نهج استقلالي: سياسة عُمان الخارجية في سياقات إقليمية استقطابية

نهج استقلالي: سياسة عُمان الخارجية في سياقات إقليمية استقطابية

3947

بدءًا بالاسم، وليس انتهاءًا بالسلوك، تبدو سلطنة عمان دولة ذات خصوصية لافتة في السياقين الإقليمي، الخليجي والعربي، والدولي، على حد سواء، يدعم تلك الخصوصية، اعتبارات جغرافية وجيواستراتيجية، ومقتضيات تاريخية، وأبعاد قيمية ثقافية، وخصوصية مجتمعية، وقيادة سياسية ذات رؤية مختلفة، ونظام حكم سلطاني ملكي وراثي، ومن ثم فليس من المستغرب في بلد بهذا القدر من التفرد أن تأتي سياستها الخارجية انعكاسًا مباشرًا لخصوصيتها، بما جعلها تبدو متفردة من حيث الرؤية والحركة والتوجهات والمواقف الاستراتيجية.

وتبدو سلطنة عمان حالة فريدة من نظم الحكم في العالم، إذ تعد الدولة الوحيدة في العالم، ذات النظام السلطاني الملكي، التي لا يسمى لها ولي عهد، أو وريث رسمي للعرش، حيث يحكمها السلطان قابوس بن سعيد منذ عام 1970، وهو إلى جانب كونه سلطان البلاد، فهو أيضًا رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير المالية، ووزير الشؤون الخارجية، ورئيس المجلس الأعلى للتخطيط، ورئيس البنك المركزي، ومن ثم فإنه ليس من المبالغة القول بأن السياسة الخارجية لسلطنة عُمان هي في مجملها انعكاس لرؤية السلطان قابوس ومدركاته وتصوراته ومعتقداته وخبراته الشخصية.

تطور السياسة الإقليمية العمانية

قبل عام 1970، لم يكن لسلطنة عُمان ما يمكن وصفة بـ”السياسة الخارجية” للدولة، حيث لم يكن ثمة “دولة” بالمفهوم الحديث، إذ كانت السلطنة خلال تلك الفترة منخرطة في صراعات القوى في الخليج العربي والمحيط الهندي، نظرًا لموقعها الجغرافي الذي جعلها مسرحًا للعديد من الصراعات الإقليمية وتوازنات القوى في تلك الحقبة التي شهدت بدايات استقلال عدد كبير من دول الإقليم، وبداية مرحلة جديدة من تاريخ تلك المنطقة الاستراتيجية المهمة من قلب الشرق الأوسط.

وحينما تولى السلطان قابوس بن سعيد الحكم في سلطنة عمان، عام 1970، كان النظام الإقليمي العربي، وقتئذ، يعج برؤى متباينة ما بين أنصار “القومية” بمفهومها العروبي الشامل، وأنصار “الدولة” بمفهومها القطري الواقعي، قبل أن يدخل مؤيدو الإسلام السياسي على الخط في تلك الفترة، والتي زاد من زخم أطروحاتهم، خلالها، قيام الثورة الإسلامية في إيران وإعلان قيام الجمهورية الإسلامية، ووسط هذه الصراعات الأيديولوجية والسياسية، وبدأ السلطان قابوس يبني أسس السياسة الخارجية لسلطنة عمان، بعد أن أرسى دعائم الاستقرار الداخلي في البلاد، لتنطلق السلطنة من مرحلة العزلة والانكفاء الداخلي، إلى مرحلة الفاعلية والانفتاح، ولكن وفقًا لرؤية كلية، أرسى دعائمها السلطان قابوس، تنطلق من ضرورة الأخذ بالحداثة مع عدم إغفال الموروث التاريخي، والانفتاح الثقافي مع التأكيد على الثابت الديني والحضاري.

وخلال الفترة من 1970 وحتى 1975، كان السلطان قابوس قد استكمل حقبة الإعداد للانطلاق كفاعل سياسي مهم في إقليم الخليج العربي، بعد أن استكمل عدة مراحل بدأها بمرحلة توحيد الجبهة الداخلية، والتي تعني استتباب الحكم له والقضاء على القلاقل الداخلية والإشكاليات الحدودية، فمرحلة التحول نحو الخارج، بمعنى التوجه من الاستغراق في الشأن الداخلي إلى الاهتمام بالشأن الخارجي، ثم مرحلة الانفتاح الحذر، والتي تعني الاهتمام بقضايا الإقليم والقضايا العربية والدولية، وأخيرًا مرحلة النضج السياسي، والتي استكملت بها السلطنة حلقات بلورة سياستها الخارجية الجديدة، حيث تحققت للسلطنة نكهة سياسية واضحة ومميزة لسلوكها الدبلوماسي أضحت سمة بارزة للسياسة الخارجية العمانية طوال العقود الخمسة الماضية.

لقد خطّت مسقط لنفسها، تحت حكم السلطان قابوس، سياسة حيادية ومتوازنة، قد يراها البعض متناقضة وبرجماتية، لكنها منحت سلطنة عمان قدرًا كبيرًا من أهمية الدور وحرية الحركة والفاعلية، على الصعيدين الإقليمي والخليجي، ما جعلها حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وعضوًا مؤسسًا رئيسًا في مجلس التعاون الخليجي، وفي الوقت ذاته شريكًا رئيسًا لإيران، مع عدم إغفال علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والقوى الآسيوية الكبرى، وعلى رأسها الصين والهند وباكستان، حيث نجح قابوس في أن يجمع بين كل هذه الأطراف المتضادة في علاقاته الخارجية، والحفاظ على نمط من العلاقات الودية مع الجهات الفاعلة والمؤثرة في المنطقة، والتوفيق بينها وتقريب وجهات النظر بين الأطراف ذات المصالح المتعارضة.

مرتكزات السياسة الإقليمية لعمان 

ثمة مرتكزات أساسية تسم السياسة الخارجية لسلطنة عمان بشكل عام، بطبعتها الخاصة المتميزة، تنتظم في عناوين رئيسة جامعة، تتمثل في: الحياد الإيجابي، والواقعية، والتنسيق بين دوائر الاهتمام المختلفة، والإعلاء من قيمة المصلحة الوطنية، والانتماء العروبي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ورفض عسكرة الصراعات الدولية والتأكيد على حل الصراعات السياسية بشكل سلمي، ورفض سياسة الأحلاف والمحاور الإقليمية.

حيث تنتهج سلطنة عُمان في سياستها الخارجية إزاء أي من القضايا الصراعية، على وجه العموم، وفي محيطها الإقليمي، بشكل خاص، استراتيجية الحياد وعدم الانحياز إلى أي طرف، والحياد العُماني يستبطن القدرة على إدارة جهود التهدئة بين الأطراف المتصارعة، وإبقاء جميع قنوات الاتصال مفتوحة مع كافة الأطراف التي من شأنها المساهمة في تسوية الأزمات، والتزامها بالاضطلاع بدور الوسيط بين الفرقاء المتصارعين يتطلب أول ما يتطلب اعتماد مبدأ الحياد التام في التعامل مع أي أزمة دولية، وربما ظهر هذا جليًا في صراعات إقليمية كبرى، مثل الحرب العراقية الإيرانية، وغزو العراق للكويت، وغيرها من الأزمات الصراعية التي شهدتها المنطقة.

وتنطلق إستراتيجية الحياد الإيجابي، من مبدأ الواقعية السياسية التي تتبناها القيادة العُمانية، والتي تدرك حدود قدرتها ومعطيات قوتها وتسعى إلى توظيفها بشكل جيد، اتساقًا مع استحقاقات موقعها الجغرافي الجيواستراتيجي، وعمقها التاريخي والحضاري، الأمر الذي جعل منها على الرغم من قلة الموارد والثروات بالمقارنة مع جيرانها في منظومة مجلس التعاون الخليجي، دولة ذات علاقات طيبة مع الجميع، بما كفل لها مكانة متميزة على الصعيد الإقليمي والدولي، على الرغم من إمكانياتها المتواضعة.

وتحقيقًا لواقعية عُمان السياسية، فقد انفتحت على جميع الدوائر، الخليجية والعربية والإسلامية والآسيوية والإفريقية والغربية، بشكل متوازن، في إطار من التنسيق بين جميع تلك الدوائر، بحيث لا تطغى دائرة على أخرى، ونظرًا لانخراطها النشط في دوائر اهتمامها المتقاطعة وعملها على قدم المساواة مع جميع القوى الدولية والإقليمية والمنظمات الدولية الفاعلة، التزمت السياسة العمانية بمحاولة تحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة.

وتنطلق سياسة سلطنة عمان من مبدأ حاكم لتحركات السياسة الخارجية العُمانية، ألا وهو المصلحة القومية، إذ يؤمن صانع السياسة الخارجية في مسقط أنه من حق كل دولة البحث عن مصالحها الوطنية، في إطار من القانون الدولي، وعدم المساس بمصالح الآخرين، ومن ثم تنطلق علاقات السلطنة مع القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من بوابة المصلحة، فحسب، بعيدًا عن منطق التبعية أو الأدلجة، وعلى ذات المنوال بنت عُمان علاقتها مع إيران، من واقع المصلحة الوطنية وسعت للتقارب معها، على الرغم من كونها عضوًا فاعلاً في المنظومة الخليجية.

ويأتي الانتماء العروبي، كمرتكز رئيس للسياسة الخارجية العُمانية، فمنذ انضمامها لجامعة الدول العربية عام 1971، وهي تلتزم في كل توجهاتها بالعمل ابتداءًا داخل الدائرة العربية، حيث ترى القيادة السياسية أن تاريخ البلاد وحاضرها ومستقبلها عربي بامتياز، ومن ثم فقد رسمت مصالحها الاستراتيجية من منطلقات عروبية، وشددت على أهمية بناء علاقات عربية – عربية قوية وراسخة، اتساقًا مع استحقاقات التاريخ المشترك، وعليه فقد خرقت سلطنة عُمان قرار جامعة الدول العربية في قمة بغداد عام 1978 بمقاطعة مصر، بعد توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل، بل وعمدت إلى فتح قنوات اتصال بين القاهرة والعواصم العربية، حتى عادت العلاقات العربية المصرية إلى طبيعتها مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.

انتماء مسقط العروبي وانفتاحها على الجميع، لا يعني تدخلها في الشؤون الداخلية للدول، ويبدو هذا جليًا في نأي السلطنة بنفسها عن أي صراعات داخلية في الدول العربية، فلم يعرف عن السلطنة طوال تاريخها تدخلها في أي من الصراعات الداخلية العربية، إلا ما كان صلحًا بين أطراف متنازعة، بناء على طلب أو تحاكم أطراف النزاع لرأي القيادة العمانية، كما لم يعرف عن السلطنة احتضانها لأي من حركات المعارضة العربية داخل أراضيها، ويتضح هذا الأمر جليًا في موقف عُمان من دول الربيع العربي عامة، ومصر بصفة خاصة، فبينما اتخذت كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين موقفًا داعمًا للإطاحة بحكم الرئيس المخلوع محمد مرسي، وقفت قطر مع أنصار الرئيس المعزول، في حين ظلت عُمان على الحياد واعتبرت الأمر شأنًا مصريًا خالصًا يحسمه المصريون فقط.

ويكتمل عقد المرتكزات السابقة، بمبادئ رفض عسكرة الصراعات الدولية والتأكيد على حل الصراعات السياسية بشكل سلمي، ورفض سياسة الأحلاف والمحاور، في هذا الإطار لجأت مسقط إلى حل جميع خلافاتها الحدودية مع اليمن والسعودية بالطرق السلمية، مستندة إلى مبدأ الحوار كمنطلق رئيس للتوافق حول أي قضايا خلافية، لاسيما بين دول الجوار، ومن ثم فقد عارضت مسقط حل الأزمات العربية العربية، أو العربية الداخلية، أو العربية وغير العربية، بالقوة المسلحة، وليس هذا فحسب لكنها دائمًا ما رعت مساعي السلام والحوار البناء لحل تلك الصراعات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، انطلاقًا من قناعة مفادها أن عسكرة العلاقات الدولية ليست حلاً للصراعات بين الدول، ومن ثم فإن اللجوء إلى القوة، وفقًا للرؤية العمانية، وانطلاقًا من موروثها الديني والثقافي، لا يكون إلا في حالات الدفاع عن النفس فحسب، وعليه، فقد جاءت سياسة عُمان واضحة في شأن رفض سياسة الأحلاف والمحاور، باعتبارها مفتاحًا للصراع والحرب، مفضلة استراتيجية عدم الانحياز والحياد الإيجابي.

توجهات السياسة الإقليمية العمانية

المرتكزات الرئيسة التي شكلت أسس السياسة الخارجية العُمانية، دائمًا ما مثلت خروجًا عن السرب، بنظر المملكة العربية السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وربما يكون السبب في ذلك أن السلطنة دائمًا ما تنأى بنفسها عن التورط في صراعات خارجية، وفقًا لمبدأ الحياد الإيجابي وعدم التدخل في شؤون الآخرين، كما هو مسلك بعض دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، ومن ثم تحتفظ السلطنة بالتعاطي الحذر مع أي من المتغيرات الإقليمية الحادثة، وهو ما يُعطي مسقط قرارًا مستقلًا يمكنها من الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع كافة أطراف النزاعات في المنطقة.

وحتى في حالة الخلافات الخليجية الخليجية، تلتزم مسقط مبدأ الحياد الإيجابي، وعدم الانحياز إلى طرف على حساب آخر، وهو ما ظهر جليًا في امتناعها عن سحب سفيرها من العاصمة القطرية الدوحة، أسوة بباقي دول الخليج التي اعترضت على دعم الدوحة للإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية، وانتهاج قطر لسياسات معادية لأمن الخليج وفق رؤية دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن مسقط وقفت على الحياد، فلم تسحب سفيرها، بل سعت بشكل جدي لتقريب وجهات النظر بين دول الخليج والتوسط بين قطر ودول الجوار حتى تمت إعادة السفراء إلى الدوحة.

ويرتبط الرفض العُماني لمشروع الوحدة الخليجية، والذي عبر عنه بشدة غير مألوفة في الدبلوماسية العمانية، يوسف بن علوي وزير الدولة للشؤون الخارجية، في منتدى الأمن الخليجي بالمنامة، في ديسمبر 2013، بالنهج العُماني المتفرد عن باقي دول منظومة مجلس التعاون الخليجي، كما يأتي في ذات الوقت، سعياً لتجنب الانضمام للتحالفات الإقليمية والحفاظ على العلاقات الوثيقة مع إيران وهو منظور يغلب عليه البرجماتية ويركز على المصلحة الوطنية، حيث أن الطرح السياسي للسلطنة وتقاربها مع إيران ، لا يمكنه أن يتسق مع السياسات المتبعة بدول مجلس التعاون الخليجي، ونتيجة للاختلاف بين مسقط وبقية دول مجلس التعاون الخليجي في تعريف التهديدات الإقليمية اتجهت سلطنة عمان لرفض الانضمام لمشروع الوحدة الخليجية ناهيك عن مخاوف التماهي في إطار وحدوي يفرض التزامات تحالفية عليها.

في المقابل تكشف مراجعة المواقف الخارجية لسلطنة عمان عن تعاطيها بواقعية شديدة مع جارة بحجم إيران، بما تمثله من تهديد استراتيجي لأمن الخليج العربي ككل، ومن ثم فهي لا تناصب طهران العداء، بل دائمًا ما احتفظت بعلاقات أكثر مرونة معها، بما جعل من التي قررت التعامل بنوع من البراجماتية الحذرة مع المشروع الإيراني.

ونظرًا لتشارك كل من إيران وسلطنة عُمان، في مضيق هرمز، مدخل الخليج العربي ذي الأهمية الاستراتيجية الكبرى في تجارة النفط العالمية، وتقاسم البلدين حقولاً مشتركة كبرى للنفط، ووجود مصالح تجارية واستثمارية كبيرة بين مسقط وطهران، فقد نأت مسقط بنفسها عن كافة الأزمات بين طهران والقوى الدولية والإقليمية، لاسيما ما يتعلق منها بالمشروع النووي الإيراني، بل ولعبت مسقط دور الوسيط الإيجابي في تحريك المفاوضات الغربية الإيرانية بشأن هذا الملف، وصولاً إلى توقيع الاتفاق التاريخي بشأن ملف إيران النووي في فيينا، في يونيو 2015.

وأخيرًا، تأتي الأزمة اليمنية، كأبرز الملفات الخلافية بين سلطنة عُمان والدول العربية، حيث حسمت السلطنة موقفها من الأزمة في صنعاء مبكرًا، فعلى الرغم من كون الأزمة اليمنية واحدة من أهم الملفات التي تمس أمن الخليج حاليًا، ما دفع المملكة العربية السعودية لتكوين تحالف عربي واسع النطاق وشن عملية “عاصفة الحزم” العسكرية ضد معاقل الحوثيين في اليمن، بالتعاون مع التحالف العربي المشترك، إلا أن سلطنة عُمان مارست سياستها التقليدية من الحياد الإيجابي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، فرفضت المشاركة بقواتها المسلحة في العملية، متجنبة انتقال الصراع إلى داخل أراضيها بحكم الجوار، والتداخل القبلي والجهوي بين الشعبين اليمني والعُماني.

استراتيجية مسقط الحيادية، تلك، جعلت منها لاعبًا مهمًا على صعيد مساعي بعض القوى الدولية والإقليمية لحل الأزمة في اليمن سلميًا، وعدم عسكرة الأزمة أكثر مما جنحت إليه، وخاصة في ظل ما بدا أنه، وفقًا لبعض المحللين، حرب بالوكالة بين بعض القوى العربية المركزية وطهران على أرض اليمن، ومن ثم تقدمت السلطنة بمبادرة، من سبع نقاط، لتدشين توافق سياسي بين الفرقاء اليمنيين، بدون الحاجة إلى تدخل عسكري إقليمي أو دولي، لحسم الصراع في اليمن.

 كما رعت مسقط لقاءات دبلوماسية جمعت مسؤولين أمريكيين، برئاسة كبيرة الدبلوماسيين الأمريكيين للشرق الأوسط، آن باترسون، بوفود قيادية من الحوثيين، برئاسة رئيس المجلس السياسي للجماعة، صالح الصماد، لاعتقاد واشنطن، بأن الحل السياسي وحده هو الممكن لإنقاذ اليمن، وربما جاء اختيار سلطنة عُمان مكانًا لعقد تلك المحادثات، لاعتبارات تتعلق من الدول العربية القليلة التي لم تشارك في التحرك العسكري في اليمن ضمن التحالف العربي واسع النطاق، ومن ثم فهي وسيط مقبول بين جميع الفرقاء السياسيين في الأزمة اليمنية.

وفي المجمل يمكن القول أن السياسة الإقليمية العمانية يغلب عليها تحقيق التوازن بين الاعتبارات البرجماتية المصلحة والسعي لالتزام الحياد من الأزمات الإقليمية والاستقلالية في المواقف عن دول الجوار فضلاً عن السعى للقيام بأدوار الوساطة والتوفيق بين دول الإقليم باعتباره مسار يُكسب السياسة الخارجية العمانية تفرداً وشخصية مستقلة في محيطها الإقليمي.

مصطفى شفيق علام

المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية