نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للمعلق ديفيد إغناطيوس، قال فيه إن محاولة الاغتيال الفاشلة ضد رئيس الوزراء العراقي ارتدت بنتائج عكسية مذهلة.
وقال إن محاولة اغتيال مصطفى الكاظمي الأخيرة، صدمت الكثير من العراقيين، وحتى قواعد اللعبة السياسية الشرسة في بغداد، بل أضعفت الميليشيات العراقية التي تدعمها إيران وتحاول إخراج الكاظمي من السلطة.
وأشار إغناطيوس إلى وصف الكاظمي للهجوم بالجبان، والذي شجبته الولايات المتحدة وحتى إيران المتهم الرئيسي في الهجوم الذي نّفذ بثلاث طائرت بدون طيار صباح الأحد. وتم اعتراض طائرتين فيما ضربت الثالثة مقر إقامة الكاظمي و”هي فيلا صغيرة مزينة بالفن الحديث حيث التقيته فيها قبل عدة أشهر” كما يقول الكاتب.
وتابع أن تداعيات هجوم بغداد لخصتها رسالة إلكترونية من رندا سليم، مديرة قسم حل النزاعات في معهد الشرق الأوسط، حيث قالت: “هناك الكثير من الأدلة العرضية التي تؤشر للجماعات العراقية المسلحة التي تدعمها إيران وأنها هي التي نظمت الهجوم. لكنها ارتدت سلبا عليهم. كان تحركا أحمقا ويعبر عن ضيق النظر، وحقق عكس ما هدفوا إليه وهو حرمان رئيس الوزراء من فترة ثانية، بل أكد الهجوم فترته الثانية في المنصب“.
ووصف الكاتب الكاظمي بأنه شخصية نادرة في الشرق الأوسط، حيث تحدى إيران وجماعاتها الوكيلة بدون أن ترمش له عين. وهو في مرمى الهدف منذ توليه المنصب في أيار/مايو 2020، ويحاول توجيه المسار بين الولايات المتحدة وإيران. ومنذ ذلك الوقت هاجمت الميليشيات التي تدعمها إيران المنطقة الخضراء، وتحدّت المسؤولين الأمنيين ضمن حملة استفزاز.
ويقول الكاتب إن غضب الميليشيات على الكاظمي زاد “من حموضة قلوب قادتها” بعد خسارتهم انتخابات الشهر الماضي. وكان الفائز فيها رجل الدين المتقلب مقتدى الصدر، الذي حاول مثل الكاظمي الابتعاد عن إيران، ووعد بألّا يترك العراق رهنا لسيطرتها.
وفاز الصدر بـ73 مقعدا من 329 مقعدا في البرلمان، مشكلا أكبر كتلة فيه. ولم يفز التكتل الموالي لإيران والمعروف بالفتح إلا بـ17 مقعدا. ولم يشارك الكاظمي على أمل اعتماد الصدر وغيره من القادة عليه كمستقل، كما فعلوا في العام الماضي. وكان من المتوقع أن يبدأ الكاظمي محادثاته مع الصدر وغيره من القادة حول تشكيل الحكومة في نهاية الشهر الحالي أو بداية كانون الأول/ ديسمبر.
وبدأت جماعات إيران بالشكوى من التزوير بعد الانتخابات مباشرة، مع أن الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى راقبتها. وأطلقت الميليشيات على حملتها المعادية لنتائج الإنتخابات “أوقفوا السرقة”، في توقيع غريب على حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي رفض الاعتراف بفوز جو بايدن.
وتحولت المواجهة إلى عنف يوم الجمعة عندما حاصر المتشددون المنطقة الخضراء وهاجموا قوات الأمن التي تحمي مكاتب الحكومة والسفارات الأجنبية. وردّت قوات الأمن بالرصاص الحي ما أدى إلى مقتل متظاهرين.
ونقل الكاتب عن مسؤول مقرب من الكاظمي، قوله إن المواجهات أدت إلى جرح أكثر من 80 رجل أمن و27 من عناصر الميليشيات. وأضاف المسؤول: “هذه حملة مدبرة لمنع إعادة انتخاب الكاظمي”، مضيفا أن الكاظمي يحاول خفض التوتر. ثم جاءت محاولة الاغتيال يوم الأحد والغضب من العراقيين الذين عولوا على الكاظمي لكل يقدم إصلاحات تواجه الفساد ويوازن موقف العراق بين أمريكا وإيران.
ووعد الكاظمي في بيان أصدره مكتبه بملاحقة الذين ارتكبوا جريمة الأحد و”سنكشف عنهم”، وصدرت بيانا داعمة من الساسة العراقيين. وحاولت إيران والميليشيات العراقية الموالية لها، كما هو متوقع، حرف اللوم على الولايات المتحدة في محاولة الاغتيال.
وقال سعيد خطيب زادة، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن “حوادث كهذه هي متساوقة مع مصالح الأطراف التي انتهكت استقرار وأمن وسلامة الأراضي العراقية خلال الـ18 عاما الماضية”، لكن هذا الموقف المعادي لأمريكا لن يغير من الواقع حتى بين العراقيين الميالين لتصديق نظريات المؤامرة.
وتم الكشف عن كذب الكلام الإيراني، لأن المسيّرات تم العثور عليها. ولو استطاع الكاظمي البقاء حيا، فلديه فرصة أفضل من الأسبوع الماضي لمواصلة العمل في منصبه وحشد الإصلاحات التي يحتاجها العراقيون بشكل ملح.
القدس العربي