البحر الأسود خط مواجهة مرتقبة بين الغرب وروسيا

البحر الأسود خط مواجهة مرتقبة بين الغرب وروسيا

نيويورك – تصاعدت التوتّرات في البحر الأسود بين روسيا والقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، حيث كثفت موسكو مؤخرا تدريباتها العسكرية على تدمير أهداف معادية في المنطقة، مبدية انزعاجها من وجود سفينتين حربيتين أميركيتين ما ينذر بزيادة التوترات في المنطقة.

وكانت روسيا حذرت الدول الغربية من قبل من إرسال سفنها الحربية إلى البحر الأسود والاقتراب من ساحل شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في 2014 والمعترف على المستوى الدولي بأنها جزء من أوكرانيا.

وتوقع تقرير لمركز الأبحاث الأميركي، المجلس الأطلسي، في مطلع هذا العام إمكانية أن يكون البحر الأسود في المستقبل أرض المعركة الكبرى بالنسبة إلى الطاقة في العالم.

وأشار التقرير إلى أنه في السنوات الأخيرة تم اعتبار البحر الأسود خط المواجهة البحري في التوترات المتصاعدة بين الغرب وروسيا. وأدى ذلك إلى مسارعة حلف شمال الأطلسي “الناتو” إلى تطوير أسلوب متعدّد المستويات ساعد في تحسن ملموس في الأمن الإقليمي.

التوتر المتصاعد بين روسيا والولايات المتحدة والناتو في البحر الأسود، يمكن أن يتحول إلى نزاع غير محمود العواقب

كما ذكر تقرير للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن قدرة روسيا على تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد دول البحر الأسود، تتيح لها الضغط عليها وابتزازها.

ويعتبر الحدّ من إمكانية حدوث مثل هذه العمليات، هو الخطوة الأولى نحو الحيلولة دون الإقدام عليها؛ لأن موسكو تقدر بحرص شديد أخطارها.

وأكد التقرير أنه يتعين على الدول الغربية زيادة قدرة جيوشها على التعاون في العمليات مع القوات المسلحة لدول البحر الأسود، وتحسين البنية الأساسية التي تستخدمها لإرسال تعزيزاتها في المنطقة.

وما يشهده البحر الأسود في الوقت الحالي من تطورات بين روسيا والولايات المتحدة والناتو، يمكن أن يتصاعد ويتحول إلى نزاع غير محمود العواقب يحاول الطرفان تجنبه.

وتسعى موسكو إلى زيادة هيمنتها على حوض البحر الأسود كمجال حيوي يضمن استمرار مصالحها الاستراتيجية في العديد من الملفات وأبرزها ملف خطوط نقل الطاقة ومجالات الأمن الإقليمي والتجارة، بالإضافة إلى جهودها لتحقيق المزيد من الهيمنة بغرض فتح المجال أمامها للوصول إلى البحر المتوسط وإعاقة نفوذ الناتو والغرب في المنطقة.

ولفت الباحث الأميركي في قضايا الأمن القومي مارك إبيسكوبوس في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية، إلى أن دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين صرح مؤخرا بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشعر بالقلق إزاء النشاط العسكري لحلف شمال الأطلسي “الناتو” في البحر الأسود.

وقال بيسكوف للصحافيين “إن الأمر مقلق تماما للرئيس الروسي وأنه تحدث عن ذلك”، مضيفا أن “العسكريين الأميركيين والروس يشاركون في مباحثات جادة لفض الاشتباك للحيلولة دون اندلاع نزاع إقليمي”.

وأضاف المحلل الأميركي أنه تردد أن بوتين أثار هذه المخاوف أثناء حديث هاتفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وجاء في بيان صحافي للكرملين حول هذا الحديث أنه “تمت ملاحظة الطابع الخطير والمزعزع للاستقرار للنشاط الاستفزازي للولايات المتحدة وعدد من دول الناتو في البحر الأسود”، مؤكدا ما تصفه موسكو بـ”الطابع غير المقرر” لهذه التحركات.

وأشار سيرجي شويجو وزير الدفاع الروسي للصحافيين في مطلع هذا الشهر إلى أن سفن الصواريخ الموجهة التابعة للولايات المتحدة والناتو تحاول اختبار القوات الروسية المحلية في منطقة البحر الأسود.

وأوضح شويجو “للتحدث بدقة أكثر، هذه بطبيعة الحال محاولة دائمة لاختبار مدى استعدادنا، ومدى فعالية منظومتنا على طول ساحل البحر الأسود وعموما في جنوب بلادنا”.

وأضاف “كما أعلم، فإنهم يخططون للقيام بتدريبات مع الدول المجاورة لنا، تدريبات مع البحرية الجورجية والبحرية الأوكرانية. ولكننا أيضا نجري تدريبات وسوف نواصل ذلك”.

ويقول مارك إبيسكوبوس “إن سفينة القيادة الأميركية ‘يو.أس.أس ماونت ويتني’ والمدمرة ‘يو.أس.أس بورتر’، اللتين تنتميان إلى الأسطول الأميركي السادس، تجريان تحركات مشتركة في البحر الأسود”.

المتحدث باسم الكرملين يصرح بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشعر بالقلق إزاء النشاط العسكري لحلف شمال الأطلسي “الناتو” في البحر الأسود

ووفقا لبيانات صحافية صادرة عن القيادات العسكرية الأميركية، فإن السفينتين بورتر وويتني موجودتان في البحر الأسود لدعم حلفاء وشركاء الناتو في المنطقة.

وجاء في بيان صادر في الخامس من نوفمبر الجاري أن حلفاء وشركاء الناتو يقفون معا لضمان سلامة واستقرار وأمان البحر الأسود، وبناء قدرة الشركاء لتحسين الفعالية والمشاركة في العمليات.

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد سافر إلى رومانيا وجورجيا وأوكرانيا في أكتوبر، لطمأنة حلفاء وشركاء واشنطن في المنطقة في وجه التوترات العسكرية المتصاعدة مع موسكو.

وترفض موسكو التدخل الأميركي في المنطقة وحشدت خلال الأسابيع الماضية قواتها قرب الحدود الأوكرانية، وأثارت تحركاتها حفيظة الناتو الذي وصفها بأنها “تجمعات كبيرة وغير عادية”.

وحذّر الأمين العام لشمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الاثنين من أن أي استفزاز أو أعمال عدوانية أخرى من جانب روسيا ستكون مصدر قلق خطير، داعيا روسيا إلى “التحلي بالشفافية في ما يخص نشاطاتها العسكرية”.

العرب