من المقرر أن تواصل القوى السياسية الخاسرة في الانتخابات العراقية، اليوم الخميس، لليوم الرابع على التوالي، تصعيدها الاحتجاجي في بغداد ومدن أخرى جنوبي العراق، الذي يتضمن قطع طرق وإحراق إطارات ورفع يافطات تهاجم المبعوثة الأممية جنين بلاسخارت، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اللذين تتهمهما بتزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها. وتطور التصعيد في الأيام الماضية إلى نصب خيام أمام المنطقة الخضراء، أمس الأربعاء، وإقامة اعتصام شارك به عدد من زعماء الفصائل المسلحة، أبرزهم، أحمد الأسدي، وأكرم الكعبي، وأبو آلاء الولائي وآخرون. وسيطر المتظاهرون على مبنى مرتفع من أربعة طوابق وتمّ إعلانه “غرفة عمليات” لإدارة الاحتجاجات.
الكاظمي أبلغ المحتجين بضرورة إبقاء الاحتجاجات ضمن القانون
وأشرف مسلحون بزي مدني يتبعون فصائل في “الحشد الشعبي”، على تنظيم الاعتصام أمام بوابة المنطقة الخضراء، المطلة على نهر دجلة. في الغضون، تواصل وسائل إعلام تابعة لفصائل مسلحة وقوى سياسية توجيه الدعوات للمشاركة في اعتصام اليوم، مع الترويج لوجود طعام ومشروبات ومبيت في الخيام إضافة إلى خدمة إنترنت. وكشفت مفوضية الانتخابات العراقية، أمس الأربعاء، عما وصفتها بـ”شكاوى حمراء” تقدمت بها قوى سياسية ضد الإجراءات التي رافقت العملية الانتخابية. وذكرت المفوضية أنها صنّفت الشكاوى حسب خطورتها وتأثيرها على نتائج الانتخابات إلى حمراء، وهي الخطيرة، إضافة إلى الصفراء والخضراء، وهما لا يؤثران بالمحصلة على نتائج الانتخابات وعدد المقاعد لكل كتلة برلمانية. وأكدت أنها تلقت 397 شكوى في الانتخابات، وأن 361 منها كان في يوم الاقتراع العام. وسُجلت 9 شكاوى ضد إجراءات العد والفرز اليدوي، و10 شكاوى صُنفت على أنها حمراء، و161 صفراء، و138 شكوى خضراء، مع وجود 88 شكوى أخرى يجري العمل على تصنيفها.
وحيال التصعيد الحاصل في بغداد من القوى الخاسرة، قال سياسي عراقي مقرّب من الكاظمي وكان نائباً في البرلمان، إن “الكاظمي على تواصل مع عدد من قادة الكتل التي لم تحقق النتائج التي كانت تتوقعها، وأبلغهم بضرورة إبقاء الاحتجاجات ضمن سياقها القانوني وعدم تهديد الدولة واستقرار بغداد تحديداً، ووقف عمليات قطع الطرق أمام المارة”. وأضاف أن “ذلك أسهم في توقف إحراق الإطارات وقطع الطرق بالعوارض والحجارة أمام السيارات، لكنهم سيستمرون بالاحتجاجات للتعبير عن غضبهم فقط”. وكشف أن قوات الأمن تلقت توجيهات بعدم الاحتكاك معهم والبقاء بعيداً عن مناطق وجودهم، مع قبول تولّي قوة من “الحشد الشعبي” الانتشار، على أن تضمن تحركاتهم، ومنها عدم محاولتهم اقتحام المنطقة الخضراء، كما وعد بعض قادة التنظيم الاحتجاجي الحالي”. وحول نتائج الانتخابات، قال إن “النتائج النهائية صفحة طُويت ولن يكون هناك تغيير لصالح تلك الكتل كما تحاول من خلال ضغوطها”. ويطالب المحتجون الآن بإعادة عد وفرز كل الأصوات في كل الدوائر الانتخابية بالعراق يدوياً، وهو ما يعتبره مراقبون أمراً صعباً، كما أنه يجب أن يتمّ بقرار قضائي مبني على قناعة محكمة وفقاً لأدلة.
الأحزاب الخاسرة تريد أن تبعث برسائل إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمفوضية على أنها تعرضت إلى خسارة كبيرة
ورأى القيادي في حركة “حقوق” التابعة لمليشيا “كتائب حزب الله” عباس العرداوي، خلال وجوده في مكان الاحتجاجات في دردشة مع “العربي الجديد”، أن “المفوضية ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي متورطين في تزوير نتائج الانتخابات لصالح جهات محددة، بهدف إبعاد القوى السياسية التي تدعم الحشد الشعبي، ولذلك تستمر عملية الاحتجاج والاعتصام. وخلال الأيام المقبلة إذا استمر تجاهل مطالبنا من المفوضية، تحديداً مطلب إجراء العد والفرز اليدوي لجميع الدوائر الانتخابية، سيكون لنا موقف آخر”. وتابع أن “مفوضية الانتخابات أخفقت بإجراء الانتخابات، وهذا الإخفاق مدعوم من الأمم المتحدة المتهمة أيضاً بتزوير ما حصلنا عليه من أصوات، ونعتقد أنها مؤامرة ضد محور المقاومة والحشد الشعبي، وهذا ما ترفضه جماهيرنا”.
بدوره، رأى رئيس حزب “المواطنة” غيث التميمي أن “الصدمة بالنسبة للأحزاب الخاسرة وتحديداً تحالف الفتح، ليست عادية، لأن التراجع من نحو 50 مقعداً في نتائج انتخابات عام 2018، إلى 17 مقعداً لم يكن متوقعاً بالنسبة لهم”. وأضاف في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أنهم “صرفوا الكثير من الأموال في حملاتهم الانتخابية، ولم يلبوا الوعود الجماهيرية. بالتالي إن ما يحصل الآن من احتجاجات وتظاهرات ضد نتائج الانتخابات هو رد فعل طبيعي تجاه النكسة التي تعرضت لها القوى الخاسرة والفصائل المسلحة”. وقال إن “الأحزاب الخاسرة تريد أن تبعث برسائل إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمفوضية على أنها تعرضت إلى خسارة كبيرة، كانت مقصودة من قبل أطراف فاعلة في البلاد، لكن في الحقيقة هي وسيلة ضاغطة على أطراف سياسية أخرى من أجل اللجوء إلى الحوار والتفاهم لتشكيل حكومة توافقية تجمع عموم الأطراف الشيعية، وعدم السماح لطرف واحد وهو التيار الصدري بتشكيلها لوحده”.
العربي الجديد