بيروت – أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الخميس أن سفينة إيرانية محملة بالمازوت في طريقها إلى لبنان الذي يشهد أزمة محروقات حادة وانهيارا اقتصاديا متسارعا، لكن من المتوقع أن تؤدي الخطوة إلى زيادة الضغوط الدولية على لبنان بسبب العقوبات المفروضة على إيران، وخصوصا قطاع النفط.
ويعتبر حزب الله اللاعب السياسي الأكثر نفوذا في لبنان، وسبق أن هدد نصرالله باستيراد الوقود من إيران التي تمول الحزب وتمده بالسلاح.
وقال نصرالله في خطاب متلفز الخميس “أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت” من أجل “المستشفيات ومصانع الأدوية ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء”.
ولوح نصرالله بتصعيد عسكري محذرا إسرائيل والولايات المتحدة من أن حزبه سيعتبر السفينة “أرضا لبنانية”، ما ينذر بردّ منه في حال تعرضها لهجوم، في وقت يشهد لبنان إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية والمعيشية منذ عقود عدة، ما يجعله لا يحتمل أي مغامرة أخرى من مغامرات حزب الله.
ويملك حزب الله ترسانة ضخمة من السلاح حصل عليها بشكل أساسي من إيران، وتتهمه أطراف سياسية بأنه يرهن لبنان لإيران التي تتعرض لحصار اقتصادي وعقوبات، متجاهلا تداعيات تلك الخطوة.
وكان نصرالله أعلن الشهر الماضي استعداد حزبه لاستيراد الوقود من حليفته إيران المأزومة اقتصاديا، وهو ما من شأنه أن يفتح منافذ لطهران لتنفيس أزمتها الاقتصادية، مبررا ذلك بأن هذا القرار لا تستطيع الحكومة اللبنانية اتخاذه جراء ضغوط من الولايات المتحدة، التي تفرض عقوبات اقتصادية حادة على طهران.
وبدا حزب الله يروج لجهوزية إيران لإرسال “المساعدات” إلى لبنان، في وقت أعلنت فيه السلطات اللبنانية مرارا أنها ملتزمة في تعاملاتها المالية والمصرفية بعدم خرق العقوبات الدولية والأميركية المفروضة على إيران.
وتحذر أوساط سياسية لبنانية من أن هذه الخطوة ستضع لبنان في مأزق أكبر من المرجح أن تترتب عليه عقوبات، وتحمّل قوى سياسية الجماعة المدعومة من طهران المسؤولية عن الوضع الراهن، بسبب هيمنتها على أجهزة الحكم وتدخلاتها الخارجية وأنشطتها المصنفة دوليا “أنشطة إرهابية”.
وعلق رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري على إعلان نصرالله عن انطلاق أولى السفن الإيرانية المحملة بالوقود إلى لبنان، واعتبر أنها ستحمل معها إلى اللبنانيين “مخاطر وعقوبات”.
وقال في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي “هل ما سمعناه هذا الصباح عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين أم إعلان خطير بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟”.
وأضاف “يعلم الحزب أيضا أن سفن الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة العقوبات التي تخضع لها فنزويلا ودول أخرى”.
ورأى أن “اعتبار السفن الإيرانية أراضٍ لبنانية يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية”.
وتابع”يعلم حزب الله أن أساس أزمة المحروقات في لبنان تنشأ عن التهريب المتعمد لخدمة النظام السوري، والأجدى في هذه الحالة وقف التهريب بدل تمنين اللبنانيين بالحصول على المازوت الإيراني”.
ولم يوضح نصرالله ما إذا كانت السفينة ستصل إلى الموانئ اللبنانية، لكنه قال “عندما تصل إلى مياه البحر المتوسط نتحدث عن تفاصيل إلى أين وكيف ومتى والآليات العملية وما شابه”. ووعد أن سفنا أخرى ستتبعها لاحقا.
وفي أبريل الماضي نقلت مصادر صحافية عن مسؤولين كبار مطلعين على خطة حزب الله قولهم، إنه كان يجهز مساحة لتخزين الوقود في سوريا في إطار جهوده للتعامل مع الأزمة المالية في لبنان.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي المستمر منذ عامين الذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850، يشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.
وخلال الأشهر الماضية تراجعت تدريجيا قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.
وتفاقمت الأزمة أكثر مع إعلان مصرف لبنان منتصف الأسبوع الماضي نيته فتح اعتمادات لشراء المحروقات بالدولار بسعر السوق، ما يعني عمليا رفع الدعم عن هذه المواد الأساسية، الأمر الذي أثار هلعا بين الناس.
العرب