يبدو أن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا مستعصية على الحل؛ حيث تشهد بين الحين والآخر المزيد من التصعيد في ظل تمسك كل دولة بموقفها، وهو ما ينذر بخطر اندلاع حرب جديدة في المنطقة قد تتسع لتتحول إلى حرب عالمية.
ويناقش العالم مجددا إمكانية إقدام روسيا على شن حرب ضد أوكرانيا، إلا أن الظروف هذه المرة تعد استثنائية.
والتقى كبار الدبلوماسيين الأميركيين الذين انضموا إلى حلف شمال الأطلسي وأوروبا في التحذير من عدوان، نظراءهم الروس الخميس في السويد، فيما يتزايد قلق الغرب من تخطيط روسيا لغزو محتمل لأوكرانيا.
وانتقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تصرفات روسيا مجددا في الصراع الأوكراني الجاري.
وقال بلينكن في اجتماع وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المنعقد في ستوكهولم إن الولايات المتحدة “قلقة للغاية جراء الأدلة التي تفيد بأن روسيا وضعت خططا من أجل المزيد من العدوان على أوكرانيا”.
أنتوني بلينكن: روسيا وضعت خططا للمزيد من العدوان على أوكرانيا
وعبرت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف عن انفتاحها لإجراء مفاوضات بمشاركة الولايات المتحدة في ما يتعلق بالصراع في أوكرانيا.
وقال لافروف بالعاصمة السويدية ستوكهولم الخميس في بداية اجتماع مع نظيره الأميركي إن “لدينا مصلحة في بذل جهود مشتركة للبحث عن حل للأزمة الأوكرانية”.
وفي أواخر أكتوبر بدأ تداول مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر تحرك قوات روسية ودبابات وصواريخ نحو الحدود الأوكرانية.
وقال مسؤولون أوكرانيون في ذلك الوقت إن روسيا أرسلت قرابة 115 ألف جندي إلى المنطقة.
ودائما تتهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو بإرسال قوات وأسلحة عبر الحدود لدعم الانفصاليين الموالين لروسيا الذين سيطروا على منطقتين شرقيتين في العام 2014 بعد وقت قصير من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وينفي الكرملين هذه المزاعم.
وعززت روسيا في السابق قواتها على الحدود الأوكرانية هذا الربيع فيما توقع بعض المحللين أن الهدف من ذلك هو جني فوائد دبلوماسية. لكن روسيا أعادت سحب تعزيزاتها بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عقد قمة بينهما.
وقال بعض الخبراء إن بوتين قد يعود إلى الحيلة نفسها مع استمرار المحادثات بشأن عقد قمة أخرى.
وأشار آخرون إلى أن أوكرانيا أغضبت روسيا باستخدام طائرات مسيّرة صنعت في تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي.
ويأتي التعزيز العسكري الروسي فيما نشر الجيش الأوكراني لقطات لما قال إنه أول استخدام له لطائرة مسيّرة تركية الصنع ضد الانفصاليين.
واتهم بوتين الغرب بتجاهل “الخطوط الحمراء” لروسيا من خلال إجراء تدريبات في البحر الأسود وإرسال أسلحة حديثة لكييف مطالبا “بضمانات قانونية” من حلف شمال الأطلسي بعدم التوسع شرقا.
وفي مقال نشر في يوليو، وصف بوتين أوكرانيا بأنها معقل تاريخي للشعب السلافي وحذر الغرب من محاولة قلبها ضد روسيا.
وكتب فيه “لن نسمح أبدا باستخدام أراضينا التاريخية والأشخاص القريبين منا الذين يعيشون فيها ضد روسيا”.
وأضاف “وللذين سيشرعون في محاولة مماثلة، أقول لهم إنهم بهذه الطريقة سيدمرون بلادهم”.
والأربعاء حذّر لافروف من “مغامرة عسكرية” أوكرانية بعدما قالت وزارته إن كييف نشرت قرابة 125 ألف جندي في الشرق.
العالم يناقش مجددا إمكانية إقدام روسيا على شن حرب ضد أوكرانيا، إلا أن الظروف هذه المرة تعد استثنائية
ونفت روسيا مزاعم تحضيرها لغزو واصفة إياها بأنها “هستيريا”، وقال بوتين إن موسكو لم تغز هذا الربيع كما كانت قد أشارت إليه مخاوف مماثلة.
وقال ألكسندر بونوف من مركز كارنيغي في موسكو إنه “لا يستطيع تخيل غزو دون سبب” متسائلا عما ستكسبه روسيا من ذلك. غير أن بعض العمليات العسكرية الروسية الأخرى تطورت بسرعة.
وفي العام 2008 قصفت روسيا أهدافا في جورجيا بعدما أرسل رئيسها آنذاك ميخائيل ساكاشفيلي قوات لمحاربة الانفصاليين.
وفي نوفمبر قارن جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي الوضع الحالي في أوكرانيا بالوضع في جورجيا عام 2008، ودعا زيلينسكي إلى عدم ارتكاب الخطأ نفسه الذي ارتكبه ساكاشفيلي مذكرا إياه بأن “ذلك كلفه غاليا”.
ويضيف بونوف أنه على الرغم من أن التصعيد الحالي يشبه التصعيد الذي حدث في الربيع، دخلت مجموعة كبيرة من الظروف الجديدة في الموقف. وقد انتهكت وزارة الخارجية الروسية محظورا دبلوماسيا من خلال نشر مراسلات دبلوماسية سرية مع ألمانيا وفرنسا بشأن أوكرانيا: وهو أمر كان بحاجة إلى الحصول على موافقة من أعلى المستويات في الدولة.
ويحذر المحلل السياسي من أن استعادة أوكرانيا لدونباس بالقوة، فإنه سيتحول إلى السيناريو الثاني على الفور، وهو غزو روسيا لأوكرانيا. ولن يكون هناك وقت كاف لدى الصحافيين والسياسيين الغربيين لاتخاذ قرار بشأن من الذي بدأ الحرب، أو الدافع وراء ذلك، نظرا لأن تحرك أوكرانيا سيكون على أرض يعترف المجتمع الدولي بأنها تابعة لها، على عكس روسيا التي سيتم وصفها حتما بالطرف المعتدي.
صحيفة العرب