كشفت مصادر سياسية في بغداد، لـ”العربي الجديد”، عن حراك واسع في العاصمة العراقية من قبل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، لتشكيل تحالف كبير يضم أكثر من ست كتل سياسية، للحصول على التكليف بتشكيل الحكومة المقبلة من “التيار الصدري” بقيادة مقتدى الصدر، وذلك فيما تستمر عمليات إعادة الفرز لبعض المراكز الانتخابية بعد الانتخابات التشريعية التي شهدها العراق، يوم الأحد الماضي.
يهدف حراك المالكي إلى جمع نحو 90 مقعداً برلمانياً
ويهدف حراك المالكي، إلى جمع نحو 90 مقعداً برلمانياً من خلال تشكيل تحالف يضم كلاً من: تحالف “دولة القانون” الذي يملك حتى الآن 38 مقعداً، وتحالف “الفتح” الذي ارتفعت عدد مقاعده إلى نحو 20 حتى الآن بدلاً من 14، و”العقد الوطني” بزعامة فالح الفياض، رئيس “الحشد الشعبي”، بواقع 6 مقاعد، وتحالف “قوى الدولة” 5 مقاعد، وحزب “الفضيلة” مقعد واحد، و”حقوق”، الذراع السياسية لمليشيا “كتائب حزب الله”، بواقع مقعد واحد، و”صادقون”، الجناح السياسي لمليشيا “عصائب أهل الحق”. كما يضم التحالف المنشود، كتلة “سند”، التي تمثل مليشيا “جند الإمام”، وكتلاً صغيرة مماثلة بواقع مقعد أو مقعدين، وسط تأكيدات أن زعيم مليشيا “بابليون”، ريان الكلداني، الذي حصلت كتلته على 4 مقاعد للمسيحيين من أصل 5، وافق على المشاركة في هذا التحالف أيضاً.
عراقيون (مرتضى السوداني/ الأناضول)
قضايا وناس
العراق يخطط لإجراء تعداد سكاني إلكتروني
وتحدث مسؤول في المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية (الذي يتزعمه المالكي)، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، عن “أيام قليلة لتظهر ملامح التحالف الجديد”، مبيناً في اتصال هاتفي من بغداد، أن “التحالف الجديد يضم كل القوى الشيعية باستثناء الصدر، ويمكنه الالتحاق لتشكيل حكومة توافقية”. وتحدث عن “عزلة برلمانية” للرافضين الالتحاق بقوى “الإطار التنسيقي الشيعي” الذي يترأسه المالكي، مقراً بزيارة “شخصيات إيرانية صديقة”، وأخرى أجرت اتصالات هاتفية خلال اليومين الماضيين، بهدف تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين حيال نتائج الانتخابات “غير الواقعية”، على حدّ تعبيره. وحول الشخصية التي سيقدمها التحالف لرئاسة الحكومة، قال إن مرشحه سيكون نوري المالكي.
الحراك الحالي أعاد إلى الواجهة أزمة “الكتلة الأكبر عدداً في البرلمان”، والتي قد لا تكون بعيدة عن أزمة انتخابات عام 2010، التي فازت فيها كتلة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي بواقع 91 مقعداً، فيما حلت قائمة المالكي ثانية بواقع 89 مقعداً. لكن تفسيراً وصف بالمشوه وتحت الضغوط، حينها، للمحكمة الاتحادية العليا، اعتبر أن الكتلة الكبرى ليست التي تفوز بالانتخابات، بل التي تنجح في التشكل داخل البرلمان في أول جلسة لها، ما حرم علاوي من حق تشكيل الحكومة.
واعتبر عضو تحالف “الفتح”، محمد الدراجي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “مفهوم الكتلة الكبرى واضح وصريح وسنجمع أكثر من 90 مقعداً في أول جلسات البرلمان بغض النظر عن النتائج النهائية للبرلمان”، مقراً بأن تشكيل حكومة جديدة قد لا يتم خلال عام 2021 في ظل التجاذبات الحالية، والتي من المؤكد أنها ستطول في حال لم يحصل اتفاق سياسي مرضي لكل الأطراف.
من جهته، علّق عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عرفات كرم، على الحراك الحالي في بغداد، بالقول إن “الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، يرفضون نتائج الانتخابات من جهة، ومن جهة أخرى، يشكلون الكتلة الكبرى”، مضيفاً في تصريحات صحافية أن هذا “إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على اعترافهم بنزاهة الانتخابات وخسارتهم فيها”.
الدراجي: تشكيل حكومة جديدة قد لا يتم في عام 2021
وتعليقاً على حراك المالكي، رأى الخبير في الشأن السياسي العراقي وأستاذ الدراسات السياسية في جامعة بغداد، محمد العبيدي، أن “الأزمة ستبقى ضمن السقف الاعتيادي لأزمات العراق السياسية ما لم تتدخل فيها الفصائل المسلحة، وهو ما لا يبدو حتى الآن مضموناً في ظل بيانات تلك القوى”. وأضاف العبيدي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “خطوة تجميد الصدر لجماعة سرايا السلام في ديالى وبابل، قد تكون محاولة لتجنب التصعيد مع قوى مسلحة أخرى في المحافظتين”، معتبراً أن “انتزاع حق تشكيل الحكومة من الصدر على غرار ما حصل مع إياد علاوي، قد يُقابل بأزمة كبيرة لها أبعاد أمنية أيضاً، خصوصاً أن الطرف الإيراني فقد رجل التسويات السابق (قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري الإيراني) قاسم سليماني، الذي كان مؤثراً على الأطراف كافة على عكس (قائد “فليق القدس” الحالي) إسماعيل قاآني”.
في هذه الأثناء، أصدر الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أمس الجمعة، بياناً مشتركاً أكد “الحرص على أمن البلد واستقراره والعمل على عدم انجراره نحو أي تصعيد قد يؤثر على الأمن العام”، معتبرا أن “التعامل مع اعتراضات النتائج الانتخابية، مقبولة ضمن السياق القانوني”.
في غضون ذلك، تواصل المفوضية المستقلة للانتخابات العراقية عمليات العد والفرز اليدوي للأصوات، مؤكدة في آخر إيجاز لها مساء أمس الجمعة، أن هناك أكثر من 3 آلاف محطة انتخابية يجري عدّها يدوياً داخل مركز عمليات المفوضية في المنطقة الخضراء. ودافعت المفوضية أمس الجمعة، عن نفسها، إزاء الاتهامات التي تتعرض لها من القوى الحليفة لإيران الخاسرة في الانتخابات، مؤكدة أنها ستنهي إعادة العد والفرز اليوم السبت. وقال عضو المفوضية عماد جميل، إن “هناك شائعات جرى تناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي احتوت معلومات غير واقعية، ولم تظهر أي شكاوى أو اعتراضات على عملية الاقتراع إلا بعد إعلان النتائج”.
ولفت جميل في تصريح صحافي، إلى أنه “تم الإعلان بعد 24 ساعة من الانتخابات، عن 94 في المائة من النتائج، وما تبقّى هي محطات الفرز اليدوي، إذ تم اختيار محطة في كل مركز انتخابي لعدّ نتائجها يدوياً، وتم تأكيد ذلك في مؤتمر المفوضية الأول بعد الانتخابات”. وبيّن عضو المفوضية أنه “بعد الإعلان عن نتائج 8273 للاقتراع العام، و595 تصويت خاص، و86 للنازحين، جرى عدّها يدويا، أحدث هذا فوارق بالأصوات، وهنالك شكاوى وطعون لا بد أن تعيد المفوضية عدّها وفرزها إن ثبتت الأدلة، ثم تعلن النتائج”. وتوقع أن “تحدث النتائج التي لم تعد أو تفرز، تغييراً من الممكن أن يؤثر على النتائج وتغير المعادلة”.
العربي الجديد