قال محللون أمريكيون إن تنصيب الرئيس الإيراني الجديد المتشدد وما وصفوه بالنهج العدواني المتزايد للبلاد تجاه العالم الخارجي، قد يؤدي إلى نهاية سيئة للمحاولة الدبلوماسية للرئيس جو بايدن مع طهران، وفقاً لتقرير أعده دان دي لوس في شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن الأسابيع التي سبقت تنصيب الرئيس إبراهيم رئيسي في السلطة قد شهدت موقفاً أكثر تشدداً من قبل طهران بخصوص المحادثات النووية مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، وشهدت، ايضاً، اتهامات لطهران بمهاجمة سفينة إسرائيلية بواسطة طائرات بدون طيار.
محللون: كل المؤشرات تشير إلى الاتجاه الخاطئ، ومن المستبعد أن توافق إيران على استئناف المحادثات النووية في فيينا هذا الشهر
وقبل انتخاب رئيسي في يونيو/ حزيران، وبدت ثلاثة أشهر من المحادثات الدبلوماسية في فيينا على وشك تأمين إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، ولكن المرشد الأعلى، آية الله خامنئى، الذي يتمتع بالسلطة النهائية في إيران، لم يمنح المفاوضين الإيرانيين في فيينا الضوء الأخضر إبرام الصفقة، والآن من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى أي اتفاق.
وأكد علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل أن “كل المؤشرات تشير إلى الاتجاه الخاطئ”.
وقال مسؤولان أوروبيان للشبكة الإخبارية الأمريكية إنه يبدو من المستبعد أن توافق إيران على استئناف المحادثات النووية في فيينا هذا الشهر.
وقد رفعت اتفاقية 2015 العقوبات عن إيران مقابل قيود صارمة على برنامجها النووي، وسحب الرئيس السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق في حين وعد الرئيس بايدن بإعادة الولايات إلى الاتفاق إذا عادت إيران إلى الامتثال لبنودها النووية.
وأشار التقرير إلى أن إيران صعدت من تخصيب اليورانيوم، في تحد لالتزاماتها بموجب اتفاق 2015، المعروف باسم خطة العمل المشتركة، واستخدمت اجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً، كما قيدت وصول مفتشي الأمم المتحدة إلى المنشآت النووية، وفي العراق، أطلقت المليشيات المدعومة من طهران صواريخ على قواعد تستخدمها القوات الأمريكية.
ولاحظ دي لوس أن إيران ضاعفت من مطالب التفاوض، التي رفضتها واشنطن بالفعل باعتبارها غير واقعية، بما في ذلك “التعويض” المقترح عن آثار قرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من الاتفاقية وضمان أن الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة لن يفعل ذلك، كما ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن طهران لن تناقش تبادل الأسرى مع أمريكا.
وقال إريك بروير من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن إيران تشير إلى نهج الرئيس السابق حسن روحاني القائم على التعاون قد “انتهى وأنه فشل”، و”هذه بداية لنهج أكثر تشدداً ومواجهة”.
القيادة الإيرانية تشعر أن إدارة بايدن لا ترغب في الانجرار لصارع جديد في الشرق الأوسط كما أن تداعيات العقوبات الاقتصادية على طهران قد تراجعت
وذكر خبراء أن قادة إيران يعتقدون أنه كلما اقتربوا من بناء قدرة نووية، فإن ذلك يزيد من نفوذهم للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وقالوا إن إيران تشعر أن إدارة بايدن حريصة على تجنب الانجرار إلى صراع في الشرق الأوسط وتريد التركيز على أولويات أخرى، وعلى حد تعبير كريم سجادبور من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي هناك اعتقاد بأن “السائح الأمريكي لن يغادر دون شراء السجاد الإيراني”.
واشار التقرير إلى القيادة الإيرانية توصلت، ايضاً، إلى أن تداعيات العقوبات الأمريكية الاقتصادية قد تراجعت، حيث تصدر الدولة كميات كبيرة من النفط إلى الصين، مما قلل من إحساس طهران بالحاجة الملحة للعودة إلى خطة العمل المشتركة من أجل تخفيف العقوبات.
وحذر الخبراء الذين التقتهم المنصة الإخبارية من أن نهج طهران يمثل “سوء تقدير خطير”، وقالوا إن الإيرانيين لا يأخذون في الحسبان رد الفعل المحتمل للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين وكيف يمكن للاستفزازات في المنطقة أن تؤدي إلى دوامة تصعيد خطيرة.
وقارن المحللون الأمريكيون الموضوع بجولة سابقة من المفاوضات النووية عام 2005 في عهد رئيس متشدد آخر هو محمود أحمدي نجاد، وفي تلك الحالة، اتخذت إيران نبرة عدوانية في محادثاتها مع الحكومات الأوروبية، وانهارت المفاوضات الهادفة إلى كبح برنامج طهران النووي، ثم كثفت إيران من أنشطتها النووية، ولكن الحكومات الغربية كثفت الضغوط الاقتصادية على إيران، مما أدى إلى مواجهة متوترة حتى تولي روحاني السلطة بعد عدة سنوات.
وقال مسؤولون أمريكيون سابقون إنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق لإحياء اتفاق 2015، حتى مع الموقف الأكثر عدوانية في طهران، وفي ظل هذا السيناريو، يمكن أن يحصل رئيسي على بعض التخفيف الإضافي للعقوبات وصورها على أنها انتصار، بدعوى أن إدارته حصلت على اتفاق أفضل من الرئيس السابق.
وأكد بروير، الذي عمل في قضايا الانتشار النووي في إدارتي أوباما وترامب، إنه من المرجح أن تتضح ما إذا كانت إيران جادة بشأن المفاوضات مع نهاية الشهر الجاري، وبحلول ذلك الوقت، سيتعين على الإيرانيين أن يقرروا ما إذا كانوا سيجرون جولة أخرى من المحادثات مع القوى العالمية، ومن سيقود فريق التفاوض الخاص بهم، والموقف الذي سيتخذونه إذا جلسوا لإجراء محادثات جديدة.
وتبدو احتمالات التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مشحونة بشكل متزايد، وقد تواجه إدارة بايدن بعض الخيارات الصعبة.
وسيتعين على بايدن، إذا انهارت المحادثات، التفكير فيما إذا كانت ستبقي الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية بشأن بعض الاتفاقيات المستقبلية أو ما إذا كانت ستفرض المزيد من العقوبات لردع طهران عن توسيع برنامجها النووي أو اتخاذ إجراءات استفزازية أخرى.
وقال الخبراء إن أحد الخيارات قد يكون منع صادرات النفط الإيرانية إلى الصين.
القدس العربي