حراك لاجتماع جديد بين “الإطار التنسيقي” والصدر في النجف

حراك لاجتماع جديد بين “الإطار التنسيقي” والصدر في النجف

شهدت العاصمة العراقية بغداد، أمس الجمعة، اتصالات مكثفة بين قيادات سياسية بارزة في البلاد، بهدف عقد اجتماع جديد بمدينة النجف لبحث الأزمة السياسية الراهنة، في تأكيد آخر على إخفاق الاجتماع الذي شهدته بغداد ظهر أول من أمس الخميس، بين قادة وزعماء ما يعرف بـ”الإطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية” من جهة، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من جهة أخرى.
ومما يعكس فشل الاجتماع، مواصلة أنصار مكونات الإطار التنسيقي، أمس الجمعة، احتجاجاتها في بغداد، إذ شهد محيط المنطقة الخضراء الحكومية المحصنة وسط العاصمة تصعيداً جديداً، بعد ظهر أمس، بعد محاولة أنصار القوى الرافضة لنتائج الانتخابات، دخول المنطقة التي تضم مبنى مفوضية الانتخابات، ومقرات الحكومة والبرلمان ومؤسسات مهمة أخرى، فضلاً عن السفارة الأميركية وعدد من بعثات الدول العربية والأجنبية. لكن مصادر محلية أكدت، لـ”العربي الجديد”، أن قوات مكافحة الشغب منعت هؤلاء المحتجين من التقدم.

وكانت قد تلت اجتماع الخميس تصريحات عدة لقيادات في التيار الصدري، أكدت ضمناً عدم التوصل لأي تفاهمات حيال الأزمة الراهنة، من بينها ما أكده رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري أحمد المطيري، الذي قال في بيان، مساء الخميس، إن الصدر أكد خلال اجتماعه مع قادة “الإطار التنسيقي” على مسألة تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”.

ولفت المطيري إلى أن الصدر شدد على أنه “في حال رغب قادة الإطار التنسيقي بالدخول في الحكومة، فعليهم بتسليم سلاح الفصائل المسلحة للحشد الشعبي، ومحاسبة الفاسدين”، في تصويب جديد نحو مليشيات محددة تُصنف نفسها على أنها فصائل مقاومة إسلامية تمتد من طهران إلى بيروت، من بينها كتائب “حزب الله” و”حركة النجباء”، اللتان تشاركان في القتال في سورية إلى جانب قوات النظام السوري.

وتابع أن “السيد الصدر لم يذهب لمنزل السيد (زعيم تحالف الفتح هادي) العامري (حيث عُقد اجتماع الخميس) من أجل تفاهمات حكومية، وإنما لسد الذريعة على من يقولون إن السلم الأهلي قد يتعرض للخطر”.

قد لا يشارك نوري المالكي وقيس الخزعلي باجتماع النجف

ترتيب لاجتماع جديد

في السياق، قال سياسيان عراقيان، أحدهما مقرب من رجل الدين وزعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم، إن “اتصالات مكثفة جارية حالياً لعقد اجتماع بمدينة النجف، ويأمل القائمون على هذا الحراك بأن يعقد الاجتماع الأسبوع المقبل، وبحضور المشاركين أنفسهم باجتماع بغداد أول من أمس الخميس”.

وأوضح أحد المصدرين أن اجتماع النجف “سيتناول الملفات نفسها التي يسعى الجميع لبحثها، وقد يعقد في منزل الصدر بالمدينة القديمة (الحنانة) هذه المرة”، فيما أكد المصدر الآخر أن الاجتماع في حال انعقاده قد لا يشارك فيه (رئيس الوزراء الأسبق) نوري المالكي، و(زعيم حركة عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي، بسبب ما وصفه بـ”تراكمات كثيرة أثّرت على العلاقة بين الرجلين والصدر خلال السنوات الماضية”.

تقارير عربية
“قوى الإطار التنسيقي” منقسمة حيال التسليم بنتائج الانتخابات العراقية
ونفى المصدر الأخير معلومات نشرتها وسائل إعلام عراقية محلية، نقلاً عن مصادر لم تسمها، بشأن حصول توافق على بعض المسائل الخلافية بين “الإطار التنسيقي” والصدر، من بينها تشكيل حكومة توافقية، مشيراً إلى الاتفاق فقط على تسمية لجنة من عدة أعضاء يمثلون الكتل السياسية المجتمعة، لإعداد ورقة أولية بشأن تصورات كل طرف والبحث عن نقاط التفاهم المشتركة.

وشهدت بغداد، الخميس، اجتماعاً هو الأول من نوعه منذ سنوات، ضم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وزعيم “المجلس الإسلامي الأعلى” همام حمودي، وزعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ورئيس “الحشد الشعبي” فالح الفياض، وزعيم حركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، إضافة إلى قيادات أخرى، منها زعيم جماعة “جند الإمام” المسلحة أحمد الأسدي، إلى جانب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وعلى عكس ما كان متوقعاً، لم يسفر الاجتماع عن عقد مؤتمر صحافي، بل انتهى بعد نحو 90 دقيقة من عقده، فيما ظهرت تسريبات من الأطراف المجتمعة، وكانت جميعها متضاربة، قبل أن يعلّق الصدر في تغريدة عبر حسابه الشخصي في موقع “تويتر”، قائلاً: “لا شرقية ولا غربية… حكومة أغلبية وطنية”، وهو ما يرفضه من حضروا الاجتماع.

الأسدي: اجتماع الخميس لم يتطرق إلى تشكيل الحكومة وتفاصيلها

الصدر متمسك بحكومة أغلبية

وقال مرشح عن التيار الصدري، فائز في الانتخابات الأخيرة، إن الاجتماع “لم يبحث كثيراً من الملفات المتوقع أن يبحثها اجتماع مهم مثل هذا”. وأضاف في حديث مع “العربي الجديد”، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن “المجتمعين على ما ظهر، كانوا متفقين مسبقاً على ما سيبحثونه مع الصدر، وأيضاً على عدم إثارة أي نقطة خلافية تتسبب بتوتير الاجتماع. لذا، كانت هناك طروحات مثل ضرورة مواجهة دعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني، وموجة العلمانية والمدنية الجديدة في العراق على اعتبار أنها ظاهرة مخلة بالأعراف الدينية والاجتماعية، ومدعومة من دول خارجية، فضلاً عن بحث مسألة خروج القوات الأميركية من البلاد في الموعد المقرر بنهاية الشهر الحالي، وهي كلها نقاط اتفاق، إلى جانب ملف الخدمات ودعم خطوات إنهاء أزمة الكهرباء تحديداً”.

وتابع المتحدث نفسه “حسب ما نُقل إلينا، فإن النصف ساعة الأخيرة كانت الأكثر أهمية، إذ أكد خلالها الصدر على أهمية تشكيل حكومة أغلبية بصلاحيات خدمية واسعة تنقذ العراقيين وتمنع تفجّر الشارع مجدداً، وهو ما اعتبره قادة الإطار التنسيقي غير ممكن وخروج عن العرف. كما أكد هادي العامري خلال الاجتماع أن اعتراضهم على نتائج الانتخابات ليس اعتراضاً على فوز التيار الصدري، بل من أجل حصول كل الكتل على استحقاقها الانتخابي”.

تجددت الدعوات لتعزيز قوات البيشمركة (يونس كيليس/ الأناضول)
تقارير عربية
العراق: حصيلة جديدة لضحايا اعتداء مخمور ودعوات لتسليح البشمركة
من جهته، قال القيادي في “الإطار التنسيقي”، وهو أحد المشاركين في الاجتماع، أحمد الأسدي، في بيان له، أمس الجمعة، إن الاجتماع “كان إيجابياً ولم يكن متوتراً”. وأضاف أن الاجتماع هو “للبيت الشيعي، ولم يحدث منذ عام 2007، وكان بمثابة جلسة مصارحة، وليس بروتوكولياً، ولم يتطرق إلى تشكيل الحكومة وتفاصيلها”.

وتابع الأسدي أن “اللقاء كان بادرة مهمة سنعمل على دعمها من أجل الوصول إلى معالجات واقعية للانسداد السياسي الحاصل في البلد”. وأكد أن “حوارات تشكيل الحكومة ستبدأ بعد حسم الدعاوى بشأن الانتخابات لدى المحكمة الاتحادية”، مشيراً إلى أن جملة “لا شرقية ولا غربية”، التي قالها الصدر أخيراً “تعد مصطلحاً إسلامياً أطلقه الإمام (روح الله) الخميني ونفتخر ونفرح كثيراً حينما يردده الصدر”.

التميمي: قد لا تتعجل المحكمة الاتحادية في المصادقة على نتائج الانتخابات لحين ظهور بوادر اتفاق

بدوره، لفت رئيس حزب “المواطنة” غيث التميمي إلى أن “الاجتماع المرتقب قد لا يصل إلى نتيجة، لكن في النهاية لا بدّ من التوصل إلى حلول للأزمة الحالية، وقد لا تتعجل المحكمة الاتحادية في المصادقة على نتائج الانتخابات لحين ظهور بوادر اتفاق”.

وأوضح التميمي، في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “الصدر يركز على أسلحة الفصائل العراقية، وهو أمر مهم وخطير بالنسبة للفصائل التي لا تمتلك الجماهير أو النفوذ السياسي أو التأثير الاجتماعي”، معتبراً أن “هذه الفصائل تشكل خطراً على شكل الدولة، كون بعضها تحوّل إلى عصابات جاهزة لاستهداف أي جماعة أو حزب أو شخصية سياسية معروفة”.

أما رئيس مركز “التفكير السياسي” للأبحاث في بغداد إحسان الشمري، فرأى أن “اجتماع الصدر بقوى الإطار التنسيقي، مبادرة لإيصال رسالة تفيد بأنه ليست لديه عداوات شخصية مع قادة الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة، فضلاً عن أنه لا يريد أن يمنح مبررات للبعض للقول إنه تجاهل قوى الإطار التنسيقي”.

وأضاف الشمري في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “وفقاً لمعلومات مؤكدة، كان الصدر واضحاً خلال الاجتماع بأنه يريد السيطرة على الحكومة، وهو ما رفضته قوى الإطار التنسيقي”، وأشار إلى أن “جزءاً من القوى الخاسرة قد يلجأ إلى معارضة الخاسرين، بمعنى أن يذهب جزء من الإطار التنسيقي مع خيارات الصدر، وجزء آخر يذهب باتجاه المعارضة من دون اللجوء إلى أي خيارات أخرى”.

العربي الجديد