تحولت قضية عبور اللاجئين العراقيين غير الشرعيين لليتوانيا عبر بيلاروسيا، إلى خلاف سياسي حاد عصف بالعلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا، وهي المتوترة أصلا وسط مطالبات أوروبية من العراق بضبط تدفق مواطنيه على ليتوانيا من خلال الأراضي البيلاروسية.
وفي هذا الإطار قتل مواطن عراقي في المنطقة الحدودية بين ليتوانيا وبيلاروسيا، الأربعاء في ظروف غامضة، حيث أصدرت على إثر ذلك وزارة الخارجية العراقية بيانا، على لسان المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف جاء فيه: “سفارة جمهورية العراق في موسكو تتابع ببالغ الاهتمام تفاصيل الحادث، الذي أودى بحياة مواطن عراقي على الحدود المشتركة بين بيلاروسيا وليتوانيا”.
ودعا الصحاف: “كل العراقيين أن لا يكونوا هدفا لشبكات التهريب والاتجار بالبشر.”
من جانبها أعلنت الخطوط الجوية العراقية إيقاف رحلاتها إلى بيلاروسيا لمدة أسبوع، في محاولة على ما يبدو لضبط عملية تدفق المواطنين العراقيين على بيلاروسيا لأغراض الهجرة غير الشرعية نحو دول الاتحاد الأوروبي.
وكان المسؤولون الأوروبيون قد أجروا اتصالات مع كبار المسؤولين العراقيين، في محاولة لممارسة الضغط ودفع بغداد لوقف تدفق المهاجرين من العراق إلى بيلاروسيا، وتسهيل عبورهم بشكل غير قانوني إلى ليتوانيا، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي يرى أن هذا التدفق الكبير لمهاجرين، هو محاولة استفزازية انتقامية من قبل بيلاروسيا، ردا على العقوبات الأوروبية على مينسك، إلا أنه لا يتغاضى عن مسؤولية العراق، بالنظر لكون غالبية المهاجرين هم عراقيون.
وذكرت قوات حرس حدود ليتوانيا أنها ألقت القبض الثلاثاء على 171 شخصا أثناء عبورهم من بيلاروسيا، وهو أكبر عدد يسجل خلال يوم واحد هذا العام، ويرفع هذا العدد الإجمالي للمهاجرين غير الشرعيين هذه السنة، إلى نحو 4 آلاف مهاجر، عدد كبير منهم من العراقيين، في حين أن عددهم العام الماضي بالكاد بلغ نحو 100 مهاجر فقط.
وتواصل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، مع وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين حول طريقة التعامل مع مشكلة العدد المتزايد من المواطنين العراقيين الذين يعبرون إلى ليتوانيا بشكل غير قانوني من بيلاروسيا.
يقول أحد الشباب العالقين على الحدود الليتوانية – البيلاروسية، وهو من إقليم كردستان العراق، في حديث مع “سكاي نيوز عربية” :”نحن نادمون على ما فعلنا، فالواحد منا دفع ما يقارب 15 ألف دولار أميركي، كي نصل إلى حلم جنة الاتحاد الأوروبي، لكن مع الأسف ها نحن هنا في ليتوانيا حيث يتم التعامل معنا كمجرمين، ونعيش في ظروف صعبة للغاية مكدسين في مجمعات أشبه بالمعتقلات، وتبخر حلمنا في حياة كريمة ومستقبل أفضل”.
ويضيف: “نريد العودة لبلادنا وأهلنا بأسرع وقت، فالحياة هناك رغم صعوبتها، إلا أنها أرحم مما نقاسيه الآن، فنحن نبدو كمن دفع مبالغ طائلة كي يذهب بمحض ارادته للحبس والاعتقال”.
من طرفه يرى الكاتب والباحث جمال عزيز، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية” أن: “آلاف العراقيين تحولوا مع بالغ الأسف لورقة تصفية حسابات بين بيلاروسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي، سيما ليتوانيا المجاورة لها، وكبش الفداء هو عراقيون هائمون على وجوههم، في بلاد غريبة عنهم وفي ظروف عصيبة، وهم كضحية لسوء الأوضاع وترديها في بلادهم، وحتى عندما يحاولون الهرب، يقعون ويا للمفارقة في أتون صراع آخر لا ناقة لهم فيه ولا جمل، بين مينسك وبروكسل”.
ويتابع عزيز: “تضاعفت مجددا موجات هجرة العراقيين نحو أوروبا، خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة مع تراكم الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية وتفجرها في البلاد، وهم من مختلف أنحاء العراق من إقليم كردستان ومن الوسط والجنوب ومن كل بقعة عراقية، وهذا مؤشر سلبي يفيد بإن الناس قد فقدوا الثقة في وطنهم وفي تأمين مستقبل لهم ولأولادهم فيه”.
الشرق الاوسط / سكاي نيوز