رسائل أميركية تطمئن دول الخليج وإسرائيل وتحذّر إيران

رسائل أميركية تطمئن دول الخليج وإسرائيل وتحذّر إيران

قامت قاذفة جوية تابعة لسلاح الجو الأميركي ترافقها طائرات مقاتلة لعدة دول حليفة في المنطقة من بينها السعودية بالتحليق فوق ممرات مائية رئيسية في الشرق الأوسط، حيث سبق أن تواجهت سفن بحرية أميركية وإيرانية.

وحملت هذه الخطوة دلالات عميقة، لاسيما وأنها جاءت بعد يوم من قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على برنامج إيران للطائرات المسلحة بدون طيار وأفراد مرتبطين به بينهم قادة بارزون في فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

وكانت دول حليفة لواشنطن بينها السعودية وإسرائيل أبدت قلقا عميقا بشأن برنامج المسيرات الإيرانية، وكان هذا الملف حاضرا بقوة خلال زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى البحرين.

ويقول مراقبون إن تحليق القاذفة الأميركية برفقة طائرات سعودية وبحرينية وأيضا إسرائيلية ومصرية لا يخلو من استعراض للقوة في مواجهة إيران التي ترفض التخلي عن نهجها العدائي بالرغم من المرونة الأميركية تجاه عودة طهران إلى طاولة المفاوضات.

تحليق قاذفة أميركية برفقة طائرات سعودية وبحرينية وأيضا إسرائيلية ومصرية لا يخلو من استعراض للقوة

ويشير المراقبون إلى أن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذا التحرك العسكري لطمأنة حلفائها في المنطقة بأنها لا تنوي التخلي عنهم في مواجهة التهديدات الإيرانية، لاسيما مع كل ما يثار حول تخفيف واشنطن لتركيزها على الشرق الأوسط، وأيضا إمكانية كسر الجمود الحاصل في المفاوضات النووية مع إيران.

ويلفت هؤلاء إلى أن واشنطن لا تسقط أيضا من حساباتها ممارسة ضغوط على طهران لإجبارها على إظهار ليونة حيال العودة إلى طاولة الحوار، حيث تريد إيصال رسالة لقادتها بأن أي تعنت قد يقود في النهاية إلى تصعيد سيتحملون تكلفته.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية أن قاذفة من طراز “بي – 1 لانسر” قامت بدورية جوية “متعددة الأطراف” لمدة خمس ساعات دون توقف وحلقت فوق خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس والخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان.

وبحسب البيان فإن المهمة “تهدف إلى إيصال رسالة طمأنة واضحة”، لافتا إلى أن مقاتلات من السعودية والبحرين وإسرائيل قامت بمرافقة القاذفة فوق المجال الجوي لكل منها. كما رافقت مقاتلات جوية مصرية أيضا القاذفة الأميركية.

ونشر الجيش الإسرائيلي صوراً ولقطات فيديو تُظهر طائرة إسرائيلية من طراز “أف – 16” وهي ترافق القاذفة الأميركية خلال جزء من عملية التحليق.

وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الرحلة تجسد “التعاون العملياتي المستمر مع القوات الأميركية في المنطقة”.

ومعلوم أن القاذفة “بي – 1 لانسر” قادرة على حمل قنابل ثقيلة خارقة للتحصينات، وبالتالي ستكون ضرورية في حال استدعت الحاجة توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية الموجودة تحت الأرض.

وأبدى قادة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا السبت “قلقهم الكبير والمتنامي” حيال الأنشطة النووية لإيران، داعين طهران إلى “تغيير موقفها” بهدف إنقاذ الاتفاق حول برنامجها النووي.

وقالوا في بيان مشترك عقب اجتماع جرى على هامش قمة العشرين في روما “نحن عازمون على ضمان عدم قيام إيران بصنع أو حيازة سلاح نووي”، لافتين إلى “القلق الكبير والمتنامي حيال الوتيرة المتسارعة للإجراءات الاستفزازية التي اتخذتها إيران في المجال النووي على غرار إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب واليورانيوم المعدني المخصب”.

وانسحبت الولايات المتحدة خلال عهد الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الذي جرى إبرامه في 2015، وتبدي الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن رغبة في العودة إلى الاتفاق بيد أن ذلك يصطدم بمماطلة من قبل طهران.

دورية جوية “متعددة الأطراف” والرسائل
دورية جوية متعددة الأطراف
وأعلنت إيران الأسبوع الماضي أنها ستستأنف المفاوضات بحلول نهاية نوفمبر، ويستبعد مراقبون أن تقدم طهران أي تنازلات في ظل هيمنة الجناح المتشدد على السلطة.
ولا تخفي واشنطن شكوكها أيضا حيال الإعلان الإيراني، حيث قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان إن الولايات المتحدة لا تزال تحاول تحديد ما إذا كانت إيران جادة حقاً في ما يتعلق بالمفاوضات.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة تدرس باقي الخيارات في حال فشلت في تحقيق أي اختراق في المفاوضات المرتقبة.

وكانت إسرائيل أكثر المتحمسين لتوجيه ضربة لإيران قد صرحت بأنها جاهزة لأي خيارات عسكرية في حال فشلت جهود التفاوض.

وقال اللواء تال كالمان رئيس الإدارة الاستراتيجية في الجيش الإسرائيلي في مقابلة مع صحيفة “الأيام” البحرينية السبت إن تل أبيب تفضل حلا دبلوماسيا لوقف طموحات طهران النووية على الرغم من تعنت إيران الحالي في هذا الشأن، لكنه حذر من أن بلاده “تستعد لسيناريوهات أخرى” إذا فشلت المفاوضات، في إشارة على ما يبدو إلى ضربة عسكرية محتملة.

ونقل البيان عن قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكينزي قوله إن “الاستعداد العسكري لأي طارئ أو مهمة، من الاستجابة للأزمات إلى المناورات متعددة الأطراف إلى الدوريات الجوية ليوم واحد مثل هذه، يعتمد على شراكات موثوقة”.

وهذه خامس دورية من نوعها هذا العام، وكانت قاذفة أميركية من طراز “بي – 52” القادرة أيضا على حمل الأسلحة النووية حلقت في يناير الماضي فوق الشرق الأوسط.

صحيفة العرب