شركات الأسلحة تجنبت الركود الناجم عن كورونا بمساعدة الحكومات

شركات الأسلحة تجنبت الركود الناجم عن كورونا بمساعدة الحكومات

ستوكهولم – قبل نحو عامين، وعندما بدأت جائحة كورونا في الانتشار عالميا، رجح خبراء عسكريون أن تواجه مبيعات الأسلحة أكبر ركود لها مع تعرّض حكومات الدول إلى ضغوط مشددة لكبح الإنفاق العسكري بسبب أولويات فرضتها الأزمة الصحية الطارئة، وهو ما قد يقوض أيّ خطة لزيادة تمويل الحروب على المدى البعيد.

لكن معظم صناع القرار في دول العالم سلكوا طريقا غير متوقع فيما يتعلق بمسألة الإنفاق الدفاعي، فرغم تداعيات جائحة كورونا التي أضرت بالعديد من القطاعات إلا أن شركات الأسلحة لم تكن من بين المتضررين الكبار، واستطاعت تجنب الركود الناجم عن أزمة الوباء بفضل مساعدة الحكومات.

وأفاد تقرير نُشر الاثنين بأن أكبر مصنعي الأسلحة في العالم تجنّبوا إلى حد كبير تداعيات التباطؤ الاقتصادي الناجم عن كوفيد – 19 وسجلوا نموًا في الأرباح العام الماضي للسنة السادسة تواليا.

وفي العام 2019، سجل الإنفاق العسكري أكبر زيادة خلال عقد مع نمو بنسبة 4 في المئة، وسط تزايد التنافس بين القوى العظمى والسباق على حيازة التقنيات الجديدة.

ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، واصلت الحكومات في كل أنحاء العالم شراء الأسلحة خلال الوباء، كما اتخذ بعضها إجراءات لمساعدة الشركات الكبيرة للأسلحة.

الطلب الحكومي على السلع والخدمات العسكرية حمى المصنعين من تداعيات جائحة كورونا

وتعدّ الصراعات المسلحة لاسيما في منطقة الشرق الأوسط أحد الدوافع الرئيسية للطبيعة المتقلبة للإنفاق العسكري بالنسبة إلى الدول. وتنتشر الأزمات على العديد من المحاور مثل اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وأيضا أفريقيا في القرن الأفريقي وجنوب الصحراء وفي منطقة الساحل وبحيرة تشاد، أين تواجه سلطات الدول والقوات الدولية الداعمة لها العديد من النزاعات المسلحة مع التنظيمات الجهادية الموجودة هناك، مما زاد الإنفاق العسكري بشكل كبير.

ويعتبر خبراء عسكريون أن السباق نحو التسلّح بات شرّا لا بدّ منه خاصّة بالنسبة إلى البلدان التي تسعى لحفظ أمنها الإقليمي والقومي، وعلى رأسها بلدان الشرق الأوسط، وكذلك الشركات المصنعة للأسلحة التي تعمل هي الأخرى للحفاظ على مصالحها وأسواقها الحيوية وممارسة نفوذها على الحكومات للتخفيف من وطأة تأثيرات الجائحة عليها.

وبشكل عام، يكشف تقرير “سيبري” أن أكبر 100 شركة للأسلحة شهدت ارتفاعا في أرباحها بنسبة 1.3 في المئة عام 2019 إلى مستوى قياسي بلغ 531 مليار دولار رغم انكماش الاقتصاد العالمي بأكثر من 3 في المئة.

واحتلت خمس شركات أميركية كبرى مرة أخرى الترتيب العالمي. وعززت “لوكهيد – مارتن” التي تنتج مقاتلات إف – 35 وأنواعا مختلفة من الصواريخ، مركزها الأول بمبيعات بلغت 58.2 مليار دولار، متقدمة على شركة “رايثيون تكنولوجيز” التي احتلت المرتبة الثانية بعد إتمامها عملية دمج كبيرة، تليها شركات “بوينغ” و”نورثروب غرومان” و”جنرال داينامكس”.

وحلت شركة “بي أيه إي” سيستمز البريطانية في المرتبة السادسة، وهي أعلى الشركات الأوروبية مرتبة، متقدّمة بقليل على ثلاث مجموعات صينية.

ومن بين البلدان الأكثر إنتاجًا، والتي شهدت انخفاضًا في مبيعات شركاتها العام الماضي نجد فرنسا وروسيا.

ويرجّح الخبراء أن تكون لوبيات الصناعة العسكرية مارست ضغوطا أكبر على الحكومات لحثّها على عدم التفكير في خفض نفقات التسليح مهما كانت الظروف، ومهما أضر فايروس كورونا بالحركة الاقتصادية عامة، خاصة وأن تلك الحكومات أمعنت في الإنفاق عندما كانت تخوض الدول الكبرى حروبا على الإرهاب وحتى لتعزيز مستويات الأمن داخليا، حيث قامت بصرف المليارات من الدولارات خلال السنوات الماضية بهدف تخصيص جزء من الميزانيات الحكومية لقطاع التسلّح والدفاع على حساب قطاعات أخرى.

أكبر 100 شركة للأسلحة شهدت ارتفاعا في أرباحها بنسبة 1.3 في المئة عام 2019 إلى مستوى قياسي بلغ 531 مليار دولار رغم انكماش الاقتصاد العالمي بأكثر من 3 في المئة

وقال معهد “سيبري” في تقييمه السنوي لشركات الأسلحة إن “الطلب الحكومي المستمر على السلع والخدمات العسكرية” حمى “المصنّعين العسكريين إلى حد كبير”.

وأشار المعهد الذي يتخذ من السويد مقرا له، إلى أن الشركات استفادت من ضخ السيولة على نطاق واسع في الاقتصادات، فضلاً عن تدابير محددة اتُخِذت لمساعدة شركات الأسلحة، مثل المدفوعات المعجلة أو جداول الطلبات.

وبما أن العقود العسكرية تمتد عادة لسنوات طويلة، كانت الشركات قادرة على تحقيق مكاسب قبل أن تترسخ الأزمة الصحية.

وقال التقرير إنه “على الرغم من هذه العوامل وغيرها، لم يكن إنتاج الأسلحة العالمي محصنًا تمامًا من تأثير الوباء”.

وسلط التقرير الضوء على أن معدل الزيادة في الأرباح قد تباطأ بشكل كبير بين عامي 2019 و2020، مشيرا إلى أن التدابير المتخذة لوقف انتشار فايروس كورونا المستجدّ عطلت سلاسل التوريد في قطاع الأسلحة.

وكان التقرير السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطاني، كشف في مارس الماضي أن الإنفاق العسكري العالمي سجل رقما قياسيا على الرغم من وباء كوفيد – 19 والأزمة الاقتصادية الناجمة عنه.

وأشار التقرير إلى أن هذه النفقات بلغت 1.83 تريليون دولار العام الماضي بزيادة من حيث القيمة الحقيقية بنسبة 3.9 في المئة مقارنة بالعام 2019.

والدول الخمس الكبار من حيث الإنفاق، ومن بينها روسيا والسعودية، أنفقت جميعها أكثر من 60 في المئة من حجم الإنفاق العسكري العالمي. أمّا ألمانيا التي حلّت سابعة وراء فرنسا، فسجّلت من جهتها أقوى زيادة في لائحة الدول الـ15 الأكثر إنفاقا.

العرب