رحيل هاغل… ماذا يعني لسياسة أمريكا تجاه العرب؟

رحيل هاغل… ماذا يعني لسياسة أمريكا تجاه العرب؟

وسط تكهنات متضاربة بالاقالة او الاستقالة، ترك وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل منصبه قبل يومين، بعد مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس باراك اوباما، لم يتبادلا فيه النظرات، في تعبير واضح عن الخلاف بين الرجلين.
وقالت صحف امريكية ان الوزير وجه انتقادات للادارة بشأن أزمات دولية كتلك التي تعصف بالعراق أو سوريا أو أفغانستان، وأنه واجه خلافات متزايدة مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس ومع وزير الخارجية جون كيري، وخاصة في أعقاب إعداد هاغل تقريرا انتقد فيه السياسات الأمريكية في سورياومناطق أخرى.
ومن المتوقع ان تصبح الادارة الأمريكية «اكثر تجانسا» بعد تعيين خليفة لهاغل اقرب إلى الحزب الديمقراطي، الا ان الاسئلة الأهم ان كانت ستكون اكثر «فاعلية»، ام ستواصل الاندفاع في مسار الفشل الذي اقر به اوباما ضمنيا عبر الاضطرار إلى تغيير وزير دفاعه في وسط حرب كبرى تخوضها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط؟ ثم كيف ستؤثر مغادرة هاغل على اجندة التدخل الأمريكي في العراق وسوريا بشكل خاص؟ وكيف ستؤثر على السياسة الأمريكية تجاه المنطقة بشكل عام؟
وللاجابة عن هذه الاسئلة ينبغي العودة قليلا إلى الوراء، حيث ان تعيين هاغل كان يهدف اساسا إلى منع عودة امريكا إلى التورط في حروب بالشرق الاوسط وليس العكس، بل ان التقارب الشخصي بين هاغل واوباما يعود إلى عملهما في مجلس الشيوخ اثناء عهد جورج دبليو بوش، ضد الغزو الأمريكي للعراق.
ومن هذا المنطلق فان اوباما سيجد دعما اكبر من البنتاغون خلال المرحلة المقبلة لزيادة عدد القوات الأمريكية في العراق. الا ان التأثير قد يكون مغايرا في سوريا، حيث ان هاغل كان مساندا للنظرية التي تعتبر ان القضاء على داعش يتطلب اسقاط نظام بشار الاسد اولا، لمنعه من الاستفادة من النتائج. اما اوباما فيعتبر ان الاسد فقد شرعيته، لكن تدخلا عسكريا لاسقاطه سيحتاج إلى قرار واضح من مجلس الامن، والا فان تدخلا احاديا من جانب واشنطن سيفتقد إلى الدعم الدولي الكافي وقد يشعل حربا او حروبا اقليمية لا يمكن توقع نتائجها.
ويبدو ان اوباما سيكون القائد العسكري الحقيقي للحرب ضد داعش، خاصة ان صدقت التوقعات بتعيين ميشيل فلورونوي المساعدة السابقة لوزير الدفاع وهي الأوفر حظا في خلافة هاغل على رأس البنتاغون، في سابقة من نوعها في التاريخ العسكري الأمريكي.
وكانت فلورونوي المرأة الأولى التي تشغل منصب مساعدة وزير الدفاع الأمريكي لشؤون السياسات، والتحقت بوزارة الدفاع في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون حيث عملت على تقديم دراسات تهم الاستراتيجية الأمنية الأمريكية.
كما ستتيح مغادرة هاغل للرئيس الأمريكي ان يشعر بحرج اقل فيما يتجه إلى مزيد من التقارب مع ايران سعيا إلى تعاون امني على الارض لمحاربة داعش، خاصة اذا نجح في التوصل لاتفاق نووي مع طهران قبل منتصف العام المقبل.
اما على صعيد العلاقات مع مصر، فقد خسرت القاهرة «صديقا مهما» في الادارة الأمريكية، اذ كان هاغل من المعارضين لقرار تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية العام الماضي، كما ساعد في احتواء خلافات ثنائية عديدة عندما فتح قناة اتصال غير مباشرة بين الرئيسين السيسي واوباما خلال الفترة التي اعقبت عزل الرئيس محمد مرسي، وحتى اجراء الانتخابات الرئاسية فيمصر الصيف الماضي.
وبالنسبة إلى دول الخليج، فان مغادرة هاغل تشكل خبرا سيئا ايضا، اذ يعتبره مسؤولون خليجيون «اكثر تفهما من غيره لمخاوفهم من عواقب التقارب الأمريكي مع ايران».
اما تجاه اسرائيل فمن المستبعد ان يعني رحيل هاغل كثيرا، حيث ان الادارة الأمريكية وصلت إلى نهاية الطريق المسدود بالفعل فيما يتعلق بدورها في احياء عملية السلام، ولا يمكن الا ان تغير هذا الواقع خاصة بعد الانتخابات النصفية للكونغرس التي منحت اصدقاء اسرائيل اغلبية متحفزة في المجلسين ضد اي سياسة تميل إلى الاعتدال او التوازن بهذا الشأن.
وعلى اي حال يبقى مستبعدا ان ينجح اوباما في تعديل صورة ادارته في الشرق الاوسط، التي يمثل الضعف والتردد وفقدان المصداقية سماتها الرئيسية.

القدس العربي

http://www.alquds.co.uk/?p=256554

الكلمات الدلالية :تشاك هاغل، باراك اوباما،الشرق الاوسط،داعش،دول الخليج،ايران،سوريا.