر إلى قراصنة متمركزين في روسيا.

وحملت بروكسل ولندن وواشنطن في بياناتها الصين رسمياً مسؤولية القرصنة واسعة النطاق التي استهدفت في مارس (آذار) خدمة “اكستشينج” للمراسلة التابعة لمجموعة “مايكروسوفت”، ويقدر أنها طالت ما لا يقل عن 30 ألف منظمة بينها شركات ومدن ومؤسسات محلية.

وسبق أن اتهمت “مايكروسوفت” مجموعة قراصنة على صلة ببكين تعرف باسم “هافنيوم”.

اقرأ المزيد

هل تعيد “الهجمات السيبرانية” بين الدول الكبرى أجواء الحرب الباردة؟

اصطفاف دولي في مواجهة الهجمات السيبرانية المتزايدة
وقالت الدبلوماسية الأوروبية إن “القراصنة يواصلون حتى اليوم استغلال هذه الثغرات الأمنية”، مؤكدة أن ذلك يمثل تهديداً أمنياً، لافتة إلى تكبد “المؤسسات والشركات (في الاتحاد الأوروبي) خسائر اقتصادية كبيرة”.

كذلك، نددت بأنشطة قراصنة يعرفون باسمي “أي بي تي 40″ و”أي بي تي 31” (ادفانسد بيرزيستنت ثريت)، مشيرة إلى أنهم شنوا هجمات “من الأراضي الصينية بهدف سرقة أسرار أو التجسس”.

وقال المسؤول الأميركي إنه لمواجهة الخطر الصيني، تتبادل واشنطن وحلفاؤها معلومات ونصائح تقنية من دون استبعاد اتخاذ “تدابير أخرى لوضعها أمام مسؤولياتها”. واعتبر أن “عملاً من طرف واحد لن يكون كافياً لتغيير سلوك الصين في الفضاء الإلكتروني، وهذا ينطبق أيضاً على بلد يتحرك بمفرده”. وخلص “نقترح مقاربة سيبرانية مشتركة مع حلفائنا ونقول بوضوح ما نتوقعه على صعيد السلوك المسؤول للدول في الفضاء السيبراني”.

بريطانيا وحلف الأطلسي

وفي سياق ذي صلة، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب “على الحكومة الصينية أن تضع حداً للتخريب الإلكتروني المنهجي (الذي تمارسه) وينبغي محاسبتها إذا لم تقم بذلك”.

وفي بيان اتسم بلهجة حذرة، أعلن حلف الأطلسي أنه “أخذ علماً” بالتصريحات الأميركية والبريطانية في شأن الصين، مبدياً “تضامنه” معهما. وجاء في البيان “ندعو الدول كافة، بما فيها الصين، إلى الوفاء بالتزاماتها ويشمل ذلك الفضاء السيبراني”.

وجاء الإعلان بعد شهر من اتفاق مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى وزعماء حلف الأطلسي مع الرئيس الأميركي جو بايدن في قمتين في كورنوال في بريطانيا، وبروكسل، على اتهام الصين بأنها تمثل تحديات منهجية للنظام العالمي.

وقال بلينكن، إن الحكومات ألقت باللوم رسمياً في الحملة الإلكترونية الخبيثة التي استهدفت خادم “مايكروسوفت إكستشينج” واكتشفت في مارس على “متسللين إلكترونيين يتبعون وزارة أمن الدولة الصينية”.

ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على الفور على طلب للتعليق. وقال مسؤولون صينيون في السابق، “إن بلادهم أيضاً ضحية للتسلل الإلكتروني، وإنها تعارض جميع أشكال الهجمات الإلكترونية”.

وقال مسؤول أميركي كبير، “إن وكالات اتحادية أميركية، منها مجلس الأمن الوطني ومكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن الوطني، ستوضح أكثر من 50 أسلوباً وإجراء يستخدمها عملاء ترعاهم الدولة الصينية في استهداف الشبكات الأميركية”.

اندبندت عربي