بعد ليلة عاصفة من التهديدات، والجدل حول أوزان الكتل السياسية في البرلمان المقبل، تدخل السلطات العراقية عمليات طارئة لمراجعة النتائج المعلنة لانتخابات 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
بورصة الأرقام، صعوداً وهبوطاً، يتداولها قادة الأحزاب بهوس لمراقبة فقدان أو ربح مقاعد جديدة، فيما يشبه متابعة أسعار النفط، أو مؤشر «ناسداك» للأوراق المالية.
لكن هذا التداول الذي بات يبث على الهواء مباشرة من داخل قاعات مفوضية الانتخابات، يتورط في متاهة الإجراءات المركبة والتفصيلية لاحتساب الأصوات، كما أعلنت مفوضية الانتخابات، أمس (الأربعاء).
ثمة نتائج سيعاد إرسالها مجدداً إلى القمر الصناعي، ومحطات تأخر وصولها سيجري مطابقتها مع عصي الذاكرة، وأخرى وصلت عليها شكاوى سيتم عدها يدوياً. هكذا لخّص، وتشعب، مسؤول في مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحافي محموم.
سيبدو اختراقاً سياسياً لو أفضت هذه العمليات إلى أرقام انقلابية على النتائج، وأعيد رسم التوازن بإنقاذ الخاسرين، أو ضرب الرابحين.
ليلة الثلاثاء – الأربعاء، فتحت فوهة التهديد من شتى الفصائل على المفوضية والحكومة، إن لم «تُعدل» النتائج، بمعنى إن لم يفز «تحالف الفتح». وحتى رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، المحسوب على التيار المعتدل، غرد ليلاً قائلاً «العاقل من يصحح قبل موعد الصبح».
وخلال الساعات الماضية كانت بورصة المقاعد تتغير سريعاً بأرقام محدودة ومتغيرة: «المالكي خسر مقعداً»، ربحه «الفتح»، الذي يعود ليخسر، فيربح المستقلون خمسة مقاعد. الصدر أيضاً خسر مقعداً في بغداد، كان ربحه «مرتاحاً» في دائرة بلا منافسة.
هكذا، لم تتوقف التحولات الطفيفة في المقاعد، في حين تطالب الفصائل بـ«إعادة الحق»؛ لأن «الانتخابات مزورة»، حسب رأيها، وعلى «مقاتلي الحشد الشعبي الالتحاق فوراً» بمقارهم.
هزيمة «الفتح» استدعت من الفصائل المسلحة استحضار «الصقور»، ووضع اللاعبين «الصغار» على الرف. ثمة قلق من تحقق الضربة القاضية للفصائل، بينما الحوار بين الأقطاب الشيعية يتمحور الآن حول نقل الغنائم المهدورة بفعل الانتخابات من الخاسرين إلى رابحين بمقدورهم مواجهة الصدر الفائز؛ المالكي مثلاً.
لكن المواجهة مع الصدر، وإن لم تبدأ بعد، لكنها تبدو حتمية بحسب الوقائع، وتتجه إلى منحى خطير داخل المنظومة الشيعية. خيار الصداميين استخدام حركات سياسية ضد الصدر، من دون توفير إمكان اللجوء إلى استخدام أجنحتها المسلحة، في حال الضرورة. أما البديل، فسيكون استعادة صيغة التوافق بين الرابح والخاسر، وحينها لن تكون للنتائج الحالية أي معنى سياسي.
ويطرح سياسيون عراقيون سيناريو التحالف بين الصدر وخصومه لتشكيل الكتلة الأكبر، وترشيح رئيس وزراء توافقي؛ لأن الخيار البديل سيكون «حرباً أهلية». لكن الصدر لن يسمح له، على الأرجح، بالتفاوض وحيداً مع السنة والأكراد على رسم ملامح العراق للسنوات الأربع المقبلة.
الشرق الاوسط