الانتخابات العراقية: عودة الكاتيوشا وثلاثة أسابيع بلا نتائج نهائية

الانتخابات العراقية: عودة الكاتيوشا وثلاثة أسابيع بلا نتائج نهائية

طوت أزمة الانتخابات العراقية أسبوعها الثالث على التوالي من دون وضوح أي ملامح لقرب الإعلان النهائي عن النتائج بشكل رسمي، مع مواصلة عمليات العد والفرز اليدوي لمحطات الاقتراع التي تجاوزت حتى الآن 14 ألف محطة انتخابية من أصل 55 ألفاً في عموم مدن البلاد، مع مواصلة القوى الخاسرة طعنها في نزاهة الانتخابات والتأكيد على عدم القبول بها.
وتطالب القوى الخاسرة في الانتخابات، والتي نظمت نفسها أخيراً ضمن ما يعرف بـ”الإطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بإعادة العد والفرز اليدوي لجميع محطات الاقتراع في العراق، قبل أن تظهر أصوات أخرى من داخل المعسكر ذاته تطالب بإلغاء الانتخابات بالكامل بدعوى تزويرها.

هناك مساع للإعلان عن النتائج بشكل رسمي قبل الخامس من الشهر الحالي

ويفرض قانون الانتخابات العراقي على المفوضية إعلان النتائج خلال 24 ساعة، إلا أنها لم تلتزم بذلك، وأعلنت النتائج الأولية على شكل دفعات. وسرعان ما حذفت النتائج الأولى من موقعها الإلكتروني، ثم أعادتها بعد ساعات بتغييرات واضحة في عدد المقاعد، بدعوى أن الإعلان الأول كان لنحو 94 في المائة من عملية عد وفرز محطات الاقتراع. تلاها إعلان عن نتائج أخرى ثالثة، رفعت رصيد بعض القوى الخاسرة مثل “تحالف الفتح”، من 14 مقعداً إلى 17، وقوى أخرى حصلت على مقعد أو اثنين زيادة، وأخرى خسرت مثلهما.
وما تزال المفوضية لغاية الآن تنظر في الطعون الانتخابية التي قدمتها القوى الخاسرة، الحليفة لطهران. وأمس الأحد، قالت مفوضية الانتخابات إنها أعادت “عد وفرز 25 في المائة من مجمل المحطات الانتخابية في عموم العراق، بواقع 14621 محطة، ولم يظهر هناك أي تزوير”. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، عن عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات، عماد جميل محسن، قوله إن “عمليات العد والفرز تجري بحضور وإشراف المراقبين المحليين والأمميين”، منوهاً إلى أنه “لم يحدث أي تشكيك في العملية الانتخابية بعد نهايتها، ولم يتحدث أي طرف عن حدوث خروقات. لكن بعد ظهور النتائج الأولية ظهرت اعتراضات وتشكيك في العملية الانتخابية من قبل أطراف متضررة من النتائج”.

تقارير عربية
العراق: مخاوف من انسداد أكبر بعد إعادة فرز محطات الاقتراع
ولجأت بعض أطراف “الإطار التنسيقي” إلى استخدام أساليب التهديد للضغط على المفوضية من أجل تغيير النتائج لصالحها. كما زجت بأنصارها للتظاهر ثم الاعتصام أمام المنطقة الخضراء وسط بغداد، للمطالبة بالعد والفرز اليدوي لجميع المحطات الانتخابية، بخلاف ما جاء به قانون الانتخابات الذي أوجب العد الإلكتروني لجميع صناديق الاقتراع، مستثنياً المحطات المطعون بنتائجها، التي أتاح عدها يدوياً لحسم الجدل بشأنها. وجدد “الإطار التنسيقي”، أمس الأول، هجومه على المفوضية، رافضاً إعلانها تطابق النتائج بنسبة 100 في المائة في عدد من المحافظات التي شهدت بعض محطاتها الانتخابية المطعون بها عداً يدوياً. وقال، في بيان تداولته وسائل إعلام محلية، إن “الإجراءات التي وضعتها المفوضية للعد والفرز اليدوي أفرغ العملية من مضمونها، من خلال اعتماد المعايير الإلكترونية وليس البصرية في العد اليدوي”. واعتبر أن ذلك “يخالف قانون الانتخابات الذي أكد اعتماد نتيجة العد اليدوي عند الطعن وليس المعايير الإلكترونية”. وأضاف: “نؤكد رفضنا لهذه الإجراءات ونتائجها. وعلى الهيئة القضائية النظر بموضوعية في جميع الطعون المقدمة وإيقاف هذا الهدر المتعمد لمئات الآلاف من أصوات الناخبين، وإجراء العد والفرز اليدوي الشامل وفق المعايير الموضوعية”.
كما أكد زعيم مليشيا “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، في بيان، رفض عمليات العد والفرز الحالية لنتائج الانتخابات. وقال إن “العد والفرز اليدوي إجراء ضروري، وأكيد أنه سيكشف كوارث وليس مجرد أخطاء، ولكن من شروطها ألا يُؤتمن على اليدوي من خان الإلكتروني”، في إشارة إلى رفضه الإجراءات الحالية التي تقوم بها المفوضية. ووضع مسؤول أمني في العاصمة، في تصريح لـ”العربي الجديد”، سقوط 3 صواريخ “كاتيوشا” قرب المنطقة الخضراء في بغداد، أمس الأحد، في إطار “رسائل تهديد، مرتبطة بنتائج الانتخابات”، معتبراً أن “الفصائل الرافضة للنتائج تسعى للتصعيد عن طريق التظاهرات والاعتصامات، وعن طريق العنف والقصف الصاروخي”.

عدنان الدنبوس: جميع القوى السياسية ستأخذ حصتها من الحكومة المقبلة

ومع مواصلة المفوضية عمليات فتح محطات الاقتراع واحتساب الأصوات يدوياً، إذ من المقرر، اليوم الاثنين، فتح محطات ست محافظات جديدة، بعد الانتهاء من بابل ونينوى وبغداد، قال مسؤول في مفوضية الانتخابات، وهو قاضٍ بارز طلب عدم ذكر اسمه، في اتصال هاتفي من بغداد، لـ “العربي الجديد”، إن “جميع عمليات العد التي أجريت في الأيام الأخيرة أظهرت تطابقاً بنسبة 100 في المائة مع العد الإلكتروني عبر أجهزة الاقتراع الخاصة التي تولت إظهار النتائج الأولى”. وبين أن “المفوضية ستكمل العد والفرز اليدوي لبقية المحافظات خلال هذا الأسبوع، وهناك مساعٍ للإعلان عن النتائج بشكل رسمي قبل الخامس من الشهر الحالي”، مؤكداً أنه “لا يتوقع ظهور أي تغيير في خريطة النتائج، وسترسل للقضاء للمصادقة (عليها)، والمفوضية كجهة تنفيذية ليست طرفاً سياسياً”.
وأشار المسؤول إلى أن “المفوضية تعمل وفقاً لما جاء به قانون الانتخابات، وهي غير معنية بالتصريحات والضغوط، وكوادر مفوضية الانتخابات تبذل جهوداً كبيرة لإنهاء العد والفرز اليدوي لتحويل الطعون إلى الهيئة القضائية للنظر فيها، تمهيداً لمصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج”. ولفت إلى أن “المحكمة تمتلك حق إصدار أوامر بفتح محطات انتخابية جديدة في حال اقتنعت بالطعون التي قدمت لها”.
لكن عضو البرلمان المنحل عدنان الدنبوس اعتبر أن حسم النتائج ربما يستغرق وقتاً أطول، قبل انعقاد جلسة البرلمان الجديد، ثم بدء مشاورات تشكيل الحكومة، موضحاً، لـ”العربي الجديد”، أن المفوضية تعمل من أجل حسم الجدل بشأن النتائج النهائية. وتابع: “بعد تدقيق المحطات الانتخابية المُعترض عليها، تبين أن التطابق موجود في كل شيء، ولا تغيير في النتائج”، معتبراً أنه “ليس أمام الجميع إلا الإذعان للنتائج”. وأشار إلى وجود مدد دستورية لا يمكن تجاوزها، وهي التي ستحسم كل شيء، مطالباً القوى الخاسرة بالقبول بالقانون. وتابع: “أما إذا كانت هناك جوانب أخرى، فهذا معناه الفوضى والانهيار”، مبيناً أن الكتلة الكبرى، التي تمتلك حق تشكيل الحكومة، لن تتشكل بسهولة. ولفت إلى أن جميع القوى السياسية ستأخذ حصتها من الحكومة المقبلة التي يفترض أن تتشكل وفقاً لنتائج الانتخابات.
وتصدرت “الكتلة الصدرية” التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر نتائج الانتخابات بـ 73 مقعداً من أصل 329، يليها تحالف “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي ثانياً بـ37 مقعداً، ثم ائتلاف “دولة القانون” برئاسة نوري المالكي بـ34 مقعداً، فيما جاء “الحزب الديمقراطي الكردستاني” رابعاً بـ33 مقعداً. وعلى الرغم من حصول ائتلاف المالكي على عدد مقبول من المقاعد، إلا أنه انضوى ضمن “الإطار التنسيقي” الرافض للنتائج، في محاولة لإعادة طرح المالكي رئيساً للوزراء لولاية ثالثة، وهو ما يرفضه التيار الصدري بشكل قاطع، إذ سبق أن عبّر مقتدى الصدر وقيادات التيار عن الرغبة في أن تكون الحكومة المقبلة “صدرية”، موضحين أن ذلك يمكن أن يسهل عملية الإصلاح التي يدعو إليها التيار. ورفض الصدر، السبت الماضي، محاولات بعض الدول التدخل في الانتخابات العراقية، قائلاً إن “أخباراً مؤكّدة تصلنا بتدخلات إقليمية في الشأن العراقي الانتخابي والضغط على الكتل والجهات السياسية من أجل مصالح خارجية، فيها ضرر كبير على العراق وشعبه”، داعياً تلك الدول إلى “سحب يديها فوراً”.

العربي الجديد