أهمية العراق كبلد ذو موقع استراتيجي مهم يطل على بوابة الخليج العربي ويشكل أحد الطرق الرئيسية للتجارة العالمية ويساهم في توسيع اطار العلاقات الاقتصادية بين بلدان العالم كافة كونه أحد الأقطار المصدرة للطاقة ويمتلك ثاني احتياط للنفط في العالم ولديه حدود مشتركة مع دولتين إقليمتين هما(تركياوايران) ، من هنا يأتي الاهتمام المباشر بما يحيط العراق من تطورات سياسية واقتصادية عبر العديد من المراكز البحثية والاستراتيجية في العالم وتبغي هذه المواقع المهمة العمل نحو فهم ميداني واضح لطبيعة التأثيرات الدولية والاقليمية المحيطة بالعراق .
عكف (مركز بروكنجز) الأمريكي للسياسات العامة في رؤيته التي أفصح عنها عبر دراسة ميدانية أطلقها في الأول من أب 2021 أوضحت أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدرس بدقة تطورات المشهد العراقي السياسي وتعتبر مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة العراقية الحالي أحد الحلول الوسط ويجب تأمين حضوره في ولاية ثانية وتقديم الدعم والمساندة له وستكون بمثابة فرصة ذهبية للإدارة الأمريكية عليها أن لا تغادرها وضرورة الانتفاع منها عبر الحضور الميداني الذي يقدمه الكاظمي وسعيه لاعادة العراق لتأثيره العربي والاقليمي والدولي ، ولكن هناك العديد من الصعوبات والمشاكل التي تقف حائلا بين التوجهات السياسية والأفاق المستقبلية التي يسعى اليها الكاظمي ومنها التأثيرات التي تقوم بها أذرع الفصائل المسلحة المرتبطة بأجهزة النظام الايراني وتساهم في عرقلة مراحل التقدم والتغيير عبر العديد من العمليات التعرضية الموجهة للمصالح والمواقع العسكرية الأمريكية داخل الأراضي العراقية ومحاولة تعكير حالة الأمن والاستقرار المحيطة بالعراق .
يرى معهد بروكنجز أن الادارة الأمريكية مطلوب منها توسيع دائرة العقوبات ضد الأفراد والقوى الحليفة لايران وبدء حملة وقف للتمويل والدعم للمؤسسات العراقية التي يسيطر عليها عراقيون يعملون لصالح النظام الايراني وأن الفصائل المسلحة هي المسؤولة عن قتل (600) عراقي وجرح الألأف من المتظاهرين في الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في شهر تشرين الأول 2019 وصاحبها اغتيال وخطف العشرات من الناشطين السياسين والاعلامين والعاملين في منظمات المجتمع المدني بحيث تم تحويل العراق الى (جمهورية خوف ) ، وعبر هذه التطورات الميدانية جاءت العقوبات الأمريكية التي فرضت في 9أب 2021 على جناحي حزب الله وفصائل عصائب الحق في العراق .
تسعى هذه الرؤية لفهم أفاق العملية السياسية والتطورات الناجمة عنها عبر اعتماد رأي واضح وصريح لادارة الرئيس (جوبايدن) بالتعامل مع الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من ايران بطريقة مشابهة للوسائل والأدوات المتبعة في التعامل مع عصابات داعش الارهابية بسبب أثار ونتائج الأفعال التي تصاحب حركة ونشاط هذه الفصائل ،
وأكد الرؤية الاستراتيجية لمعهد بروكنجز حديث السفير الأمريكي في العراق (ماثيو تولر ) في الثالث من أب 2021 بأن النظام الايراني مسؤول عن تقديم جميع أوجه الدعم بكافة مدياته للفصائل المسلحة وأن الهجمات التي تنفذ على مقر السفارة الأمريكية وبعض المواقع والقواعد العسكرية داخل الأراضي العراقية والتعرض على العجلات والناقلات المدنية التي تستخدم للجهد الميداني اللوجستي في نقل المعدات والبضائع الخاصة بالقوات الأمريكية وأفراد قوات التحالف الدولي ، انها تنفذ وحسب رأي السفير الأمريكي من قبل أجندات سياسية خارجية وواشنطن تحتفظ بحق الرد والدفاع عن النفس عند الضرورة وأنها تتطلع الى العمل الحكومي في ردع هذه المجاميع وايقاف تلك الهجمات ،ثم أعاد السفير تولر القول أن الفصائل المسلحة هي المسؤولة عن جرائم القتل والقمع ضد الناشطين العراقيين الذي يعبرون عن رؤيتهم في مستقبل ناجح لبلدهم .
وأوردت صحيفة واشنطن بوست رأيا ميدانيا لوزارة الدفاع الأمريكية أن ( العراق يعتبر منطقة حيوية للمصالح الأمريكية المستقبلية وان أي انسحاب متسرع سيكون بمثابة كارثة على العلاقات الأمريكية مع حلفائها العراقيين والإقليمي.) .
هذه هي الرؤية الميدانية التي تراها العناوين السياسية والإعلامية وأصحاب القرار في الإدارة الأمريكية لأهمية العراق وتأثيره على مجمل الأحداث القائمة في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط التي تعتبر من مناطق النفوذ الدولي والإقليمي وتحظى باهتمام من قبل المؤسسات الفاعلة في الإدارة الأمريكية.
وحدة الدراسات العراقية