قبل أشهر تم إطلاق ترويج لعملة رقمية في محافظة الأنبار غربي العراق تحمل اسم “حزم” وعندما أُعلن عنها وُصفت بأول عملة رقمية في الوطن العربي، كما أعلن أن الاستثمار فيها سيدر أرباحا كبيرة. لكن سرعان ما هوت قيمة “حزم” إلى سنت واحد بعد أن كانت تقدر بنحو 60 سنتا، مما سبب خسائر كبيرة خلال فترة وجيزة.
ومحمد العرب مؤسس عملة “حزم” من أصول عراقية، ومن مواليد مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار.
تحذير
وبعد خسائر كبيرة تعرض لها مشترو “حزم” الشهر الماضي، أصدر البنك المركزي تحذيرا من التعامل بالعملات الرقمية، مبيّنا أنه لا يكفل مثل تلك العملات ولا يوفر الحماية القانونية لمن يتعامل بها.
وقال “المركزي” في بيان صحافي إنه يتابع عن كثب التعاملات في سوق العملات الرقمية والمشفرة والافتراضية، مشيرا إلى مخاطر كبيرة مرتبطة بتلك العملات وعدم خضوعها لأية ضوابط أو تشريعات قانونية أو رقابية أو فنية في العراق.
الدوبرداني وصف “حزم” بالهشة لافتقارها التسويق من قبل مروجها العرب (الجزيرة نت)
هشة
يتحدث المختص في العملات الرقمية إيفان الدوبرداني عن عملة “حزم” بأنها عملة رقمية حالها كبقية عملات توكن (token) التي تعتمد على التسويق وإستراتيجية الضخ والتفريغ وأي نوع من الحيل التي يتبعها الكثير من مؤسسي العملات الرقمية المشفرة، وتحديدا من صانعي توكن، مشيرًا إلى أن العرب لم يكن مؤهلا ولم يفلح في التسويق لـ “حزم”.
ويصف الدوبرداني للجزيرة نت “حزم” بالهشة وأن الكلام بمقارنتها مع البتكوين بالساذج، كمثل المقارنة بين قوة الدولار الأميركي وعملة البوليفار الفنزويلي المنهارة.
وأشار إلى أن كلفة استخراج العملة المشفرة مختلفة من دولة إلى أخرى حيث تبلغ في الصين أكثر من 3 آلاف دولار، وفي الولايات المتحدة قرابة 5 آلاف، وفي كوريا الجنوبية 26 ألفا، وتحتاج عملية الاستخراج إلى طاقة كهربائية كبيرة وأجهزة حاسوب بأعلى المواصفات.
هناك نوعان من العملات الرقمية المشفرة كوين وتوكن، الأولى عملة رئيسية لديها بلوكتشين (نظام سجل إلكتروني) خاص كالبتكوين، وإيثيريوم وسولانا وكاردانو، والثاني عملة فرعية تبنى على كوين ولا تملك بلوكتشين خاص بها، وفي الغالب يتم بناؤها على بلوكتشين آخر.
ضحايا
ومن ضحايا “حزم” المتداول زين العابدين (اسم مستعار) الذي قال للجزيرة نت إن تعامله بهذه العملة عرضه لخسارة كبيرة.
ويقول زين العابدين إن مدة تداوله بعملة “حزم” كانت 30 يوما “عندما كان سعر العملة الواحدة 56 سنتا” حيث قام بشراء عددا منها بـ 800 ألف دينار (551 دولارا).
وأضاف أنه في اليوم الأول للتداول حقق ربحا بنحو 100 ألف دينار (68 دولارا) ثم بعدها خسر 700 ألف دينار (482 دولارا) بعد هبوط قيمة “حزم” من 56 إلى سنت واحد.
واعتبر المتداول أن “حزم” عملية نصب واحتيال لأنها توكن وليست كوين، ولا يوجد لديها أي مشروع، وتعتبر سكام Scam (عملة رقمية بوسائل غير قانونية) حيث قام صاحبها العرب بتحويل عملات من محفظته إلى محفظة أخرى ما قيمته 600 مليون دولار حسب قول زين العابدين.
ابتزاز
واعتبر العديد من مواطني الأنبار أن “حزم” جاءت لإغراء المتداولين، وبالتالي استغلال الناس وخاصة الشباب منهم في ظل تفشي البطالة والأزمات المالية.
واتهم أحد سكان المحافظة (رافضا ذكر اسمه) شخصيات سياسية من المحافظة دون أن يحددها بالوقوف وراء “حزم” بهدف تحقيق مكاسب على أكتاف السكان “من خلال توفير غطاء للكسب غير المشروع”.
وأشار إلى أن الكثير من ضحايا “حزم” تعرضوا لأزمات صحية وحالات هستيرية بسبب خسارة أموالهم، وذلك بعد بيع سياراتهم أو مقتنيات زوجاتهم من الذهب.
أما بخصوص الترويج لهذه العملة -حسب أحد الأنباريين- فقد كان بادئ الأمر عبر مواقع التواصل للترغيب بشرائها، إضافة إلى أن العرب قام بنشر أسماء أشخاص في الأنبار بأسماء منظمات مجتمع مدني بحجة مساعدة الفقراء بالمعونات الغذائية خلال فترة ما قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة لكسب ودهم.
مصيدة
ويقول المختص في الإدارة المالية الدكتور علي النصيفي إن “حزم” غير رسمية ولا تخضع للبنك المركزي قانونيا، وستكون نافذة للنصب النقدي.
وأكد للجزيرة نت ضرورة توقف العراقيين عن التداول بالعملات الرقمية لحين توفر بيئة تشريعية وقانونية، تكون العمليات الرقمية في النقد خاضعة لولاية البنك المركزي والقضاء العراقي حتى تتم حمايتهم.
وحذر النصيفي من الوقوع في مصيدة النصب النقدي كما حدث في تركيا التي لديها قوانين صارمة في المداولة الإلكترونية، ولكن لم تستطع منع رجال أعمال استغلوا ثغرات قانونية واستطاعوا القيام بعمليات نصب، وهربوا بعد جمعهم أكثر من ملياري دولار.
المصدر : الجزيرة