الثنائي الشيعي في لبنان يقطع الطريق على محاولات إنعاش ثورة تشرين

الثنائي الشيعي في لبنان يقطع الطريق على محاولات إنعاش ثورة تشرين

أطلق الثنائي الشيعي اللبناني، حزب الله وحركة أمل، الأحد “عرضا عاشورائيّا” في ساحة العلم بمدينة صور اللبنانية استباقا لاعتصام أعلن عنه ناشطون في نفس الساحة بالتزامن مع إحياء الذكرى السنوية الثانية لانطلاق ثورة تشرين.

وخطط محتجون لبنانيون لإعادة إحياء “نبض الشارع” بالتزامن مع ذكرى اندلاع ثورة تشرين في السابع عشر من أكتوبر 2019 والتي لم تحقق أهدافها الاقتصادية والسياسية.

ووفق مصادر كان الهدف من “العرض العاشورائي” هو محاصرة ثوار صور لمنعهم من إعادة الزخم للاحتجاجات في ساحة العلم بصور.

واستبق عناصر من الثنائي الشيعي موعد الاعتصام، عند الرابعة والنصف من بعد الظهر، بالتجمع في ساحة العلم وهم يهتفون ويرفعون الأعلام. وعند وصول أول المعتصمين حاولوا اللحاق بهم والاعتداء عليهم، فيما حال الوجود الكثيف للجيش دون ذلك.

بشارة بطرس الراعي: لا يجوز لأي طرف أن يلجأ إلى التهديد وإقامة حواجز عشائرية

وحلت الأحد الذكرى السنوية الثانية للتظاهرات العارمة التي شهدها لبنان في السابع عشر من أكتوبر 2019 وما عُرف لاحقاً بـ”انتفاضة 17 تشرين”، فيما لا تزال البلاد تهتز على وقع الاضطرابات السياسية والاقتصادية لتضاف إليها اضطرابات مذهبية.

ولاستعادة زخم التظاهرات عوّل ناشطون على غضب الناس من استمرار تردي الأوضاع المعيشية بشكل غير مسبوق، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد، وجمود في ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت الذي هز لبنان بأسره.

ولم يحقق التحقيق في انفجار المرفأ، الذي أدى في الرابع من أغسطس من عام 2020 إلى مقتل أكثر من 200 شخص وتسبب في دمار واسع في بيروت، تقدما يذكر وسط مقاومة من فصائل سياسية تتمتع بنفوذ كبير. وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إن القاضي طارق بيطار الذي يتولى إدارة التحقيق منحاز ومسيّس.

وسقط سبعة قتلى من الشيعة يوم الخميس في منطقة الطيونة أثناء توجه مجموعات منهم للاحتجاج على بيطار في مظاهرة دعت إليها جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحركة أمل الشيعية.

وبعد ذلك وجد اللبنانيون أنفسهم يكافحون من أجل عدم التسليم بعودة خطوط التماس الحربية، وذلك قبيل 5 أشهر من موعد الانتخابات النيابية التي من المفترض أن تحصل أواخر مارس 2022.

وتتحدث مصادر عن “رعب مستمر في الشارع”، خاصة أن “اشتباكات الطيونة “صاغت أجندة داخلية جديدة حشرت كل الأطراف في زاوية اختيار واحد من خيارين؛ الأول هو استكمال ورشة التدمير والنزول إلى ساحة الاقتتال، والثاني هو البحث عن حلّ مستحيل وسط الانشقاق الداخلي والعداء المستحكم بين المكونات السياسية والطائفية”.

محمد علي الجوزو: حزب الله تجاوز حدوده في بسط سلطته كقوة استعمارية

وتوعّد النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة -وهي الجناح السياسي لحزب الله في مجلس النواب اللبناني- حسن فضل الله الأحد بمحاسبة “من حرض وخطط وقرر نشر المجموعات وأطلق النار” في الأحداث التي وقعت في منطقة الطيونة، والتي وصفها بالمجزرة، “وصولاً إلى أعلى مسؤول”. كما شدد رئيس الكتلة ذاتها محمد رعد على أن “الغدر القوّاتي الذي ارتكب يوم الخميس هذه المجزرة له حسابه”، في إشارة إلى حزب القوات اللبنانية.

وتواصل وسائل الإعلام المحسوبة على طرفي الاشتباك الرئيسيين -حزب الله وحزب القوات اللبنانية- موجة تحميل المسؤولية والتحذير من التمادي وكيل الاتهامات، وهو ما يعكسه كذلك نبض مواقع التواصل الاجتماعي الذي يظهر توترا عاليا، تقابله أصوات محدودة تدعو إلى خفض التصعيد وإدانة كل فعل يدفع نحو تأزيم الوضع.

كما تهدد اشتباكات الطيونة بقطع حبل الود بين حزب الله وحليفه حزب التيار الوطني الحر، وخصوصاً إثر انحياز الرئيس ميشال عون وجبران باسيل إلى جانب المحقق العدلي القاضي طارق بيطار ورفض تهديدات الثنائي الشيعي على طاولة مجلس الوزراء وفي الشارع وأيضا تهديده لبيطار. ويعتبر حزب الله أن بقاء بيطار تحد له، وخصوصاً أنه أعلن مقاطعة جلسات الحكومة حتى إقالته. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل تهديد واضحة لباسيل من قبل إعلاميين وسياسيين محسوبين على حزب الله.

ويقول مراقبون “إذا نجح حزب الله في تنحية بيطار أو دفعه إلى الاستقالة فإن ذلك من شأنه أن ينسف مسبقاً انتخابات ربيع 2022 إذ سيصبح القضاء تحت سيطرته بشكل كامل”.

والسبت تناقلت وسائل إعلام محلية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانا صادرا عن إبراهيم حطيط، الناطق باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، يطالب فيه القاضي بيطار بالتنحي ويتهمه بأنه مسيس، فيما تساءل لبنانيون عما إذا كان الرجل قد تعرض لضغوط من حزب الله أو غيره من الأطراف السياسية الرافضة لأداء بيطار.

من جانبه توجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد إلى شبيبة لبنان بالقول “عبّروا عن إرادتكم في الانتخابات النيابية المقبلة” ولا يجوز لأي طرف أن يلجأ إلى التهديد والعنف وإقامة حواجز عشائريّة على الطرقات.

اشتباكات الطيونة تهدد بقطع حبل الود بين حزب الله وحليفه حزب التيار الوطني الحر، وخصوصاً إثر انحياز الرئيس ميشال عون وجبران باسيل إلى جانب المحقق العدلي القاضي طارق بيطار

ورفض الراعي الخلافات وأكباش المحرقة داعياً إلى التلاقي لقطع دابر الفتنة. وطالب بتحرير القضاء، وقال “ندعم استقلاليّته وفقاً لمبدأ فصل السلطات فما من أحد أعلى من القانون والقضاء”.

كما شدد مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، في بيان الأحد، على أن “حزب الله تجاوز حدوده في محاولة بسط سلطته كقوة استعمارية تدين بالولاء لإيران، فكان الرد قويا وقاسيا وكان إطلاق النار الكثيف وسقوط عدد كبير من الشهداء الذين لم يكونوا يستحقون الموت بهذه الطريقة”. وقال “نحن ضد إطلاق النار والانجرار إلى حرب طائفية تأكل الأخضر واليابس وتعيدنا إلى الوراء… لا للحرب الأهلية، لا لبسط حزب الله سلطته على الشعب كقوة استعمارية إيرانية. لا لاستفزاز اللبنانيين في كل مكان… اللبنانيون شعب حر لا يسكت على ضيم، وما حدث في عين الرمانة والطيونة دليل على ذلك”.

صحيفة العرب