أكدت مصادر مقربة من الرئيس العراقي برهم صالح، عدم تردده في إعلان رغبته بالاستمرار في ولاية رئاسية ثانية. وذكرت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن صالح يحظى بإجماع إقليمي على أهمية دوره المتوازن في الرئاسة العراقية، فضلا عن العمل على التقارب بين دول المنطقة.
وأضافت أن القوى السياسية السنية والشيعية ترى في صالح الأنسب لهذا المنصب، لكن يتوقف الأمر في النهاية على اتفاق الأحزاب الكردية على التجديد له في ولاية رئاسية ثانية بعد الانتخابات البرلمانية المؤمل إجراؤها في العاشر من أكتوبر المقبل.
وزار الرئيس العراقي أربيل الجمعة بالتزامن مع إعلان تطلعه إلى ولاية ثانية في منصب الرئاسة، مشيراً إلى أن ذلك مرهون بنتائج الانتخابات.
وقال الرئيس العراقي أثناء حوار تلفزيوني “مهمتي الأولى إجراء الانتخابات بسلام، وأتطلع إلى الحصول على ولاية ثانية، فلدي الكثير لأقدمه في هذا المنصب”.
يذكر أن منصب رئيس الجمهورية من حصة الأكراد وفق المحاصصة الطائفية والقومية السائدة في النظام السياسي منذ عام 2003، بينما يحظى الشيعة بمنصب رئيس الوزراء، والسنة برئاسة البرلمان.
وعزت المصادر نفسها زيارة الرئيس العراقي إلى أربيل إلى حث قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني على التجديد له في ولاية ثانية.
ويجب أن تتفق قيادة الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة أسرة الرئيس الراحل جلال الطالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، على شخصية رئيس الجمهورية.
حيدر الملا: البيئة السياسية العراقية غير ناضجة وتعاني من أزمة ثقة
ومع أن صالح لم يلتق بمسعود البارزاني خلال زيارته إلى أربيل، لكنه بحث مع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني آخر المستجدات وتطورات الوضع في العراق والمنطقة، والمشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم.
ولم يشر البيان الرسمي عن لقاء صالح بالبارزاني إلى موضوع التجديد لمنصب الرئيس، إلا أن المصدر المقرب من صالح أكد أنه لم يتردد في بحث موضوع الولاية الثانية مع القيادات الكردية.
وذكر البيان أنه “جرى التباحث حول الانتخابات العراقية المقبلة مع التشديد على أن تكون حرة ونزيهة وتضمن حقوق وتطلعات المكونات العراقية كافة، وتسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق”.
ويحاول الرئيس العراقي إنهاء الخلاف مع الزعيم الكردي مسعود البارزاني الذي نشب بعد اختياره لمنصب رئيس الجمهورية عام 2018 بعدما مالت إليه كفة البرلمان العراقي على حساب مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين، الذي تحول إلى منصب وزير المالية في حكومة عادل عبدالمهدي التي أطاحت بها الاحتجاجات الشعبية ثم إلى منصب وزير الخارجية في الحكومة الحالية.
وكان صالح انشق عن الاتحاد الوطني بعد خلافات مع قيادته إثر رحيل الرئيس الطالباني، وشكل حزبا لخوض الانتخابات العامة في 2018 لم يحقق نتائج تذكر، لكنه عاد إلى حزبه الأم في صفقة تضمنت التخلي عن طموحه السياسي في المنطقة الكردية، لقاء ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية.
ومنذ خروج برهم صالح من معقله في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق إلى بغداد لممارسة مهامه الرئاسية، أحكمت عائلة الطالباني برئاسة ابنه بافل قبضتها على معقل الاتحاد الوطني في إقليم كردستان.
ويستبعد مراقبون أن يفكر صالح بقيادة مشروع سياسي واسع، بقدر الاستمرار في منصب رئيس الجمهورية الذي شهد تفاهما سياسيا مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في ملفات متعددة.
ويثير صالح في تحالفه مع الكاظمي مخاوف القوى الكردية، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه البارزاني، كما أن تحالف الكاظمي مع صالح يستفز الأطراف الشيعية التي توافقت على تكليفه بقيادة الحكومة بعدما تعهد لها بعدم الترشح للانتخابات.
خالدة خليل: الانتخابات القادمة لن تغير المناصب الرئاسية الثلاثة
ودارت الكثير من التكهنات بشأن إمكانية تحالف الرئيس صالح مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ضمن مشروع سياسي يغطي مساحة البلاد كلها، وهما الصديقان المقربان منذ عقود، والسياسيان المتشابهان في نزعتهما الليبرالية وصداقاتهما مع دول الخليج والغرب والولايات المتحدة.
ويقول مراقبون إن فرص عودة برهم صالح إلى لعب أدوار سياسية داخل إقليم كردستان لم تعد كبيرة رغم محاولاته الانفتاح سياسيا على الإقليم خلال هذه المرحلة، وأن آماله ستُعقد على خيارات أخرى، من بينها محاولة استثمار الزخم الإقليمي الذي أتاحه منصب رئيس الجمهورية خلال الفترة الماضية بعد زيارة زعماء دول عربية إلى بغداد.
وتجمع غالبية القراءات السياسية قبل أيام من الانتخابات البرلمانية على عدم تغيير خارطة المحاصصة في المناصب الرئاسية العليا.
ويرى البرلماني السابق حيدر الملا، والمرشح الحالي عن كتلة تقدم برئاسة محمد الحلبوسي بأن “الأوضاع بعد الانتخابات ستبقى على ما هي عليه بسبب الأسس التي بنيت عليها العملية السياسية”، مشيراً إلى أنه “من الممكن تغيير جدران البناء، ولكن من الصعب اليوم تغيير هذه الأسس”.
وأشار الملا في تصريح لشبكة رووداو إلى عدم وجود إرادة من قبل الكتل السياسية للتغيير، والبيئة السياسية غير ناضجة أو مستقرة وتعاني من أزمة ثقة.
وقال “اليوم هناك صراعات، ليست سنية – شيعية – كردية، بل داخل المكونات نفسها، كل ذلك يمنع حدوث أي تغييرات جذرية في العملية السياسية”.
وتقول النائبة خالدة خليل، عضوة مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بأن “المناصب وزعت للشيعة والعرب السنة والأكراد حسب تفاهمات وليس حسب الدستور، وبالتالي فهذا عرف لإرضاء المكونات الثلاثة وليس قانوناً يجب الالتزام به”، مشيرة إلى أن “الانتخابات القادمة لن تغير في هذه المناصب الرئاسية”.
صحيفة العرب