تغيير نتائج الانتخابات العراقية غير مرجَّح

تغيير نتائج الانتخابات العراقية غير مرجَّح

يُؤمل أن تنهي المفوضية العليا للانتخابات في العراق، قبل نهاية الأسبوع الحالي، عملية إعادة العد والفرز اليدوي للأصوات في مراكز الاقتراع التي أقدمت القوى الخاسرة في انتخابات 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على الطعن بها. هذا ما أكده مسؤولان اثنان في المفوضية، التي حددت اليوم الأربعاء، موعداً لفتح مراكز الاقتراع المطعون بنتائجها لمحافظتي البصرة وصلاح الدين. وحتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات على إمكانية حصول تغييرات في نتائج الانتخابات التشريعية، على الرغم من إعادة فرز أكثر من 45 في المائة من إجمالي المحطات التي تقرر إعادة فتحها قبل أكثر من أسبوع، ووصل عددها إلى أكثر من ألفي محطة، إذ جاءت نتائج محافظات بابل ونينوى وبغداد وميسان وذي قار، مطابقة لنتائج العدّ الإلكتروني بدرجة مائة في المائة، ما يضع جملة من الاحتمالات للتعامل مع الإعلان النهائي للنتائج، من قبل القوى الخاسرة الرافضة لها، وهي الكتل والأحزاب الحليفة لإيران.

تفتح اليوم الأربعاء مراكز الاقتراع المطعون بنتائجها لمحافظتي البصرة وصلاح الدين

بالتزامن مع ذلك، تتواصل عمليات الشدّ الأمني في محيط المنطقة الخضراء في بغداد، حيث تنتشر وحدات عسكرية وأخرى تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب، تحسباً من تصعيد لأتباع القوى الخاسرة، الذين يحتشدون بالقرب من المنطقة، وقد نصبوا خيماً حولها، رافعين مطالب إعادة العدّ والفرز لمجمل أصوات الناخبين في العراق. حتى أن فريقاً منهم يطالب بإلغاء النتائج كلياً، وإعادة الانتخابات، بينما ظهر صوت ثالث من المعترضين، يطالب بتغيير مفوضية الانتخابات، متهماً إياها بـ”التزوير والتآمر على الحشد الشعبي”.

تقارير عربية
“داعش” يصعّد في العراق: استغلال الأزمة السياسية واستمرار تفلت الحدود
لكن مراقبين يؤكدون أن هذه المطالب تُعدّ أداة ضغط، أكثر من كونها مطالب حقيقية، وتهدف إلى إيصال فكرة أن ثقل تلك القوى ليس بعدد مقاعدها في البرلمان، بل بوجودها العام في المشهد العراقي، خصوصاً أنها تدرك بأن استخدام التهديد ضد الحكومة والعملية الانتخابية التي أيّدها مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة في بيانين منفصلين، سيعود بنتائج عكسية على تلك القوى.

في هذا السياق، أكد اثنان من العاملين في مفوضية الانتخابات، أحدهما قاضٍ، لـ”العربي الجديد”، أن النتائج التي خرجت من العد اليدوي للأصوات حتى الآن جاءت مطابقة للنتائج الإلكترونية. وقال أحد المصدرين، إن هناك مساعي للإعلان النهائي عن النتائج نهاية الأسبوع الحالي، لكن قوى خاسرة تواصل تقديم طعون في محطات ومراكز انتخابية مختلفة، وهناك عمليات تدقيق متواصلة لقبول تلك الطعون أو رفضها”، لافتاً إلى أنه في “حال قبولها، ستكون أمامنا أيام أخرى إضافية”.

لكن المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، جمانة غلاي، أوضحت لـ”العربي الجديد”، أن المفوضية “لا تملك أي توقع حول السقف الزمني الذي قد تستغرقه عملية العد والفرز اليدوي في المحطات المطعون بنتائجها من بعض القوى السياسية”، مضيفة أنه “لا تزال أمامنا محطات انتخابية في محافظات أخرى، كما أن بعض القوى تقدمت بملاحق طعون جديدة تضاف إلى السابقة من أجل فتح محطات جديدة، إلا أن المفوضية لم تقرر شيئاً بشأن هذه الملاحق إلى حد الآن”. وبيّنت غلاي أن “ادعاءات بعض الأحزاب بأن المفوضية تمارس تلاعباً بالأصوات من خلال إبعاد مراقبي الكيانات السياسية، هو أمر يحمل تجنياً كبير، كما أنه ليس حقيقياً، فالمراقبون الذين يتبعون الأحزاب إلى جانب المراقبين الدوليين والموظفين في المفوضية يمارسون عملهم على أكمل وجه”.

يطالب فريق من المعترضين بإلغاء النتائج كلياً، وإعادة الانتخابات، وحتى بتغيير مفوضية الانتخابات

من جهته، اعتبر القيادي في حركة “حقوق”، الجناح السياسي لمليشيا “كتائب حزب الله”، عباس العرداي، أن الإعلان عن التطابق بين نتائج العد والفرز اليدوي مع الإلكتروني من قبل مفوضية الانتخابات، “سيؤدي إلى مزيد من الانسداد السياسي ومزيدٍ من الاحتجاجات لرفض هذه المهزلة التي تدعمها قوى خارجية لإنهاء أي وجود للقوى الشيعية المنخرطة بمحور المقاومة”، على حد قوله. وقال العرداي، إن “قوى الإطار التنسيقي (المعارض للانتخابات والذي يقوده نوري المالكي) ترى أنها تعرضت لعملية سرقة لأصواتها، وهي لن تسكت أمام مؤامرة خارجية نُفّذت بتواطؤ مع أطراف داخلية، لذلك فإن جميع الاحتمالات واردة إذا تمّ استفزاز القوى الحشدية، لكن يبقى القرار بيد أعضاء الإطار التنسيقي”.

إلى ذلك، اعتبر الوزير العراقي السابق، وأحد الأسماء المطروحة حالياً لخلافة مصطفى الكاظمي في رئاسة الحكومة، محمد شياع السوداني، أنه “من واجب جميع القوى السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات، أن تقبل بالنتائج النهائية، لا سيما بعد استنفاد جميع الطرق القانونية المتمثلة بالطعون التي قُدمت إلى مفوضية الانتخابات والهيئة القانونية، والخروج من الأزمة الحالية بعدما مرت النتائج بسلسلة منطقية من الاعتراض عليها”. وبيّن السوداني، في اتصالٍ مع “العربي الجديد”، أن المصادقة على الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية، لا بد أن تضع الجميع أمام خيار القبول بهذه النتائج، مع مراعاة الاعتراضات التي صدرت عن مختلف القوى السياسية، سواءً تحالف “الوطنية” (تحالف حيدر العبادي وعمّار الحكيم)، أو قوى “الفتح” والفصائل غير الراضية بالنتائج، خصوصاً إذا كانت مدعومة بالأدلة.

أما رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد، إحسان الشمري، فتوقع أن “تقوم القوى الخاسرة في الانتخابات، باللجوء إلى تصعيدٍ محدود واحتكاك مدروس مع السلطات، لا سيما بعدما أدركت أن لا تغييراً يخدمها في نتائج الانتخابات”. وأضاف الشمري، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن تلك القوى “باتت أمام مسارين، الأول يتمثل بمزيدٍ من الضغوط عبر الاحتجاجات، وذلك بعد إعلان النتائج، لكن هذه الاحتجاجات لن تتطور إلى الاشتباك، إضافة إلى احتمالية إغلاق بوابة جديدة من بوابات المنطقة الخضراء والاعتصام أمامها، أما المسار الثاني فهو الذهاب إلى المحكمة الاتحادية وتقديم الطعون عن عمل مفوضية الانتخابات، والمحافظة على خطوط للحوار مع القوى الفائزة، وهو ما يجري حالياً، حيث تتحاور قوى خسرت في الانتخابات مع أخرى فائزة، للوصول إلى حكومة متفق عليها، وصناعة القرار السياسي المشترك”.

العربي الجديد