أكد مجلس الشعب (البرلمان) السوري، أمس، أن «لواء إسكندرون السليب»، في إشارة إلى مقاطعة هاتاتي التركية، «جزء لا يتجزأ من التراب السوري»، لافتاً إلى أن «السوريين سيبذلون الغالي والنفيس حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه، ومصرّون على استعادة كامل الأراضي المغتصبة وتحقيق النصر المؤزر بهمة رجال الجيش العربي السوري لإعادة الإعمار وبناء سوريا».
وكانت تركيا ضمت لواء إسكندرون في 1939، وبقي النزاع قائماً بين دمشق وأنقرة، إلى أن وقّع الجانبان اتفاق تجارة حرة في 2004، تضمن عمليات اعتراف سوريا بضمه إلى تركيا.
وقال المجلس في بيان بـ«مناسبة الذكرى الثانية والثمانين لسلخ لواء اسكندرون»، إن «الاتفاق الثلاثي بين الاحتلالين الفرنسي والبريطاني وتركيا عام 1939 لسلخ اللواء هو اتفاق عارٍ وخرق فاضح لالتزامات فرنسا كدولة، وانتهاك واضح وصريح للمعاهدة التي وقّعتها مع الحكومة السورية عام 1936 وتنص حرفياً على أن تأخذ سوريا على عاتقها جميع الالتزامات التي كانت زمن الانتداب بما فيها مناطق الاستقلال الإداري».
ويشبّه مراقبون ومعارضون التفاهمات الثلاثية التي افضت لخسارة لواء إسكندرون بالاتفاقات بين تركيا وروسيا الحالية التي أفضت إلى سيطرة فصائل موالية لأنقرة والجيش التركي على أكثر من عشرة في المائة من مساحة سوريا (نحو عشرين ألف كلم2، أي ضعف مساحة لبنان) في شمال سوريا وشمالها الغربي.
ومنع الجانب الروسي دمشق من شن عملية عسكرية في إدلب بعد تفاهمات بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين في ربيع 2020.
وقال مجلس الشعب السوري، أمس، إن «الدور التركي المشبوه لأحفاد العثمانيين وأعوانه من المرتزقة والإرهابيين، يستمر بعد كل تلك السنين من خلال الاعتداءات الإرهابية المتكررة على الأراضي السورية واحتلال بعض أجزائها وتفكيك معاملها ومنشآتها ومصانعها وسرقتها وتهريبها إلى الداخل التركي». وأشار المجلس إلى «استمرار النظام التركي بجريمة قطع المياه عن أكثر من مليون مواطن في مدينة الحسكة وجوارها، واتباع سياسة القتل والتخريب وترويع الأهالي الآمنين في مناطقهم، ونهب أملاكهم وأرزاقهم في خرق سافر لأبسط قواعد ومبادئ حقوق الإنسان والقانونين الدولي والإنساني».
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن «سلخ اللواء لم يحظ باعتراف عصبة الأمم في وقتها ولا خليفتها منظمة الأمم المتحدة فيما بعد؛ ما يعني أن اللواء من وجهة النظر الدولية سيبقى أرضاً سورية».
وبين 2005 و2011 ازدهرت العلاقات بين الرئيس بشار الأسد وإردوغان، وتضمنت تبادل زيارات وتعزيز العلاقات في جميع المجالات، وتأسيس منطقة تجارة حرة على جانبي الحدود، وتفاهماً حول نهر العاصي الذي يمر باللواء؛ الأمر الذي اعتبره الجانب التركي اعترافاً بضم لواء إسكندرون. وقال رئيس الوزراء السوري وقتذاك ناجي عطري، إن العلاقات «نموذجية».
ورداً على سؤال حول إقامة سد مشترك على نهر العاصي الذي يمر في سوريا ثم في تركيا قبل أن يصبّ في المتوسط، وإذا كان هذا السد يعني طي ملفي المياه والحدود بين البلدين، أجاب عطري «إذا كان مشروع السد سيخدم المواطنين السوريين والأتراك، فليكن هذا المشروع أحد المشاريع التي تعبر عن علاقة نموذجية بين البلدين».
ويمر نهر العاصي في لواء الإسكندرون الذي منحته فرنسا إلى تركيا في 1939 وتعتبره سوريا جزءاً من أراضيها. وقال دبلوماسي تركي، إن دمشق سحبت تحفظاتها على «القضية الجغرافية» بشأن الإسكندرون ومنطقتها، وتعتبر تركيا أن سيادتها على هذه المنطقة غير قابلة للمساومة. وأكد الدبلوماسي، أن اتفاق التجارة الحرة المبرم بين رئيسي وزراء البلدين تم التوصل إليه «بعد مفاوضات طويلة».
وبعد اندلاع الاحتجاجات في سوريا، تراجعت العلاقات بين البلدين. وأعلنت دمشق، أنها أوقفت العمل باتفاقية منطقة التجارة الحرة مع تركيا وقررت فرض رسم بنسبة 30 في المائة على المواد ذات المنشأ التركي المستوردة إلى سوريا؛ وذلك عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل.
وكانت تركيا علّقت كل التعاملات الائتمانية المالية مع سوريا، وجمّدت أصول الحكومة السورية لتنضم بذلك إلى جامعة الدول العربية وقوى غربية في فرض عقوبات اقتصادية على حكومة الرئيس بشار الأسد التي تواجه احتجاجات منذ مارس (آذار) 2011.
ونقلت «سانا» عن مجلس الوزراء الذي عقد جلسة استثنائية يوم الأحد قوله «في ضوء المصلحة الوطنية وعملاً بمبدأ المعاملة بالمثل قرر مجلس الوزراء… إيقاف العمل باتفاقية الشراكة المؤسسة لمنطقة تجارة حرة بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية».
وكانت تركيا التي بلغ حجم التجارة بينها وبين سوريا 2.5 مليار دولار العام الماضي أحد أقرب حلفاء سوريا وأقام إردوغان علاقات قوية مع الأسد. لكن مع تفاقم العنف في سوريا ساءت العلاقات بشكل متزايد بين دمشق وأنقرة ودعا إردوغان الأسد صراحة إلى التنحي.
الشرق الاوسط