محطات مضيئة في تاريخ الشعب العراقي

محطات مضيئة في تاريخ الشعب العراقي

تمر على شعب العراق الأبي الذكرى ٨٩ لدخول البلاد إلى عصبة الأمم المتحدة بعد مخاض سياسي كبير وكفاح شعبي متواصل وعبر ١٢سنة من الرفض لفكرة الانتداب البريطاني وعدم التعامل معه شعبيا جماهيريا والدعوة إلى تحقيق الاستقلال الوطني والسيادة القانونية والسياسية في العراق .
يعرف الانتداب انه(نظام سيطرة وإدارة ابتدع بعد الحرب العالمية الأولى بإدارة البلدان والأقاليم التي انتزعت من الدولة العثمانية وأقر هذا النظام في مؤتمر سان ريمو بإيطاليا في نيسان عام ١٩٢٠) ، لم يتقبل العراقيون فكرة الانتداب البريطاني واعتبروه احتلالا وجاء الرفض عبر العديد من الثورات والانتفاضات الشعبية أهمها ثورة العشرين وثورة محمود الحفيد في السليمانية ثم التأكيد الذي أشار إليه الملك فيصل الأول في خطاب التتويج بشهر اب ١٩٢١ بقوله( انه يهدف إلى استقلال المملكة العراقية من سيطرة بريطانيا ) وشهدت فترة العشرينيات من القرن الماضي صراعا حادا بين حكومة بريطانيا والعراق ممثلا بالقوى والتيارات والأحزاب السياسية الوطنية والحكومات المشكلة ولا سيما المجلس السياسي حول التواجد البريطاني في البلاد ودوره السياسي والاقتصادي ، وابتدا العمل الميداني من جميع القوى الوطنية والحكومات العراقية على تعديل الاتفاقيات المعقودة مع لندن وبنزعة وطنية شمولية ابتدأت من الملك فيصل الأول ووصل عنفوانها إلى جميع أبناء الشعب العراقي ووصلت الأوضاع إلى توقيع معاهدة جديدة مع بريطانيا في حزيران ١٩٣٠ وإنهاء الانتداب ودخول العراق إلى عصبة الأمم المتحدة في الثالث من تشرين الأول عام ١٩٣٢،وتمكن مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية والسياسية وعبر اهتمامه الواسع الميداني بتاريخ ونفتح الشعب العراقي من الحصول على عدد من الوثائق النادرة التي تؤكد الدور الكبير الذي قامت به جميع الشخصيات السياسية والتيارات الحزبية في مواجهة الحكومة البريطانية والانجاز السياسي في قبول العراق في عصية الأمم المتحدة، ونرافق مع مقالنا عدد من هذه الوثائق.
ان هذا اليوم يؤرخ على امتلاك العراق قانونيا ولأول مرة قراره السيادي بكل ما يتعلق بالشؤون الداخلية والخارجية كدولة مستقلة وشعب حر كريم خاص غمار الكفاح والنضال من أجل حريته وكرامته وسيادة بلده والتي جاءت عبر العديد من المحطات تمثلت في إصرار العراق على إنهاء معاهدة عام ١٩٢٢والتي تم تجديدها
بتغييرات قليلة ووصلت إلى توقيع معاهدة عام ١٩٣٠ التي اقرت حقوق الشعب العراقي في تحديد سلطاته الجديدة.
وكان للموقف الوطني السيادي الذي اتبعه ياسين الهاشمي وجعفر العسكري وعبد المحسن السعدون عبر توليهم رئاسة الحكومة العراقية خلال السنوات الممتدة من ١٩٢٥ ولغاية ١٩٢٩ الأثر البالغ والكبير في إنجاز معاهدة ١٩٣٠ إضافة إلى التقارير الاي كانت ترفع لعصبة الأمم المتحدة عن التطورات الميدانية التي يشهدها المجتمع العراقي ومؤسسات الدولة العراقية الجديدة والتي ساهمت بشكل فعال في قبول عضوية العراق بعصبة الأمم المتحدة وإنهاء الانتداب البريطاني على البلاد ، ويمكن للقارئ الكريم أن يلاحظ إحدى الوثائق الموجودة في مقالنا والتي تشير إلى الدور السياسي الوطني العراقي للسيدجعفر العسكري والسيد نوري السعيد والإشارة إلى رسائلها إلى عصية الأمم المتحدة.
شكلت معاهدة ١٩٣٠ تحالف وصداقة بين بلدين ودولتين مستقلتين وفق عملية تنظيم شامل لجميع العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية لدولة ناشئة امتلكت استقلالها السيادي وأخرى كانت تتسيد العالم كدولة عظمى، واهم ما ورد في هذه المعاهدة كانت الفقرة الثامنة التي ألغت جميع صلاحيات الانتداب البريطاني وجعلت حكومة العراق هي المسؤولة المباشرة والمتحكمة في قرارها الوطني عبر السيادة السياسية المستقلة.
ان المتابعة الحثيثة والاهتمام بهذا الحدث الكبير جعل مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية والسياسية أن يكون له حضوره الثقافي والمعلوماتي في سعيه بالحصول على عدد من الوثائق التي تبين تاريخ ووقائع دخول العراق إلى عصية الأمم المتحدة والمرافقة لمقالنا هذا الخاص بذكرى استقلال العراق.

   

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية