إيران متخوفة من “حزب الله” الإسرائيلي على حدودها الشمالية

إيران متخوفة من “حزب الله” الإسرائيلي على حدودها الشمالية

يشير تركيز المسؤولين الإيرانيين في تصريحاتهم الأخيرة على الدور الإسرائيلي في أذربيجان إلى وجود مخاوف جدية من نشاط إسرائيلي على حدودها الشمالية شبيه بنشاط حزب الله اللبناني الموالي لها والذي توظفه كشوكة في خاصرة تل أبيب.

وبعد أن كان هؤلاء المسؤولون يبدون قلقهم من تزايد نفوذ تركيا في أذربيجان تحولوا بشكل كلي إلى التحذير من نفوذ إسرائيلي متصاعد في الجارة الشمالية، ما يظهر أن إسرائيل عملت على إظهار قدرتها على تطويق إيران وتهديد أمنها القومي مثلما فعلت هي من خلال تدخلها في سوريا وتمويل حزب الله وتسليحه.

وأعربت إيران الأربعاء عن “مخاوف جدية” حيال “التواجد” الإسرائيلي في القوقاز، في ظل ارتفاع مستوى التوتر بين إيران وأذربيجان على خلفية علاقات باكو مع الدولة العبرية التي تعتبرها أذربيجان مصدرا رئيسيا للسلاح.

حسين أمير عبداللهيان: لن نتسامح مع أي تغيير جيوسياسي في القوقاز

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للصحافيين في موسكو “لن نتسامح بكل تأكيد مع أي تغيير جيوسياسي في خارطة القوقاز، ولدينا مخاوف جدية حيال تواجد الإرهابيين والصهاينة في هذه المنطقة”.

وتأتي التصريحات الإيرانية بعد يوم من ورود تقارير تناقلتها وسائل إعلام أذرية تفيد بأن إيران أغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الأذريّة. وارتفع مستوى التوتر منذ منتصف سبتمبر بين إيران وأذربيجان اللتين تتشاركان حدودا يبلغ طولها 700 كلم.

وتعد إسرائيل مصدّرا رئيسيا للأسلحة إلى أذربيجان، التي انتصرت العام الماضي في حرب استمرت ستة أسابيع ضد جارتها أرمينيا في إطار النزاع للسيطرة على إقليم ناغورني قرة باغ.

وأظهرت حرب قرة باغ مدى اعتماد باكو على التكنولوجيا الإسرائيلية. وكان هذا الدعم -إلى جانب المسيّرات التركية- حاسما في انتصار أذربيجان.

ويقول محللون إن إيران لا تتخوف من سعي إسرائيل لتسليح الجيش الأذري أو تدريبه، فتلك مهمة لا تثير كل هذه المخاوف، لكن الخطر بالنسبة إليها هو استمرار بقاء قوات خاصة إسرائيلية على حدودها، وهو ما قد يفتح الباب أمام عمليات انتقامية إسرائيلية وتفجيرات أو اغتيال يستهدف علماء وباحثين في الملف النووي، فضلا عن التجسس على البرنامج النووي والخطط العسكرية لطهران.

ويشير هؤلاء المحللون كذلك إلى أن إيران تخشى أن تدعم إسرائيل بشكل جدي النزعة الانفصالية لدى الإيرانيين من أصول أذرية، وعددهم كبير يصل إلى ربع سكان إيران، لافتين إلى أن أي تحرك انفصالي من أي عرقية كانت قد يدفع بقية العرقيات الأخرى إلى التحرك بحثا عن تحقيق استقلالها، وهذا سر الارتباك الإيراني الرئيسي من وجود إسرائيل على الحدود.

وتقطن إيران مجموعة كبيرة من السكان المنتمين إلى القومية الأذرية، وخصوصا في المحافظات الشمالية الغربية المحاذية لأذربيجان وأرمينيا.

وأرسلت احتجاجات مناطق خوزستان في شهر يوليو الماضي رسالة واضحة إلى المسؤولين الإيرانيين يفيد فحواها بأن انفراط الإمبراطورية المكونة من عرقيات مختلفة ليس بعيدا، خاصة إذا استمرت سياسة الاضطهاد والتمييز العرقي والمذهبي في البلاد.

Thumbnail
ويشعر الإيرانيون بالقلق من تحركات إسرائيلية هادفة إلى تطويقهم سواء من خلال التمركز في أذربيجان أو من خلال اتفاقيات السلام مع الدول الخليجية التي قد تتطور لاحقا إلى تعاون عسكري استراتيجي يجعل إيران في موقف صعب.

كما لا يستبعد الإيرانيون تحالفا تركيًّا – إسرائيليا ضد مصالحهم في أذربيجان خاصة بعد أن باتت أنقرة تمثل مشكلة حقيقة للإيرانيين إثر خسارة ممر” ناختشيفان” الذي يقطع طرق إيران البرية باتجاه أرمينيا وأوروبا وجورجيا، بعد أن صار تحت سيطرة أذربيجان ومن ورائها تركيا. ويقرّ مراقبون بأن منع إيران من هذا الممر الحيوي يعد بمثابة حصار لها.

وتحتفظ تركيا بقوات في أذربيجان وهي قادرة على الوصول مباشرة إلى بحر قزوين عبر هذا المعبر، بالإضافة إلى قدرتها على التأثير مباشرة في منطقة وسط آسيا، وهو أمر يقلق كثيرا الجانب الإيراني.

والجمعة بدأت القوات البرية الإيرانية مناورات عسكرية قرب الحدود، في خطوة قوبلت بانتقادات من الرئيس الأذري إلهام علييف. وردت عليها تركيا بالإعلان عن مناورات مشتركة على الحدود الأذرية – الإيرانية تستمر إلى يوم الجمعة، في رسالة واضحة إلى إيران. وتشارك في المناورات طائرات حربية ومروحيات نقل وأخرى هجومية، وتجري مناورات صعبة ورحلات تدريبية.

وقبل يوم من انطلاق المناورات الإيرانية أكد أمير عبداللهيان لنظيره الأذري أن طهران لن تتسامح مع أي تواجد أو نشاط لإسرائيل “قرب حدودنا” وتعهّد بالقيام بتحرّك لازم.

بدوره، أكد علييف الثلاثاء أن باكو “لن تترك (اتهامات طهران) التي لا أساس لها” -بشأن التواجد العسكري الإسرائيلي على أراضيها- “من دون رد”. ورفضت باكو هذا الأسبوع عبر وزارة خارجيتها “المزاعم بشأن وجود أي طرف ثالث بالقرب من الحدود الأذرية – الإيرانية”، في إشارة إلى إسرائيل، معتبرة أن هذا الأمر “لا أساس له من الصحة على الإطلاق”.

Thumbnail
كما تثير نقطة أخرى جدالا بين طهران وباكو، ترتبط بفرض الأخيرة رسوما جمركية اعتبارا من منتصف سبتمبر على الشاحنات الإيرانية المتجهة إلى أرمينيا، لدى عبورها أراضٍي باتت تحت سيطرة قوات باكو في أعقاب نزاع إقليم ناغورني قرة باغ صيف العام الماضي.

من جهة أخرى أعلنت الخطوط الجوية الأذرية الأربعاء أنها ستبدأ استخدام المجال الجوي الأرمني. وشكّل الإعلان أول مؤشر على انخفاض منسوب التوتر بين باكو ويريفان، بعد أيام من إعلان زعيمي البلدين استعدادهما لعقد محادثات مباشرة.

صحيفة العرب