ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بحادثة وفاة شاب اعتقل بسبب تشابه الأسماء في محافظة البصرة جنوبي البلاد، وسط مطالبات بفتح تحقيق عاجل، وتحديد الأشخاص المتورطين بذلك، فيما قالت السلطات إنه كان “متهما بالقتل”.
ولقي الشاب هشام محمد مصرعه، في ظروف غامضة، عندما كان محتجزا لدى مديرية مكافحة الإجرام في البصرة، حيث تعرض للتعذيب والضرب المبرح، والركل الشديد على رقبته، وفق مصادر محلية، وأقرباؤه الذين تحدثوا عن ذلك.
وفي تفاصيل الحادث، الذي فتح ملف “التعذيب” داخل السجون العراقية من جديد، قال أحد أقرباء الشاب لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ما حصل بالضبط هو اعتقال الشاب هشام، في 25 من يوليو الجاري، بداعي تشابه الأسماء، عندما كان عائدا من بغداد، وتم اقتياده مع آخرين إلى قيادة شرطة البصرة”.
وأشار إلى أن الشاب “تعرض للتعذيب والضرب منذ انطلاق السيارة العسكرية، وصولا إلى المخفر، في مسافة قدرها نحو 40 كليومتر، وقد فقد الوعي إثر ذلك”.
ولفت إلى وجود “علامات تعذيب على أجزاء من بدنه، حيث تعرض للضرب المبرح من قبل المنتسبين، فيما ركله أحد الضباط على رقبته، كما تحدث لنا شهود عيان، عندما طالبه الضحية بالماء، حيث أفقدته تلك الضربة الوعي، وبقي يتألم منها، وتوفي على إثرها كما نعتقد”.
مأزق تشابه الأسماء
وحادثة القتل هي الثانية في البصرة، خلال أيام، بعد حادثة اغتيال الشاب علي كريم ابن الناشطة فاطمة البهادلي، والذي قالت السلطات إنها اعتقلت قاتله دون الكشف عن دوافع الجريمة.
وينتقد حقوقيون ومنظمات مختصة، استمرار الانتهاكات الإنسانية في العراق بشكل عام، لا سيما في محافظة البصرة، خاصة تلك التي تصدر عن جهات حكومية، على رأسها مديريات مكافحة الإجرام في المحافظات التابعة لوزارة الداخلية.
وتشابه الأسماء هي مشكلة شائعة في العراق، وتسببت بموت وسجن المئات من المواطنين، خلال السنوات الماضية، وهي تعني تشابه اسم الشخص مع آخر مطلوب، للجهات الأمنية التي تنصب حواجز التفتيش، ولديها قوائم أسماء المطلوبين.
لكن المسألة تتعلق بعدم التدقيق بشكل أكبر، وعدم اعتماد معلومات إضافية للتمييز بين الأشخاص، في ظل غياب قواعد البيانات الأصولية، والحديثة، التي تعتمد التقنية في تحديد هوية الأشخاص مثل بصمات العين واليد وغيرها.
ويقضي عادة المشتبه بأسمائهم عدة أشهر في السجون، لحين التأكد من هويتهم، – تصل أحيانا لعدة سنوات – في ظل إجراءات روتينية معقدة بين السلطات القضائية والتنفيذية، وخلال هذا الوقت يبقى المعتقلون عرضة للمساومة، والابتزاز ودفع الأموال من أجل تسيير معاملات إثبات براءتهم، وتأكيد أنهم غير مطلوبين.
وفي تعليق رسمي، قالت مديرية شرطة محافظة البصرة إن المتوفي كان مطلوبا إلى الجهات الأمنية عن جريمة قتل وليس تشابه أسماء، كما تحدث أقرباؤه.
وذكرت المديرية في بيان، أنه “انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاة أحد المواطنين في قسم مكافحة إجرام البصرة، ونود التوضيح بأن المتوفي مطلوب بجريمة قتل إلى قسم مكافحة إجرام البصرة بقرار قاضي وفق المادة 406 من قانون العقوبات، وأن توقيفه ليس له علاقة بتشابه الأسماء، وإنما عن جريمة القتل”.
وأضافت، أنه “تم الإفراج عن المتهم بتاريخ 27 يوليو بعد تدوين أقواله من قبل قاضي التحقيق وتم استلامه من قبل ذويه، لكننا نتابع وباهتمام نتائج التشريح من الطب العدلي حول أسباب الوفاة، وكذلك الإجراءات القانونية المتخذة ولن نتهاون في محاسبة المقصرين”.
قصص يومية
وأكدت منظمات حقوقية عاملة في العراق خلال الفترة الماضية، من خلال التحقيقات التي قامت بها، الاستخدام المنهجي للاعتقال التعسفي، والاحتجاز لفترات مطولة قبل المحاكمة دون مراجعة قضائية، وتعرض المحتجزين للتعذيب وسوء المعاملة، وحرمان الأسر والمحامين من زيارة المحتجزين، والمعاملة غير المناسبة للأطفال المحتجزين.
كما يشوب المحاكمات عادة نقص التمثيل القانوني، وقبول الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب، ولا تُتاح للأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة، الرعاية الصحية الكافية، وفق تقارير حقوقية.
من جانبه، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان، وسام العبد الله إن “قصص التعذيب وموت المعتقلين أصبحت شبه يومية خلال الأشهر الماضية، رغم التقدم الذي حققته السلطات الأمنية في مجال مكافحة السلوك السيئ، وتسجيلها تطورا في أدوات مكافحة هذا السرطان، الذي يقتل المئات سنويا في مختلف سجون البلاد”.
وأضاف العبد الله لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “على وزارة الداخلية التحرك بسرعة، وتطويق الأزمة، واعتقال المتورط بذلك، إن ثبتت تلك المزاعم، فهذا يقلل الثقة بين القوات الأمنية، والمواطنين، في وقت يحتاج العراق فيه إلى تعزيز أواصر التعاون، بين الشرطة المحلية والسكان، لما يمثله المواطن من مرتكز أساسي في تحسين الأوضاع الأمنية”.
الشرق الاوسط / سكاي نيوز