عن طبول حرب بوتين في أوروبا

عن طبول حرب بوتين في أوروبا

لا شيء يبدو حاسماً بعد محادثات الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. فطبول الحرب التي تقرع في أوكرانيا، ربما عمداً من موسكو، وتحديد موعدها بداية العام المقبل، ليست في بعض القراءات الغربية سوى لعبة “روليت” لانتزاع تنازلات غربية.

الغرب الذي يأخذ على بوتين انتهاجه سياسة “القضم التدريجي”، إن في شبه جزيرة القرم (2014) ومناطق سيطرة المتمردين في شرق أوكرانيا، أو توسيع وجوده العسكري في بيلاروسيا، متهم بنفسه بمحاصرة روسيا.

فموسكو تشعر بقلق من تحوّل “تعهدات” أميركية لآخر زعيم سوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، عام 1990، إلى توسع “الأطلسي” بما يتجاوز 960 كيلومتراً عن ألمانيا.

الروس يدركون أنهم محاصرون أكثر، ليس فقط بضغط الأوضاع الداخلية والعقوبات الغربية، بل بانضمام دول “حلف وارسو” السابق والبلطيق إلى حلف شمال الأطلسي، وتعاون السويد وفنلندا معه، ووجود غربي في البحر الأسود، معتبرين ذلك “استفزازاً”.

وتحت عنوان “الخطوط الحمراء”، تشكّل أوكرانيا وبيلاروسيا بالنسبة لروسيا آخر جدران الصد بوجه توسع “الأطلسي”. وعلى الرغم من ذلك، يبقى سيناريو وقوع الحرب في التفكير الغربي حاضراً، على الأقل لمحاصرة شررها في أوكرانيا. وبالنسبة لبعض المتخصصين بالشأن الروسي، فإن هذا السيناريو يمكن أن يكون “دامياً” لموسكو، ومن دون تدخّل الحلف الأطلسي مباشرة، بل بدعم الأوكرانيين لخلق ما يشبه أفغانستان أوروبية للقوات الروسية، التي يُقدر أن تخسر الآلاف.

ومن الممكن أن يتزامن ذلك مع ضغوط وعقوبات هائلة، وهي أكثر ترجيحاً مع حكومة ألمانية جديدة وضعت مبادئ سياسة خارجية تقوم على “القيمية”، وبما يهدد خط الغاز الروسي “نورد ستريم 2″، وقطع طريق الاعتماد على الطاقة منه.

وليس سراً أن الصورة العامة لسياسات الكرملين في الشارع الغربي ليست في مزاج تظاهرات فترة قرع طبول حرب غزو العراق في 2003. صحيح أن مقربين من بوتين يقيمون علاقات في الغرب مع جماعات أقصى اليسار والتطرف القومي (يمين متشدد وفاشيين)، وبعض طبقات الأعمال، لكن ذلك ليس وازناً للضغط على صنّاع القرار، بل على العكس، يساهم ذلك في التحريض على موسكو.

باختصار، يصعب على الغرب الوقوف مكتوف الأيدي، أو متخلياً تماماً عن قضم واسع لأوكرانيا. وإذا لم يصل الغرب إلى “تسويات” جديدة مع موسكو، أقل من رغبات بوتين بخلق انطباع عن منجزات “قومية”، وأنه يؤسس لعالم “متعدد الأقطاب”، فإن قرع طبول الحرب سيتواصل، مع كل ما سيستدعيه من عقوبات مؤلمة وضاغطة على وضع روسي، هو بالأصل ليس بخير.

العربي الجديد