إسطنبول – لم تكتف تركيا بزيادة نفوذها في الدول ذات التاريخ التركي بل تخطط أيضا لما هو أبعد من ذلك عبر وضع خطة ناعمة للسيطرة على عقول سكان ما تسميه “العالم التركي”، بهدف تهيئة أرضية مستقبلية لخطط الرئيس رجب طيب أردوغان الهادفة إلى حكم هذه المناطق.
وقال إلياس طوب ساقال، الرئيس المؤسس وعضو مجلس أمناء وقف أطفال العالم التركي، إنهم يعملون على إحضار 500 طفل إلى تركيا سنويّا من مختلف مدن العالم التركي، وتنظيم جولات لهم في ربوع البلاد لتعريفهم بالثقافة التركية.
ولا تقف خطة الاستقطاب عند حدود العالم التركي، فقد أشار ساقال كذلك إلى أن هدف الوقف هو إنجاز مشاريع تهم مستقبل الأطفال الأتراك المسلمين المقيمين في كل أرجاء العالم، وأنها ستمتد إلى روسيا وأوروبا وشمال أفريقيا وأفريقيا والشرق الأوسط.
وأشار إلى أن الوقف أقام مهرجانا عام 2020 نظم خلاله “أولمبياد العلوم لأطفال العالم التركي”، في العاصمة التركية أنقرة. وشارك فيه نحو ألف مشروع لأطفال من تركيا والعالم.
ويقول مراقبون أتراك إن الاهتمام بالأطفال وإغراءهم بالاطلاع على تركيا والتاريخ العثماني ليس سوى واجهة للخطة التركية الناعمة التي تهدف إلى استقطاب الأجيال الجديدة، والتي ستحكم بلدانها في سنوات قادمة، وإن الخطة تشمل كذلك تقديم تسهيلات للآلاف من الشبان القادمين من دول عربية وأفريقيا ومن دول البلقان وآسيا الوسطى للدراسة في تركيا، من خلال تقديم المنح وتسهيل الحصول على التأشيرات.
ورغم أن التعليم التركي لا يحتل مرتبة عالمية ذات قيمة إلا أن الآلاف من الشبان -خاصة من الدول الفقيرة- استجابوا لإغراءات تركيا والتحقوا بجامعاتها.
كما تستقطب تركيا من ناحية ثانية دارسي التعليم الديني، وهو ما يمكّنها من كسب ورقة التأثير في مجال حيوي يمكن أن يساعدها في الخروج من صورة الخلافة العثمانية الغازية إلى صورة جديدة داعمة للإسلام والمسلمين.
يضاف إلى ذلك التمهيد -من خلال استقبال هؤلاء الأطفال والشبان- لاستيعاب الكفاءات الجديدة والخبرات التي يمكن أن توفرها للاقتصاد التركي في المستقبل.
وأوضح طوب ساقال أنهم قدموا مكافآت للمشاريع المتميزة التي حصلت على مراتب متقدمة بعد تقييهما من قبل أساتذة في مختلف التخصصات العلمية، وأن المؤسسات المعنية في تركيا بدأت بمتابعة أولمبياد العلوم لرؤية المشاريع المتميزة التي يمكن أن تفضي إلى منتجات مفيدة.
وأضاف “نرغب أيضا في إحضار الآلاف من الأطفال إلى تركيا من مختلف مدن العالم التركي، في إطار الاحتفالات وتنظيم جولات لهم في عدة مدن لتعريفهم بثقافة تركيا والأخلاق التركية الإسلامية”.
وبالتوازي مع النفوذ العسكري الذي أدى إلى تدخلات في ليبيا وسوريا وأذربيجان تركز تركيا على دخول العالم الإسلامي بواجهات مختلفة، والسعي لتقديم نفسها كبديل منافس لنفوذ دول مثل السعودية ومصر وكواجهة للتأثير الإسلامي.
وقد تجلى ذلك في العدد الكبير من المسلسلات التركية والأفلام التي تمت مشاهدتها في التلفزيون العربي والفارسي والبلقاني والقوقازي، وكان لهذه المسلسلات والأفلام والدعايات السياحية تأثير قوي في جذب المشاهدين، والتفاعل مع التاريخ العثماني كواجهة لخدمة الدين.
ولفت طوب ساقال إلى أنه أعد برنامجا للمحادثات يقوم بالترجمة بين مختلف اللهجات التركية حتى يمكّن الأطفال من التواصل معاً بلغاتهم الأصلية، وأنه بذل في إعداده جهدا كبيرا على مدار عامين إضافة إلى كلفته الباهظة. وأوضح أن من ضمن مشاريع الوقف أيضا إصدار مجلة أطفال خاصة.
العرب