لا يزال ملف الأسرى بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين متعثرا رغم صفقات التبادل التي تمت في وقت سابق على فترات متباعدة. وتبدي الحكومة كما الحوثيين استعدادا للمضي قدما، فيما تبذل وساطات محلية ودولية جهودا كبيرة في هذا الاتجاه.
صنعاء – رغم اختلاف الحكومة اليمنية والحوثيين في مختلف القضايا إلا أن الطرفين يتفقان في مواقفهما بأن قضية الأسرى هي عبارة عن “ملف إنساني بحت” يفترض النأي به عن كل الصراعات السياسية والعسكرية، إلا أن الملف لا يزال شائكا وبلا حل شامل.
وما يزال الملف يواجه الكثير من التعقيدات، حيث يظل الآلاف رهن الاحتجاز، وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التوصل إلى تقدم شامل لحل هذا الملف.
وسبق أن أعربت الحكومة اليمنية أكثر من مرة عن رغبتها في تبادل جميع الأسرى مع الحوثيين على مبدأ “تسليم الكل مقابل الكل”، وهو موقف شدد عليه الحوثيون أيضا في أكثر من تصريح رسمي لمسؤولي الجماعة الموالية لإيران.
ومن بين العوائق التي أدت إلى عرقلة حل هذا الملف بشكل كامل هو تسليم هذا الطرف أو ذاك كشوفات لأسماء أسرى يقول الطرف الآخر بأنهم غير موجودين لديه.
واتهمت الحكومة جماعة الحوثي بأنها قدمت كشوفات وهمية لأسرى غير موجودين في الواقع، وهو الاتهام نفسه الذي وجهه الحوثيون للحكومة، ما أدى إلى عرقلة التقدم في حل الملف الإنساني الشائك.
ونجحت وساطة محلية قبل نحو أسبوعين في الإفراج عن 206 أسرى ومعتقلين، في صفقة تبادل بين الحكومة الشرعية والحوثيين بمحافظة تعز أكبر المحافظات سكانا (جنوب غرب).
وبموجب الصفقة تم إطلاق سراح 70 حوثيا، مقابل الإفراج عن 136 أسيرا ومعتقلا من الطرف الحكومي.
من بين العوائق التي أدت إلى عرقلة ملف الأسرى تقديم كشوفات لأسماء أسرى يقول هذا الطرف أو الآخر بأنهم غير موجودين لديه
وشكل نجاح هذه الصفقة بادرة أمل لدى اليمنيين، لاسيما أنها تعد من أكبر الصفقات التي تمت بناءً على وساطة محلية خالصة، بعيدًا عن جهود الأمم المتحدة أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وسبق أن نجحت صفقات تبادل أسرى متعددة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في عدة جبهات خلال السنوات الماضية، الكثير منها شمل عددًا يسيرًا من المحتجزين.
كما سبق أن تم تنفيذ العشرات من الوقفات الاحتجاجية المطالبة بضرورة الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، معظمها نظمتها رابطة أمهات المختطفين (أهلية).
ويعد ملف الأسرى واحدا من أهم الملفات التي تفاوض عليها طرفا النزاع اليمني في محطات من المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة على مدى نحو ست سنوات.
ومن بين هذه المشاورات مفاوضات الكويت عام 2016، ومفاوضات السويد عام 2018، إضافة إلى عدة جولات انعقدت خلال السنوات الماضية في العاصمة الأردنية عمّان برعاية من الأمم المتحدة.
وأدت سنوات من الحرب المستمرة في اليمن إلى وقوع الآلاف في دائرة الأسر أو الاحتجاز، بعضهم مدنيون تم اعتقالهم لأسباب سياسية.
ولا يوجد حتى الآن إحصائية رسمية دقيقة بخصوص عدد الأسرى حاليا، لكن الحكومة والجماعة قدمتا كشوفات تضم نحو 16 ألف أسير من الطرفين، وذلك في مشاورات السويد بين الجانبين نهاية العام 2018.
وبعد هذا التاريخ وقع عدد قد يكون كبيرا في قائمة الأسر لدى الطرفين، فيما تم الإفراج عن البعض الآخر خلال المرحلة الماضية، لكن لم يتم الإعلان الرسمي عن تحديث لقوائم الأسرى.
وتم تنفيذ أكبر صفقة تبادل أسرى بين القوات الحكومية والحوثيين في أكتوبر 2020 بوساطة من قبل الأمم المتحدة والصليب الأحمر.
وبناء على الصفقة تم إطلاق سراح 1056 أسيرا من الجانبين من بينهم 15 سعوديا و4 سودانيين، وجاءت هذه الصفقة بناء على اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والحوثيين نهاية 2018.
وكان من المقرر أن يتم إطلاق سراح جميع الأسرى على دفعات بناء على هذا الاتفاق، لكن لم يتم إطلاق سوى هذه الدفعة وسط اتهامات متبادلة بشأن عرقلة التقدم في الملف.
وضمن الآلاف من الأسرى هناك شخصيات بارزة وقعت في الأسر خلال الحرب، أو تم احتجازها نظرا لمواقفها المعارضة.
ومن أبرز هؤلاء محمود الصبيحي (وزير الدفاع السابق)، محمد قحطان (قيادي بارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح)، فيصل رجب (قائد عسكري) وناصر منصور هادي (قائد عسكري شقيق الرئيس عبدربه منصور هادي).
وهؤلاء الأربعة تم احتجازهم من قبل الحوثيين مطلع العام 2015 وهم مشمولون بقرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر عام 2015 والذي طالب بالإفراج عنهم.
ولا يعرف مكان احتجاز هؤلاء الأربعة ولم يتم السماح لأسرهم بزيارتهم، وفق تقارير حقوقية متعددة.
ومن بين المحتجزين أيضا أربعة صحافيين معتقلين من قبل الحوثيين منذ نحو 6 سنوات وهم عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، حارث حميد وأكرم الوليدي.
وسبق أن تم الحكم عليهم بالإعدام من قبل الحوثيين في أبريل 2020 بعد اتهامهم بالتعاون مع التحالف العربي بقيادة السعودية، وهو ما ينفيه الصحافيون.
العرب