هل تنهي تسوية حكومية أزمة نتائج الانتخابات العراقية؟

هل تنهي تسوية حكومية أزمة نتائج الانتخابات العراقية؟

مع ترقّب إصدار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، النتائج الرسمية الكاملة للانتخابات التشريعية العامة في البلاد، بعد نحو أسبوع من إرسالها كافة نتائج التدقيق في الطعون المقدمة من القوى الخاسرة في الانتخابات إلى الهيئة القضائية للنظر فيها، وإجازة إجراءات المفوضية كما ينص القانون على ذلك، ينتظر المشهد السياسي العراقي عدة سيناريوهات متعلقة بموقف القوى الرافضة للانتخابات، ورد فعلها، خاصة مع استمرار تحشيد أنصارها أمام المنطقة الخضراء منذ أسابيع.
وقال عضو الفريق الإعلامي في المفوضية العليا للانتخابات، عماد جميل، أمس الأحد، إن “المفوضية أرسلت بشكل نهائي وكامل جميع نتائج الطعون إلى الهيئة القضائية للبت فيها، ولم يتم تسجيل أي تلاعب في نتائج الانتخابات بعد عمليات العد والفرز اليدوي. وستكون الكلمة النهائية بهذا الخصوص لدى السلطة القضائية”. ولفت، في إيجاز قدمه للصحافيين في بغداد، إلى أن “النتائج كانت إيجابية، وبانتظار قرارات الهيئة القضائية لحسم الأمر. وأي قرار سيصدر عن القضاء سيكون ملزماً لنا وللجهات التي قدمت الطعون”.

توجه القوى الخاسرة للطعن في صحة الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية العليا قد يؤدي إلى تعثر المصادقة على النتائج

وتواصل القوى السياسية الحليفة لإيران، والتي نظمت نفسها أخيراً ضمن ما يُعرف بـ”الإطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، رفضها نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها، مطالبة بإعادة عمليات العد والفرز يدوياً لكل المحطات الانتخابية، البالغة 14 ألفاً. كما ذهبت قوى أخرى في المعسكر ذاته إلى المطالبة بإلغاء الانتخابات كلياً، بسبب ما تقول عنه “التزوير والتلاعب”، متهمة دولاً خارجية بالضلوع فيه.
وأكدت مصادر متطابقة في بغداد، لـ”العربي الجديد”، أنّ الوقت المتبقي على إعلان الهيئة القضائية في مفوضية الانتخابات النظر في الطعون والمصادقة عليها كخطوة أخيرة قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات هي خمسة أيام فقط، إذ ينص القانون على أن الفترة المحددة للنظر فيها تبلغ 10 أيام عمل، ما يعني أن النتائج قد تعلن نهاية الأسبوع الحالي. وأعلنت مفوضية الانتخابات، في بيان الإثنين الماضي، الانتهاء من عمليات التدقيق في شكاوى وطعون القوى المعترضة على نتائج الانتخابات، وإرسالها إلى الهيئة القضائية المرتبطة بالمفوضية. وأكد البيان أن نتائج عمليات العد والفرز اليدوي للمحطات المشكو منها أظهرت تطابقاً في النتائج المعلنة. وأعلن أنه تم رفع نتائج النظر في الطعون وتدقيقها إلى الهيئة القضائية للانتخابات، في إشارة إلى انتهاء عمليات العد والفرز بشكل نهائي وانتقال النتائج إلى مرحلة قضائية. وبالنظر لهذا الإعلان، فإن نصف المدة المحددة التي حددها القانون للهيئة القضائية قبل المصادقة على النتائج أو ردها، وهي 10 أيام عمل، (مع احتساب العطلة الأسبوعية الممتدة على يومين)، قد انقضت مع حلول اليوم الإثنين.

تقارير عربية
العراق: اقتراح إيراني بحكومة توافقية
ووفقاً للمصادر التي تحدثت مع “العربي الجديد”، فإن النتائج متطابقة، ولن يكون هناك تغيير في مقاعد الكتل السياسية التي أعلن عنها ليلة 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وبعد إعلان النتائج النهائية سيكون على القضاء المصادقة عليها، ليكون على البرلمان الجديد واجب دستوري للانعقاد خلال 15 يوماً من هذا الإعلان.
لكن توجهاً جديداً للقوى الخاسرة في الطعن بصحة الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، قد يؤدي إلى تعثر المصادقة على النتائج، وانقضاء العام الحالي من دون أن يرى البرلمان الجديد النور. وقال القيادي في تحالف “دولة القانون” جاسم محمد جعفر، لـ”العربي الجديد”، إنه “سيكون للقضاء الدور الأبرز في المرحلة المقبلة من الأزمة”، مضيفاً أن “المعلومات تؤكد أن نتائج الانتخابات لن تكون مختلفة ولا تغيير فيها، لذا فإن التوجه في هذه المرحلة للمحكمة الاتحادية من أجل تقديم شكوى وطعون بصحة هذه الانتخابات هو الخيار الحالي”. وتابع: “هناك مصلحة ألا يكون هناك تصعيد. فأي تصعيد احتجاجي ببغداد سيؤدي إلى سقوط ضحايا، ولن يكون من صالح المتظاهرين، والحديث سيكون مع القضاء كجهة محايدة”.
وتحدث سياسي، طلب عدم الكشف عن اسمه، عن أن الأزمة في طريقها إلى الحسم، بعد الموقف الإيراني الرافض لإلغاء الانتخابات أو الطعن في شرعيتها. وتوقع أن تتجه القوى الرافضة إلى القبول بتسوية واسعة لضمان حصصها الوزارية في الحكومة المقبلة، ضمن حكومة توافقية. واعتبر، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن استمرار التلويح بالتظاهرات والطعن أمام المحكمة الاتحادية “محاولة لحفظ ماء الوجه من خسارة غير متوقعة لتلك القوى”، على حد تعبيره.

علي العوادي: آلية تشكيل الحكومة لا تخضع لعدد الأصوات أو المقاعد النيابية لكل كتلة

في المقابل، تواصل القوى الخاسرة تحشيد المئات من أنصارها أمام بوابة المنطقة الخضراء، وقامت أخيراً بنصب خيام أمام البوابة الرئيسية للمنطقة وإغلاقها بشكل كامل، بالتزامن مع تلويح باقتحام المنطقة المحصنة والاعتصام داخلها. وتوعدت جماعة “عصائب أهل الحق”، التي تمتلك جناحاً سياسياً ضمن تحالف “الفتح” الممثل عن “الحشد الشعبي”، باتخاذ خطوات جديدة على مستوى التظاهرات ضد نتائج الانتخابات البرلمانية. وقال عضو المكتب السياسي للجماعة، الحليفة لإيران، سعد السعدي، إن “التظاهرات مستمرة لحين إعادة الأمور إلى نصابها، وإنصاف الكتل السياسية التي تمت سرقة أصواتها”. وأضاف: “هناك خطوات أخرى، وهي الذهاب إلى مجلس القضاء الأعلى، لأن التلاعب الخارجي كان له دور كبير في نتائج الانتخابات”، وفقاً لقوله.
الخبير بالشأن السياسي العراقي، علي العوادي، أوضح أن آلية تشكيل الحكومة المقبلة، وتسمية المناصب الرئيسية في الدولة العراقية ما بعد الغزو الأميركي للبلاد في 2003، لا تخضع لعدد الأصوات أو المقاعد النيابية لكل كتلة. وقال العوادي، لـ”العربي الجديد”، إن “سيناريو تشكيل الحكومة والتصويت على رئيس البرلمان، وكذلك رئيس الجمهورية، لا يخضع لعدد المقاعد للكتل السياسية، وتحديداً منذ عام 2006 (بعد أول انتخابات تشريعية) ولغاية الآن. إنما شكلت ونظمت وفق تفاهمات وتوافقات معروفة”. ولفت إلى أنه “بعد إقرار النتائج فإن الكتل ستتجه إلى التفاوض حول آلية تشكيل الحكومة من دون النظر لعدد المقاعد البرلمانية وثقل كل واحدة منها، وهو عرف بات معمولاً به”. واعتبر أن “الجميع يدرك خطورة إلغاء الانتخابات على الوضع العام في البلاد، وقبولها سيكون أفضل للجميع”.

العربي الجديد