إسرائيل تراهن على السلام الاقتصادي لتعزيز حضورها عربيا

إسرائيل تراهن على السلام الاقتصادي لتعزيز حضورها عربيا

تراهن إسرائيل على بوابة السلام الاقتصادي لتوسيع شراكاتها مع عدد من الدول العربية وتطوير مشاريع حيوية يندرج بعضها ضمن خانة الأمن القومي.

وصارت الدولة العبرية تمتلك مشاريع وشراكات مع خمسة بلدان عربية في قطاعات تتنوع بين الطاقة والمياه والزراعة والتكنولوجيا والصحة، وسط جهود مكثفة لإقامة شراكات مع دولة سادسة هي السودان.

ومن أقدم الدول العربية التي تعقد شراكات في قطاعات مختلفة مع إسرائيل، هي الأردن، والتي بدأت مع عقد البلدين منذ العام 1994 اتفاقية سلام تدعى “اتفاقية وادي عربة”. ورغم أن الاتفاقية كانت فاتحة لمشاريع قليلة نوعا ما، إلا أنها كانت تعدّ ضمن استراتيجيات المملكة الهاشمية لحماية أمنها القومي.

وأبرز تلك المشاريع، اتفاقية الغاز الموقعة بين البلدين في 2016، وتنص على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاما اعتبار من يناير العام الماضي.

وفي أكتوبر الماضي وقع البلدان اتفاقا لشراء عمان 50 مليون متر مكعب من المياه من تل أبيب كمية إضافية لما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام.

ثم في نوفمبر أعلن الأردن توقيع “إعلان نوايا” مع الإمارات وإسرائيل؛ للدخول في عملية تفاوضية لبحث جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه.

وتنص الاتفاقية على بناء الأردن محطة طاقة شمسية على صحرائه تحول الكهرباء الناجمة إلى إسرائيل، مقابل بناء الأخيرة محطة لتحلية المياه على البحر المتوسط، لتحويل المياه الناتجة إلى الجانب الأردني.

شراكة استراتيجية إماراتية – إسرائيلية مثمرة شملت العديد من القطاعات
شراكة استراتيجية إماراتية – إسرائيلية مثمرة شملت العديد من القطاعات
وتجد القاهرة وتل أبيب في السلام الاقتصادي مدخلا مناسبا لتطوير العلاقات بينهما، ويشكل الغاز الطبيعي وقود تلك العلاقات، إذ أعلنت القاهرة مطلع العام الماضي بدء ضخ الغاز الإسرائيلي من حقولها الواقعة قبالة سواحل البحر المتوسط، إلى محطات التسييل المصرية.

وبموجب اتفاقيات تم إبرامها في 2018 و2019، تصدّر إسرائيل 85 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر على مدى 15 عاما مقبلة.

وتبحث مصر من خلال الاتفاقية عن التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، من خلال استيراد الغاز الطبيعي وتسييله في محطاتها، وتصديره للأسواق الاستهلاكية؛ بينما ترمي إسرائيل لتسويق الغاز الطبيعي المستخرج من قبالة سواحل المتوسط.

وفي سبتمبر العام الماضي وقعت إسرائيل اتفاقات لتطبيع العلاقات مع البحرين والإمارات في واشنطن، ورغم أن عمر الاتفاقية الإماراتية – الإسرائيلية لم يتجاوز 15 شهرا، إلا أنهما وقعتا أكثر من 50 اتفاقية في مختلف المجالات.

إسرائيل عقدت شراكات مع العديد من البلدان العربية في قطاعات الطاقة والمياه والزراعة والتكنولوجيا والصحة

ففي السادس عشر من سبتمبر 2020 وقعت موانئ دبي العالمية مذكرات تفاهم مع شركة “دورتاوار”، ضمن تقييم فرص تطوير البنية التحتية اللازمة للتجارة مع إسرائيل وتعزيز الحركة التجارية في المنطقة.

وفي اليوم نفسه قال مصرف أبوظبي الإسلامي، المدرج بسوق أبوظبي المالي، إنه وقع مذكرة تفاهم مع بنك “لئومي”، ثاني أكبر بنوك إسرائيل، لاستكشاف مجالات التعاون لدى الجانبين وأسواق دولية أخرى.

وبعد ذلك بنحو شهر، أعلنت وزارتا المالية في البلدين عن التوصل إلى اتفاقية تمنح حوافز وحماية لمن يستثمر لدى الآخر. تلاها، بعد يومين، توقيع أربع مذكرات شراكة في مجالات الزراعة والحلول الذكية للري وإنتاج المياه من الهواء، على هامش زيارة وفد إماراتي لإسرائيل.

وفي مايو الماضي وقعت إسرائيل معاهدة ضريبية مع الإمارات في خطوة تهدف إلى دفع المبادلات التجارية الثنائية، وتجنب الازدواج الضريبي.

وفي يوليو وقع البلدان مذكرة تفاهم تشمل التعاون في مجالات الأمن الغذائي والبحث والتطوير الزراعي والتجارة.

وفي قطاع الفضاء وقعت وكالة الإمارات للفضاء في أكتوبر الماضي مذكرة تفاهم مع وكالة الفضاء الإسرائيلية “سي.أن.إي.أس” لتعزيز التعاون في البحث العلمي واستكشاف الفضاء.

كما وقعت مجموعة “إيدج” لصناعات الدفاع المملوكة لدولة الإمارات، وشركة “آي.إيه.آي” الإسرائيلية لصناعة الطيران، نوفمبر الماضي اتفاقا استراتيجيا في دبي، لتصميم سفن قادرة على تنفيذ هجمات مضادة للغواصات.

ومنذ العام الماضي بدأت إسرائيل عقد شراكات أيضا مع البحرين، مذكرات تفاهم تؤسس لتعاون ثنائي في عدد من المجالات، وفق وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني.

تعاون المغرب وإسرائيل يشمل البحث والتطوير والعمليات في مجال الحرب الإلكترونية
تعاون المغرب وإسرائيل يشمل البحث والتطوير والعمليات في مجال الحرب الإلكترونية
وخلال أبريل الماضي توصلت إسرائيل والبحرين إلى اتفاق للاعتراف المتبادل بالتطعيمات وما يسمى “الجواز الأخضر” الذي يحمله متلقو اللقاح أو المتعافون من فايروس كورونا.

وفي الشهر نفسه أعلنت شركة “طيران الخليج” البحرينية أنها ستبدأ تنظيم رحلات مباشرة من المنامة إلى تل أبيب وبالعكس، ابتداء من يونيو، وهو ما تم فعليا.

وفي خطوة هي الأولى من نوعها، اتفق المركز الطبي شيبا ومستشفيان في البحرين في أكتوبر على عقد شراكة ستسمح للمراكز الطبية لدى الجانبين بالتعلم من بعضها في مجالات مثل علاج السرطان والبحوث الطبية.

القاهرة وتل أبيب تجدان في السلام الاقتصادي مدخلا مناسبا لتطوير العلاقات بينهما ويشكل الغاز الطبيعي وقود تلك العلاقات

ولا ينحصر رهان إسرائيل على السلام الاقتصادي في الشرق الأوسط فقط، بل تتجه بوصلتها أيضا نحو شمال أفريقيا أين بدأت منذ العام الماضي تعزيز علاقاتها مع المغرب.

وفي ديسمبر العام الماضي وقع البلدان أربع اتفاقيات في مجالات متعددة، مرتبطة بالإعفاء من إجراءات التأشيرة، وأخرى في مجال الطيران المدني، والابتكار وتطوير الموارد المائية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال المالية والاستثمار.

وبناء على اتفاقية موقعة في يوليو الماضي، يتعاون البلدان في البحث والتطوير والعمليات في مجال الحرب الإلكترونية “سايبر”.

وعرقل المتحور أوميكرون تفعيل العمل المشترك بين الخطوط الجوية الملكية المغربية وشركة “العال” الإسرائيلية للطيران الذي كان من المقرر أن يسمح برحلات جوية بين الجانبين وإلى وجهات أخرى بدءا من الشهر الماضي. وآخر اتفاقية موقعة بين البلدين كانت الأسبوع الماضي، وهي عبارة عن مذكرة تفاهم أمنية تهدف إلى تنظيم التعاون الاستخباراتي والمشتريات الأمنية والتدريب المشترك.

ويؤكد خبراء أن هذه الاتفاقيات التي تعمل إسرائيل على تعزيزها أكثر، هي نوع من سلام إقليمي يتأسس على تعاون اقتصادي ونوع من التحالف السياسي يؤدي إلى تحجيم نفوذ إيران في المنطقة، حيث تحاول طهران تقويض أمن واستقرار عدد من الدول الهشة أمنيا مستغلة في ذلك الميليشيات الموالية لها كما هو الحال في اليمن وسوريا.

صحيفة العرب