استنجاد تركي مبطن أمام العجز عن محاصرة الحرائق

استنجاد تركي مبطن أمام العجز عن محاصرة الحرائق

أنقرة – لا يمانع المسؤولون الأتراك في الحصول على دعم خارجي عاجل في مواجهة الحرائق، لكنهم يحاولون أن يطلبوا ذلك بشكل مبطن بربطه بمساعدات سابقة كانوا قدموها، في وقت كان يفترض أن يفكروا في حياة الناس وممتلكاتهم قبل أي حسابات سياسية.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده تقبل تلقي مساعدات الدول الأخرى بعمليات إخماد حرائق الغابات، مثلما تقدم أنقرة مساعداتها للدول الأخرى.

وبعد أن تحدث عن صعوبة السيطرة على النيران، عاد لينفي أن تكون بلاده “قد رفضت عروض الدول الأخرى حول المساهمة في إخماد الحرائق”، مضيفا “لقد أبلغنا العديد من الدول وخاصة الأوروبية بأننا نحتاج إلى طائرات ومروحيات قادرة على حمل كميات كبيرة من المياه لإخماد الحرائق”.

وكانت وسائل إعلام وسياسيون أتراك قد اتهموا حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بأنها رفضت عروضا للدعم الخارجي لإخماد الحرائق لأنها ترى في ذلك ضعفا، وأنها تريد أن تبدو قوية ولو على حساب حياة الأتراك.

وخلال الأيام الأخيرة، اندلعت حرائق غابات في عدة ولايات جنوب وجنوب غربي تركيا، ضمنها أنطاليا وأضنة وموغلا ومرسين وعثمانية. وكان أردوغان سعى لربط الحرائق بهجمات إرهابية، قبل أن يعود إلى اعتبارها “مناطق منكوبة”.

وبلغت حصيلة ضحايا الحرائق 6 وفيات والعشرات من الإصابات. كما نفقت الآلاف من الحيوانات في المزارع واستحالت أجزاء كبيرة من الغابات المورقة التي تغطي التلال والهضاب هياكل ورمادا.

وقدم أردوغان الثلاثاء شكره إلى جميع الدول والمنظمات التي دعمت بلاده في مكافحة حرائق الغابات، مؤكدا أن بلاده ستجتاز هذه المرحلة الصعبة في أسرع وقت.

ولم تفلح كثرة التصريحات لمسؤولين أتراك والحديث عن مساعي الحكومة وأصدقائها الدوليين لمواجهة الحرائق في التخفيف من وقع هذه المأساة على المواطنين الأتراك خاصة في ظل تأخر إطفاء الحرائق.

ويروي مولود تاريم أن النيران العنيفة التي دمّرت مزرعته في حصار أونو وقتلت ثمانية أشخاص وأتت على مساحات شاسعة من تركيا، كانت مماثلة لانفجار قنبلة.

ويقول الرجل البالغ 67 عاما “نشب الحريق في لحظة” مضيفا أنه تمكّن من إنقاذ بعض حيواناته من الحريق الذي تسبب بدخان أسود كثيف أحاط بمزرعته، وأنه كان محظوظا هو أيضا كونه بقي على قيد الحياة.

وتتشابه قصة تاريم مع قصص مزارعين آخرين، فيما تستعر أكثر الحرائق فتكا وتدميرا منذ أجيال، عبر الساحل الجنوبي لتركيا لليوم السابع.

ويحاول المزارعون المتضررون توجيه قطعانهم نحو أماكن آمنة نسبيا في سواحل بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط. لكنّ توجيه الحيوانات المذعورة أمر صعب ولا يمكن التنبؤ بالرياح التي تغذي ألسنة اللهب من حولها.

كما أن الإطفائيين المنهكين الذين يحاولون السيطرة على الحرائق بالخراطيم وعبر إلقاء مياه البحر من مروحيات، لا يمكنهم دائما الوصول في الوقت المناسب لمساعدة مزارعين مثل تاريم.

وانتشرت على الشبكات الاجتماعية التركية صور سكان محليين شجعان يحاولون إطفاء الحرائق بما لديهم، من أباريق ري الحدائق إلى أغصان الأشجار.

ويقول لميس سابير، وهو وكيل تأمين محلي، إن بلدة حصار أونو المحترقة المطلة على بحر إيجه تلقت تعزيزات من مناطق أخرى. ويوضح “لكن بسبب ارتفاعات الجبال، وهي شديدة الانحدار، والغابات الكثيفة، لا يستطيع الإطفائيون التدخل”.

ويشير إلى أن “التعزيزات الجوية ليست فاعلة بما يكفي. هناك حرائق مشتعلة في العديد من الأماكن في تركيا حاليا ولا يمكننا مكافحتها كلها”. وأثار رد تركيا على الكارثة فضيحة سياسية زادت من الضغط على الرئيس أردوغان.

وتتّهم المعارضة الرئيس التركي بالبطء الشديد في قبول عروض المساعدة الخارجية، بما فيها من اليونان، العدو الإقليمي، والفشل في صيانة طائرات مكافحة الحرائق كما يجب.

ورد مكتب أردوغان على ذلك بالقول إن قوة الإنقاذ الطارئة بأكملها حشدت بالكامل لأيام، واصفا الادعاءات بسوء الإدارة بأنها “أخبار مضللة” تهدف إلى جعل تركيا تبدو ضعيفة.

ويقول ياسمين أكايا، وهو مدير متجر محلي، إن “هذا ليس الوقت المناسب لممارسة السياسة أو إثارة جدل حول القوة الجيوستراتيجية لتركيا”.

ويضيف “نحن بلد قوي. شعبنا قوي. لكن المياه مقطوعة لدي في المنزل. هل نحتاج إلى المياه؟ نعم، لأن مساحة الحرائق كبيرة جدا”. ويهز تاريم رأسه وهو يعاين الأضرار ويقول “انظروا حولكم. إنها كارثة. نحن محظوظون لأننا على قيد الحياة”.

العرب