زاد التصعيد الأخير لأنصار الكتل المنضوية في الإطار التنسيقي الرافض لنتائج الانتخابات العراقية بالقرب من المنطقة الخضراء وسط بغداد، الذي مثل محاولة تخطي بواباتها والتوجة نحو القصر الحكومي والبعثات الدبلوماسية، المخاوف من اندلاع اضطرابات واسعة في البلاد.
وربما يمثل تعامل حكومة مصطفى الكاظمي مع أنصار الخاسرين ورفضها لأي تصعيد في التعامل تحاشياً لحدوث أعمال عنف تجر العراق إلى دوامة جديدة، قد تعني انهيار الأوضاع الأمنية وإفساح المجال لتدخلات إقليمية واسعة ستنهي أي أمل باستعادة البلاد لوضعها الطبيعي.
وبحسب مصادر حكومية رفيعة فإن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أصدر تعليمات مشددة للقوات المسلحة العراقية بعدم خوض أي مواجهة أو تصادم مع المعتصمين من أنصار الأحزاب الشيعية الخاسرة.
تحدي الإرادة الدولية
وقال الباحث في الشأن الأمني أحمد الشريفي، إن دخول المنطقة الخضراء من قبل المتظاهرين سيعني تحدي الإرادة الدولية، متوقعاً أن يشهد عدد من محافظات العراق، ومنها بغداد، تصعيداً من قبل المتظاهرين بعد إعلان النتائج النهائية.
وأضاف أن “الذي يحرك هذه التظاهرات يدرك أن دخول المنطقة الخضراء هو تحد للإرادة الدولية، لذلك لن يعمدوا إلى هذا الأمر”، مبيناً أن “الاحتكاك بين المتظاهرين والمؤسسة الأمنية هو أمر وارد كلما طالت المدة وازداد الانفعال نتوقع أن يكون هناك احتكاك”.
ردود أفعال سلبية
ولفت الشريفي إلى أن “الوضع مسيطر عليه وليس هناك مخاوف، لكن بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات نتوقع ردود أفعال سلبية منها توسيع دائرة التظاهرات وافتعال فوضى”. وتابع أن ما يجري هو ضغط على الحكومة والمواطن من خلال قطع الطرق الذي يؤدي إلى الازدحامات المرورية كنوع من أوراق الضغط تستخدمها الأطراف السياسية لفترة معينة لحين ظهور النتائج.
ووصف الشريفي موقف الكاظمي في قضية قطع الطرق من قبل المتظاهرين “بالضعيف”، مشدداً على “ضرورة أن تقوم الحكومة بإيجاد حلول للازدحام المروري، منها نقل خيم المتظاهرين إلى أماكن أخرى لأن استخدام الطريق حق للمواطن كفله الدستور، ولا يجوز الضغط على المواطن كورقة في ابتزاز الدولة”.
ويتواجد المئات من أنصار الكتل السياسية الخاسرة بالانتخابات أمام أحد أبواب المنطقة الخضراء المحصنة قرب الجسر المعلق في اعتصام مفتوح، بعد أن نصبوا خيمهم في تلك المنطقة، وأدى الاعتصام إلى إرباك في حركة السير في العاصمة بغداد، بعد أن أُغلقت أبواب المنطقة الخضراء ولا يسمح إلا للذين يمتلكون هويات خاصة الدخول.
وتضم المنطقة الخضراء مقر الحكومة العراقية والبرلمان العراقي والمقرات المهمة في الدولة العراقية بما فيها مفوضية الانتخابات، وعدد كبير من البعثات الدبلوماسية للدول، من ضمنها مقر السفارة الأميركية.
يخافون العنف
بدوره، يستبعد مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل “اللجوء إلى خيار العنف لارتباط هذه العناصر باستراتيجية إيران في المنطقة التي تعاني من مشكلات داخلية وخارجية كبرى”، بحسب تعبيره.
اقرأ المزيد
ماذا يعني فوز قائمة الصدر في الانتخابات العراقية بالنسبة للولايات المتحدة؟
تداعيات انتخابات العراق تزداد “سخونة” وكف التدخلات الخارجية أولوية الصدر
هل يستمر اعتصام الجماعات العراقية الموالية لإيران أم ينتهي بتسوية؟
الخاسرون يرفضون نتائج انتخابات العراق ويلجأون إلى التظاهر والاعتصام
وأضاف أن “اللجوء إلى خيار اقتحام المنطقة الخضراء أو قصف الأمم المتحدة أمر مستبعد، لأن هذه التنظيمات والعناصر ترتبط باستراتيجية إيران في المنطقة التي بدورها تعاني من مشكلات داخلية كبرى بسبب الضغوط الداخلية التمثلة بالمشكلات الاقتصادية الناتجة من العقوبات من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي على النظام الايراني منذ عام 1979″، مشيراً إلى أن “35 مليون إيراني يرزحون تحت خط الفقر فضلاً عن مشكلة الشباب العاطل من العمل ومشكلات خارجية تتمثل بحركة “طالبان” في أفغانستان وأذريبجان والأزمات في لبنان وسوريا والعراق واليمن”.
وأوضح أن إيران من مصلحتها في هذا الوقت الاتجاه نحو التهدئة وليس من مصلحتها التصعيد في العراق، لافتاً إلى أن تصريحات طهران الأخيرة تشير إلى أنها ما زالت مؤيدة للنتائج.
ولفت فيصل إلى أن المنظمات التي ممكن أن تذهب للسيناريو المتطرف مرتبطة بإيران، مبيناً أن “ذهاب إيران بهذا الاتجاه سيعني دفع العراق والشرق الأوسط إلى وضع كارثي خطير”.
إشادة دولية
وتابع أن “بيانات مجلس الأمن الدولي ووزارة الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي ودول الجوار ودول الخليج أشادت بالانتخابات والأمن الذي رافق العملية الانتخابة، وعلى الجميع الذهاب إلى احترام القانون والدستور واللجوء إلى القانون والقضاء”، مشيراً إلى أن الجميع بانتظار العد اليدوي للمحطات التي عليها خلافات وبعدها يرفع تقرير مفصل للمحكمة الاتحادية، وإذا ما أقرت المحكمة الاتحادية بشرعية الانتخابات، ستتم دعوة مجلس النواب المقبل من رئيس الجمهورية لإكمال عملية تشكيل الحكومة.
وكانت الولايات المتحدة قد هنأت الشعب العراقي وحكومته على نجاح العملية الانتخابية ووصفتها بـ “الآمنة والسلمية من الناحية التقنية والمسالمة إلى حد كبير”.
وقال بيان صادر عن الخارجية الأميركية إن “الانتخابات العراقية كانت فرصة للناخبين العراقيين لتقرير مستقبلهم من خلال حكومة تعكس إرادتهم”، مشددة على أنها “تنضم إلى المجتمع الدولي في إدانة تهديدات العنف ضد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق يونامي ومفوضية الانتخابات العراقية”.
ودعا البيان جميع الأطراف إلى احترام سيادة القانون ونزاهة إجراءات الانتخابات. ويأتي بيان واشنطن بعد ثلاثة أيام من استياء الأمم المتحدة من تهديدات العنف ضد موظفي “يونامي” ومفوضية الانتخابات، مشددين أن أي نزاع انتخابي قد ينشأ يجب حله سلمياً من خلال الطرق القانونية.
ويوضح فيصل أن أي خرق أمني قد يحدث من قبل المعترضين، فإن القوات المسلحة العراقية ستتدخل لضمان الأمن والاستقرار في البلاد.
من جانبه قال الصحافي رحيم الشمري إن “المحتجين هم فئة معينة وهي احتجاجات حزبية وستنتهي مع مرور الوقت ولن تتطور إلى نزاع مسلح”.
وأضاف الشمري “أن المحتجين لايمثلون سوى من 1 إلى 2 في المئة من الناخبين وهذه التظاهرات ستنتهي ولن تتطور إلى صدام مسلح، لا سيما وأن مفوضية الانتخابات أكدت أنها ستعيد العد والفرز في عدد كبير من المحطات”.
العربي الجديد